الأستاذ الناقد عز الدين ميرغني أوضح في حديثه ل (نجوع) أن الحركة النقدية في السودان منذ الاستقلال كانت ضعيفة ولا تزال حتى الآن، وأرجع ذلك لعدة أسباب منها ضعف الأعمال الأدبية خاصةً في مجال الرواية والقصة، أما النقد فلم يواكب تقدّم الشعر في السودان خاصة في السبعينيات والثمانينيات حيث لم يظهر نقاد في مدرسة (الغابة والصحراء) ومدارس أدبية كبيرة ظهرت، وكذلك من الأسباب أيضاً ضعف اللغة الأجنبية خاصةً الإنجليزية ثم إن جامعاتنا خاصة كليات الآداب فيها لا تُدرِّس غير النقد القديم جداً، الذي لا يواكب المدارس الأدبية الحديثة، بجانب أنها لا تُدرِّس الأدب السوداني الحديث مما جعل كثيرًا من المتابعين له لا يجدون فرصة ليدرسوه دراسة جيدة. البروفيسور عبد الله حمدنا الله أكد ل (نجوع) في حديث موجز أن العمل الثقافي عمومًا منذ الاستقلال وحتى اليوم يتراوح ما بين صعودٍ وهبوط أي يكون أحيانًا عملاً جيدًا وحينًا آخر يتراجع. عالميًا أفضل الفنان التشكيلي أحمد الشريف تحدَّث عن مسيرة الحركة الأدبية التي قال فيها: إنها تطوَّرت في فترة السبعينيات ووصلت لحد المشاركة في الحركة العالمية إلا أنها تراجعت، وضرب مثلاً بالشعر الذي ضعفت مفردته والذي أدى لانتشار الغناء الهابط وبالرغم من ذلك نجد شعراء محافظين على أدائهم وهنالك من هاجر منهم إلا أنهم واصلوا في كتاباتهم التي أثرت الساحة الإبداعية، بجانب أن اليوم يوجد شعر رصين وجيِّد إلا أنه لا يجد طريقاً للنشر. وفي إطار الفن التشكيلي ومسيرته منذ الاستقلال وحتى الآن أوضح الشريف أن الفن التشكيلي من الفنون الجيدة وعالمياً لديه مساحة أفضل من السودان، وقد كان التشكيل جيداً ما قبل التاريخ إلا أنه كان آنذاك فناً وظيفياً واحترافياً، ونجد أن الفن التشكيلي الأكاديمي تطوّر في مرحلة تأسيس مدرسة (الخرطوم) التابعة لكلية غردون حيث تم بعث الدفعة الأولى منها إلى بريطانيا وعلى ضوء ذلك تمكّنت هذه الدفعة من إدخال التقنيات الأوربية والتي مُزجت بالثقافة المحلية جسدها الفنان التشكيلي إبراهيم الصلحي حيث تمكَّن من جمع التراث المادي السوداني وتم عمل أرشيف ضخم في وزارة الثقافة. كما ارتبطت مدرسة (الخرطوم) بالتراث العربي والإفريقي وفي ذلك الوقت أخذت الحركة التشكيلية منحى التطوّر إلا أن الحركة النقدية في ذات الوقت تراجعت لهجرة النقاد خارج الوطن مما أثر ذلك سلباً على الأداء التشكيلي، وختم الأستاذ أحمد الشريف حديثه قائلاً: إن المحاولات الفردية من هنا وهناك هي التي ظلت تعمل على إحياء العمل التشكيلي من جديد الأمر الذي أدى لخلق عمل تشكيلي جيد. مجهود ات مخجلة الأستاذ عبد الماجد عبد الحميد وزير الثقافة بولاية النيل الأبيض ذكر أنه في الإطار الولائي خلال العام الماضي تم تسجيل كل الأصول والأراضي ذات الصلة بالشأن الثقافي، واكتملت خارطة قصر الثقافة لمدينة كوستي وتمليك الغرف الموسيقية معدات موسيقية، بجانب إقامة عدد من معارض الكتاب والمشاركات الثقافية، أما عن سلبيات العام فقد تأكّد لنا أن العمل الثقافي ليس من اهتمامات الحكومة على مستوى المركز والولاية فالميزانية لا تتجاوز 2% من ميزانية الحكومة وهذا يعني أن العمل الثقافي لا يتطوّر، وهذا أمر مخجل ومخزٍ في ذات الوقت.. وعن أمنياته للعام الجديد تمنى الوزير أن يُقام معرض عالمي للكتاب وأن توضع الثقافة في الطريق الصحيح كما تمنى أن تُرسم خارطة طريق تصلح للعمل الثقافي؛ لأن أي عمل ثقافي الآن إنما هو اجتهادات فردية لا ترقى بالعمل الثقافي. تشاؤم التشكيلي محمد حسين الفكي بدا متشائماً