عندما تنال أية دولة استقلالها فإن من أهم أهدافها الاستفادة من مواردها وثرواتها الطبيعية وتفعيلها بغرض الخروج من دائرة التخلف الاقتصادي وتحقيق نهضة اقتصادية وتنمية متوازنة بين مختلف أقاليم البلاد ومعالجة الآثار السالبة لفترة الاستعمار على كل الأصعدة، ومن أهمها الصعيد الاقتصادي، وتحقيق رفاهية الشعب. ولكن ما هو حصادنا الاقتصادي بعد مرور أكثر من نصف قرن من الزمان على الاستقلال السياسي؟ وهل الترتيب الذي يحتله السودان اليوم في قائمة (تطوُّر الاقتصادات عالمياً) هو ترتيب مُرْضٍ ويتناسب مع الموارد والثروات الطبيعية الكبيرة التي تزخر بها بلادنا؟ السودان مصنف من حيث موارده الطبيعية وثرواته على أساس أنه من أغنى إحدى عشرة دولة في العالم.. ولكنه في نفس الوقت مصنف من حيث تقدُّمه الاقتصادي على أساس أنه من أفقر إحدى عشرة دولة في العالم.. فلماذا هذا التناقض وهذه المفارقة العجيبة؟. لقد دخل السودان منذ استقلاله في يناير 1956 في دوامة الصراع بين الكتل السياسية المختلفة التي لم تكن تمتلك الوعي الكافي لوضع برامج اقتصادية وثابة وحشد الطاقات الوطنية الشعبية من أجل تحقيق التنمية.. كانت كراسي الحكم هو كل ما يهمها بحكم (تخلفها الفكري) ولذلك أفضى ذلك الصراع إلى نتائج كارثية على الوطن وتتحمَّل تلك الكتل مجتمعة وزر ما حلّ بالسودان من عجز عن استغلال موارده وثرواته الطبيعية وتفعيلها وتحقيق التنمية المتوازنة. اليوم ونحن في ظل الجمهورية الثانية، مرت 56 عامًا على الاستقلال كلها دروس وعبَر، ومهما كانت الأسباب والنتائج فيما نعانيه اليوم على الصعيد الاقتصادي وما نحتله من ترتيب في قائمة تطور الاقتصاد عالمياً، فإن الكرة في ملعبنا.. هل نمتلك تصورات صحيحة للنهوض ببلادنا، وهل نعمل على تصحيح المفاهيم الإدارية لدينا ونستفيد من العلم ووسائل الإدارة الحديثة ومن التقنية والتطور التكنولوجي في العالم لنقوم بتعبئة شاملة لطاقات الشعب ولمواردنا وثرواتنا لتحقيق نهضة اقتصادية شاملة بالبلاد ولنلحق بالأمم التي سبقتنا أم سنستمر في الدوران في الحلقات المفرغة.. ذلك هو التحدي.