عم عبد الجليل معاشي تخطى الستين عاماً عمل طوال عمره في سلك التعليم منذ أن أكمل المرحلة الثانوية وتم تعينيه كمعلم في مرحلة الأساس في فترة السبعينيات وحالت ظروف أسرته دون إكماله دراسته الجامعية رغم أن التعليم وقتها كان مجاني إلا أن منزلهم به أفواه مفتوحة ووالده مزارع بسيط يعاني من خصام الأوراق المالية لجيبه المهترىء.. ومن وقتها وعم عبد الجليل يعول أسرته الكبيرة إلى أن أكمل إخوته تعليمهم ونسى نفسه في ظل هذه الظروف الصعبة خصوصاً بعد أن أصبح التعليم قاصمة ظهر ويحتاج جهاد فقامت شقيقته بالتضحية هي الأخرى وعملت أيضًا في سلك التعليم دون إكمال تعليمها ولكن بعد سنوات تزوجت من زميل لها بالكاد يكفي راتبه مع راتبها لفتح منزلهما ولما انتبه عبد الجليل لنفسه كان على أعتاب الخمسين فتزوج من قريبة له ربة منزل وبعد أن أنجبت له ثلاثة أطفال وجدت ورقة المعاش في وجهه وأطفاله في بداية سلمهم التعليمي ومما زاد من كربه النظام المعاشي العجيب؛ فالمعلم عندما يحال للمعاش يظل ينتظر لأكثر من عام قبل أن يستلم جنيه واحد ويمر بتعقيدات طويلة قبل أن ينزل معاشه في المعاشات ولا يلقي أذن صاغية من الموظفين فترى عبدالجليل يحمل أوراقه من منزل لآخر وفي عينيه نظرة كسيرة تجعلك تأسف لمربي أجيال يعنفه موظف في سن أبنائه!