«إن القوات المسلحة اشتبكت في مواجهة مباشرة مع القوات المتمردة لخليل إبراهيم وتمكنت من قتله» هكذا حددت كلمات الناطق الرسمي للقوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد صباح أمس الطريقة والكيفية التي قتل بها رئيس العدل والمساواة خليل إبراهيم ويرى خبراء عسكريون أن المجابهات والمعارك لا تحتاج إلى فتوى للقتل، يتساءل الكثيرون منهم هل الحرب فيها سوى القتل أصلاً أو تصفية أحد الطرفين للطرف الآخر؟ وكانت الحكومة أتيحت أمامها الكثير من الفرص لاغتياله ولكنها لم تفعل من بين تلك الفرص محاولة قواته دخول مدينة أم درمان فى مايو العام 2008م وأشيع وقتها تعرُّض خليل للإصابة في الهجوم وأشار البعض لتمكنه من الهروب بعد معركة حامية بالقرب من جسر أمدرمان، قتل فيها عدد من قادته الميدانيين أشهرهم الجمالي حسن جلال الدين وأسر الكثيرين من بينهم الأخ غير الشقيق لخليل «نورعشر». بعد تلك المعركة رأى الكثيرون أن العدل والمساواة كتبت نهايتها بذاك الهجوم الذي وصفه الكثيرون بالانتحار ولكن سرعان ما لملم خليل أطرافه مرة أخرى وقاد العديد من الهجمات في مناطق متفرقة من دارفور حتى حاصرته القوات المسلحة مرة أخرى في منطقة جبل مون وقتلت الكثير من قواته واستولت على الجبل أحد أهم معاقل الحركة وقطعت عنه الإمداد كما حاصرته الحكومة دبلوماسياً بعد اتفاقها مع إنجمينا على إبعاد المتمردين من الطرفين بهدف إعادته لطاولة التفاوض في الدوحة، لكن سانحة اغتيال إبراهيم جاءت للحكومة على طبق من ذهب خلال إقامته في ليبيا حتى اندلاع الثورة هناك خاصة بعد مشاركة قوات من جهاز الأمن والمخابرات في تحرير الكفرة وتوغلها داخل ليبيا حسبما أعلن عن ذلك في البلدين بجانب مشاركة عدد كبير من المجاهدين في عمليات الإغاثة للشعب الليبي وثواره إلا أن الحكومة لم تفعل وتساءل البعض هل كانت الخرطوم ترى بأن الأمر يعود عليها بالسلب؟ أم أنها تنتظر الأقدار لتختطف الرجل؟ وقال د. أسامة علي توفيق أحد الذين قادوا قوافل الإغاثة إلى ليبيا ومكث هناك أيام الثورة ل«الإنتباهة» الثوار هم من كانوا معنيين بالقبض على خليل أكثر من الحكومة السودانية لمشاركته في القتال إلى جانب القذافي ورأى أسامة أن الحكومة ما كانت تستطيع قتله لجهة أنه كان تحت حماية النيتو، واتهم الحلف بالمساهمة في تهريب خليل إلى دارفور ويعدُّ قتله الآن انتصارًا للقوات المسلحة. ولكن لربما أيضاً لأن أدب التصفيات الجسدية للخصوم غير متأصل في الشعب السوداني لم تسعَ الحكومة لتصفيته داخل ليبيا حسبما يرى مدير جهاز الأمن الأسبق العميد «م» عبدالرحمن فرح الذي قال ل «الإنتباهة» أمس السودانيون بطبيعتهم غير ميّالين للتصفية الجسدية وذلك ليس من أخلاقهم، مشيرًا إلى أن التصفية دائماً ما تتم للمعارضين السياسيين غير الحاملين للسلاح ولكن طالما قاتل الشخص في معركة فالطبيعي أن يموت أحد الطرفين. ذات الأمر أشار إليه القيادي بالوطني حسن برقو الذي أشار في حوار منشور بموقع رماة الحدق أن التصفية ليست من أدب الخلاف بين السودانيين وقال «هناك من يتصور أن المؤتمر الوطني هو الأسوأ ولكنه حزب لديه أخلاق تحكمه، فليس هناك طرف في الحكومة أو الحركات فكر أن يؤذي أحد الأطراف أو يسممه في إشارة لحالة التسمم التي تعرض لها خليل في ليبيا بواسطة أحد قادته وأضاف برقو: «التصفيات ليست من أدب الخلاف بين الشعب السوداني». وكان خليل قد تعرّض للعديد من محاولات الاغتيال والتصفية من قبل معارضين له داخل حركته، آخر تلك المحاولات تعرضه إبان إقامته في ليبيا عندما قام أحد قيادات الحركة بوضع السم له وحراسه في طعام بأحد فنادق طرابلس إلا أن خليل نجا من الموت بعد أن قامت الحكومة الليبية بإسعافه وتمكن من دخول دارفور عقب مقتل القذافي دون أن يتم اعتراضه وأشار البعض إلى أن ذلك كان خصماً على الحكومة وأضعف موقفها خاصة في محاولته دخول أم درمان الأمر الذي عده البعض تباطؤًا منها.