ظل السودان لفترات عديدة يواجه بين الحين والآخر أزمات من قبل المجتمع الدولي، وما إن يتنفس الصعداء من إحدى الأزمات التي يمر بها إلا وكانت أزمة أخرى تستلزم العلاج والمخرج الآمن، غير أن قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بتجديد بعثة اليونميد في السودان الأسبوع الماضي قوبل بالرفض القاطع لتغيير طبيعة وتفويض ولاية البعثة المشتركة بين الاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة «يونميد» في دارفور، فيما أكدت الحكومة رفضها التام للإشارات السالبة في ضوء قرار تجديد الفترة الزمنية للبعثة من قبل مجلس الأمن ووصفت القرار بأنه يمس سيادة البلاد فضلاً عن كونه محاولة للتدخل في الشؤون الداخلية للسودان وتشويه صورة البلد أمام العالم.. وبالرغم من تمسك الحكومة برفضها القاطع للقرار القاضي بعمل البعثة على معالجة التحديات في كل السودان بدلاً من اقتصارها على دارفور فقط، إلا أنه ربما يفتح الباب على مصراعيه للسودان ويجعله في خط مواجهة جديدة مع المجتمع الدولي نتيجة رفضه للقرار، وتوقع عددٌ من المراقبين بداية مسلسل كلاسيكي لأزمة مع المجتمع الدولي في مقبل الأيام القادمات ومع استمرار الأزمات المستعرة حاليًا وعلى رأسها دارفور من جهة وعدم توقف المعارك والقتال في جنوب كردفان فضلاً عن ركود ملف القضايا العالقة مع دولة الجنوب وإكمال ما تبقى من استحقاقات اتفاقية السلام. غير أن تصريحات وزير الخارجية علي كرتي أمس عقب لقائه بنظيره الصيني بأن القرار 2003 به كثير من التشوهات المشينة على السودان مؤكدًا أن للصين دورًا كبيرًا في تنقيح الفقرة التي تضمنت مسألة المحكمة الجنائية، وبالرغم من ذلك أبدت الحكومة موافقتها على قرار التمديد وفقًا للقرار 1769 ببقاء بعثة اليومنيد لسنة في دارفور، اللافت للأمر أن ثمة خلافًا ما بين الحكومة والحزب الحاكم «المؤتمر الوطني» إذ إن الأول أبدى موافقة على التمديد بينما الأخير بحسب تصريحات المكتب القيادي للحزب الأسبوع الماضي تمسك بالرفض القاطع لفكرة تمديد بعثة يونميد نهائيًا بالسودان. واعتبر المحلل السياسي عبدالله آدم خاطر، في حديثه ل«الإنتباهة» أن السودان جزء من المنظومة الدولية وأن ما حدث في دارفور يعتبر مهددًا للسلام الإفريقي والدولي، وقال إن أي قرار تم من قبل الأممالمتحدة كان بغرض مساعدة حكومة السودان، وكشف أن حكومة السودان تضيق الخناق على نفسها بخلق جبهات مواجهة لتعطيل العملية السلمية، وأكد أن القرار الصادر ببقاء بعثة اليونميد لم يكن به نوع من التهديد والضغط على السودان، إلا أنه استدرك قائلاً إذا الحكومة عندها مسائل غير السلام ربما تدخل في مواجهة مع المجتمع الدولي، وقال خاطر إن القضية ليست قضية مخاطر على السودان بقدر ما إنها عدم ثقة بين الحكومة والمؤسسة الدولية، فضلاً عن أن المجتمع الدولي عنده شكوك حول نوايا حكومة السودان في عدم الالتزام بحلحلة المشكلات الموجودة في السودان، ويعتقد خاطر أن ليس للمجتمع الدولي مؤامرة ضد السودانيين أو ضد حكومة السودان، وإذا كان يريد فرض واقع جديد على السودان لكان فرضه قبلاً، وقال: علينا نحن السودانين حل مشكلاتنا دون تصعيدها إن قرار الأممالمتحدة رقم «2003» الصادر في العام «2011» أتى إجماعاً لأعضاء مجلس الأمن الدولي، وتوقع خاطر أن تزداد الضغوط الدولية خلال الأيام المقبلة على الخرطوم بعد رفضها، وقال إن المؤتمر الوطني ظل طوال فترة النزاع المسلح في دارفور يعمل على تقليل دور المجتمع الدولي للوصول إلى سلام متفق على مفاهيم بين مختلف الحركات والمتمثل في إنهاء حركة التمرد، وأشار إلى أن ذلك لم يحدث، مما اضطر الحزب الحاكم للقبول بمبدأ الحوار إلى أن وصل إلى وثيقة الدوحة.