على غير عادته منذ وصوله الى السودان وتوليه مهام رئاسة سلطة دارفور بدأ د. التيجاني السيسي حديثه وهو يخاطب الأساتذة والمثقفين من أبناء دارفور بالجامعات والمعاهد العليا بلغة لم تستعص كثيراً على فهمهم من خلال استخدامه لمصطلحات وعبارات باللغة الانجليزية في تناوله للعديد من القضايا التي تهم أهل دارفور وتحديات تنفيذ وثيقة الدوحة.. واللقاء التفاكري الأول لأساتذة الجامعات والمعاهد العليا الذي نظمته المؤسسة القومية للتنمية والاستقرار بالتعاون مع منتدى أساتذة دارفور ومراكز السلام بجامعات ولايات دارفور، يعتبر الأول من نوعه، وحضره العديد من قيادات أبناء دارفور بتشريف وزير التعليم العالي بروفيسور خميس كجو، ووزير الدولة د. أحمد الطيب، والحديث عن ضرورة إشراك الحضور في تنمية وإعمار الإقليم ابتدره المدير التنفيذي للمؤسسة القومية للتنمية والاستقرار محمود عبد الكريم الذي أكد أهمية الدور الذي تلعبه الجامعات، إلا أن رئيس السلطة الانتقالية تناول بشيء من الاهتمام العديد من قضايا دارفور ومتطلبات المرحلة المقبلة، مشدداً على أن أهم أولويات السلطة عدم السماح بالاعتداء على المال العام ومحاربة الفساد، مشيراً إلى أن الأموال التي صرفت لإحداث الأمن والاستقرار في دارفور كانت تكفي لجعل دارفور «جنة». وأضاف في لهجة تحذيرية «لذا فإننا في الفترة القادمة لن نسمح بأية تجاوزات مالية وتوقيع أي شيك مالي دون إمضاء شخصين فقط هما مدير الحسابات ومدير المالية، منعا لأية تجاوزات قد تحدث». وحول التوظيف والتشكيل الجديد المتوقع للسلطة خلال أيام، أشار السيسي إلى أنهم لن يسمحوا لأي شخص في سلطة دارفور بتعيين أقربائه في أية وظيفة، مؤكداً أن الالتحاق بأية وظيفة سيتم من خلال لجنة اختيار تقوم بدورها باختيار من يستحق دون أية وساطة. وعن الأزمات التي كثر الحديث عنها حول إعفاء الولاة قال: إن الولاة هم أعضاء في السلطة، وبالتأكيد هنالك ضرورة حتمية لحل حكومتي ولايتي جنوب وغرب دارفور وإعادة تكوينهما. وأضاف في لهجة حاسمة «إن استتباب الأمن في دارفور أهم من أي موقع، وإن السلطة لن تقبل أي والٍ مشاكس، وإذا لم يتعانوا مع السلطة الإقليمية فعليهم أن يتركوا مناصبهم»، مؤكداً أن مقر السلطة سيكون في دارفور، وقال: «سيتم نقل كل المصالح الى هناك، ولن تكون هناك حاجة أو داعٍ لترتيبات بشأن الوزارات والترتيبات التى تأخذ وقتاً ومالاً، بل إذا دعا الأمر سنجعل من الخيام و«القطاطي» مكاتب للوزارات»، وحول دور أساتذة الجامعات أضاف قائلاً: «يجب أن توفر كل المعينات لأساتذة الجامعات، وتوفير بيئة مناسبة حتى تساعد وتسهم علمياً في تطوير وتحسين الإقليم من خلال البحوث والدراسات». ومن ناحيته أكد الوزير خميس كجو أهمية الاستعانة بأساتذة الجامعات لتنفيذ جوانب الاتفاقية، وذلك بتأسيس أوراق بحثية تعد بطريقة علمية للنهوض بدارفور. وأكد أن هنالك إشكالية في إعفاء أبناء دارفور بالجامعات من الرسوم، ويجب ألا يعمم هذا القرار على كل أهل دارفور، ويجب أن تكون هناك إحصاءات توضح من يملك الحق. وأجمع العديد من أساتذة الجامعات من أبناء دارفور على العديد من القضايا التي يجب أن تكون من أولويات سلطة دارفور، أهمها استتباب الأمن وخلو الإقليم من السلاح والحركات المسلحة، وكذلك عودة النازحين إلى أراضيهم. والمتتبع للقاءات السيسي التي شملت أغلب فئات المجتمع المدني بما فيها الأحزاب السياسية معارضة وحكومة، يلحظ بما لا يدع مجالاً للشك أن الرجل حاول أن يجعل لقاءه هذه المرة بالتكنوقراط من الخبراء في المجالات المختلفة، لطرح القضية على طاولة ربما تسعفه لإنجاح المهمة التي تبدو أكثر صعوبة قبل أن يولي وجهه شطر الإقليم المليء بالقضايا.