حالة من الفوضى والاستياء العام شهدها المجلس الوطني في الأسبوع الماضي إثر إعلان رئيسه إجازة المرحلة قبل الأخيرة من السمات العامة للموازنة الجديدة دون إدراج قانون حصانات وامتيازات شاغلي المناصب الدستورية بالدولة بالموازنة الذي كان مقترحاً من عضو المؤتمر الوطني عواطف الجعلي حملها تقرير لجنة التنسيق في مرحلة القراءة الثالثة برهن إجازة الموازنة في مرحلة العرض الثالث إلا باجازة قانون مخصصات وامتيازات شاغلي المناصب الدستورية ومراجعة هيكلة الدولة، توصية عبرت عن رغبة النواب الملحة في تنفيذ الأمر، وظهر ذلك جلياً من ارتفاع أصواتهم بالتهليل والتكبير تعبيرًا عن مباركتهم عندما قرأ رئيس لجنة التنسيق والصياغة التوصية على البرلمان إلا أن الأحداث بدأت تتسارع بوتيرة سريعة عندما وضع الرئيس النواب على المحك وما صاحبه من أحداث اعتبرها البعض نقضاً وحنثاً لقسم النواب الذين تبدلت قناعاتهم عندما لوح رئيس البرلمان بإسقاط الموازنة وإرجاعها لوزارة المالية في حال تمسك النواب بموقفهم الأمر الذي قاد إلى زعزعة قرار النواب لا سيما عندما طلب منهم أن يكون التصويت للمرة الثانية بوقوف الأعضاء.. وبالعودة إلى الغموض حول قانون مخصصات النواب نجد أن القانون ظل حبيس الأدراج منذ سنين عدة في انتظار فرصة الطرح في البرلمان عند كل موازنة جديدة دون جدوى إلا أن الأمر كاد يكون بعيدًا عن التصديق منذ الوهلة الأولى لقرار النواب ولعل تلك الوقفة التي وئدت كانت نتاج القوانين التي نصت بأن لا يجوز مناقشة أي قانون إلا بالتزامن مع موازنة العام وإجازة أي تعديل ليكون مواكبًا والامتيازات التي يتمتع بها الدستوريون من مخصصات راتب وسكن وعلاج وسفر وتعليم الأبناء وسيارتين وحصانة يراه البعض يفوق دعم المحروقات وزيادة سعر البنزين التي سعى إليها وزير المالية الاتحادي علي محمود بصورة مميتة خلال طرحه لمشروع موازنة العام 2012م الخبير الاقتصادي بروفيسور ميرغني بن عوف يقول: إن حجم المخصصات للدستورين أقل بكثير من حجم آدائهم مضيفًا أن الترهل الذي تشهده الدوائر الحكومية مقصود والضغوط كانت مبررة وذلك لأن الدستوري في عرف القانون هو الشخص الذي عيَّنه رئيس الجمهورية أو تم انتخابه وأدى القسم أمام الرئيس، أما ما يحدث الآن من احتساب المعتمدين بالولايات ومجالس الولايات بخلاف ما يحدث في بقية دول العالم من حيث مستوى اقتسام السلطة أو تمثيل المواطنين مبيّناً أن الشعب لا يمانع في حجم المخصصات إذا كانوا يؤدون واجباتهم ويخدمون مواطنيهم بجانب ترشيدهم لأموال الدولة وقال في جميع دول العالم يعد البرلمان سيد الحكومة وأقوى منها ما عدا في السودان وتظل المطالبة بخفض وترشيد الانفاق الحكومي مربوطة بتعديل قانون حصانات وامتيازات شاغلي المناصب الدستورية لسنة 2001م ومراجعة هيكلة الدولة الذي تم إسقاطه على مدى ثماني دورات للموازنة الأعوام السابقة الذي يراه البعض لا يخلو من المزايدة السياسية فقط إضافة إلى أن التشوهات في جسد الاقتصاد السوداني ليس لها صلة من قريب أو بعيد برفع الدعم عن المحروقات أو زيادة الضرائب.