من العام الجديد في إطار العمل الثقافي ككل، ويقول إنه غير متفائل بتوقعات العام الجديد سيما وأنهم ظلوا يردِّدون أن ليس هنالك ضرورة لوزارة اتحادية للثقافة وبالرغم من ذلك فها هي الوزارة تتجدّد في التعديلات الجديدة.. كما أن المجلس القومي للثقافة والفنون ظل يتراجع عن دوره كل عام ولا نتوقع أن يتطور إلى ما اقترحناه من ضرورة إنشاء مجلس أعلى للثقافة خاصة أن حكومة ولاية الخرطوم قد أخذت المبادرة وعيّنت مجلسًا أعلى للثقافة والسياحة وإذا كان لهذا المسمى وعلى ساحة ولاية الخرطوم للتأكيد فسوف يغطي على نشاط المجلس القومي للثقافة والفنون؛ لأن إمكانات الكوادر هذه غير مستعدة للقيام بدورها بالنسبة للمجلس القومي، ووزارة الثقافة الاتحادية لا نرى لها دوراً مؤثرًا إذا قامت ولايات السوان الأخرى بإنشاء مجالس للثقافة. مكتبة وطنية يواصل الفكي قائلاً: إن هنالك شخصيات كُرِّمت خلال هذا العام مثل الأستاذة روضة الحاج التي احتفت بها مؤسسة زين، أما في مجال الإصدارات فكتابات زينب بليل في روايتها (نبات الصبار) كانت عملاً مميّزًا خلال هذا العام، بجانب برنامج (سحر القوافي) الذي يضم مجموعة من الشعراء المبدعين، حيث كان برنامج العام الثقافي الناجح، أيضًا البرنامج الذي استمر لأكثر من عشرين عامًا (برنامج التشكيلي بابكر صديق).. وختم التشكيلي محمد حسين الفكي حديثه بأمنياته للعام الجديد والتي تتمثل في إنشاء مكتبة وطنية يستفيد منها الناس، وقال: إذا تمكنت وزارة الثقافة من تحقيق هذا الحلم الذي كان يراود كثيرًا من المهتمين فقطعاً سيشفع لها ذلك كل إخفاقاتها على مدار السنوات الماضية. إنجاز شخصي عالمي الدكتور عوض صديق تشكيلي أوضح في حديثه ل (نجوع) أن العام 2011م على صعيده الشخصي لم تكن تكنولوجيات معارِضه ثرّة مثل العام المنصرم فقد كان نصيبه فيها معرضين فقط، واحد فردي والآخر جماعي، إلا أنه ذاع صيته عالمياً من خلال المحطات التلفزيونية التي استضافته داخلياً وخارجياً.. وكشف صديق عن أن أهم حدث هو إكمال عام على مرور المرسم الحر للفن التشكيلي على شارع النيل بجانب كثرة ورش العمل داخل السودان خاصة في الربع الآخير من العام مثل الورشة الألمانية السودانية وغيرها، بالإضافة إلى المعرض التشكيلي بولاية البحر الأحمر الذي حوى مشاركات لكبار الفنانين، كما قامت رحلات خارجية لعدد من الفنانين التشكيليين لمصر وغيرها إذ يعتبر ذلك انفتاحًا على الخارج. وأضاف: أن هنالك شخصيات ثقافية رحلت خلال هذا العام من بينهم التشكيلي محيي الدين الزين، وفي مجال التكريم فقد كان من نصيب عشرة فنانين على رأسهم شخصي الضعيف. أما فيما يختص بإخفاقات هذا العام فعدّدها صديق في عدم إقامة معرضي لذكرى أكتوبر والاستقلال واللذان كان يفترض أن يُنجزا إلا أنهما لم يتحققا.. وفي خلاصة حديثه أبدى قلقه من تشرد الفنانين التشكيليين لعدم وجود مقر ثابت الأمر الذي ظل يشكل هاجسًا يؤرقهم منذ سنوات. عام زين دكتور إبراهيم إسحاق بدأ حديثه مهنئاً الشعب السوداني بالعام الجديد في ذكرى الاستقلال حيث أفاد قائلاً: نسأل الرحمة لمن فارقنا من المشاهير والمغمورين، ونضع أملاً كبيراً في أن نخرج بكل مجالاتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية من عناءاتنا.. في المجال الثقافي نشيد بما أُنجز من نشاط بأدوات وفهم واكتراس من جانب وزارة الثقافة التابعة لولاية الخرطوم ومركز عبد الكريم ميرغني وشركة زين، فقد شهدنا ليس مجرد احتفاليات ولكن مسابقات جادة أبرزت مواهب جديدة للوطن في حقول السرد والشعر والفن التشكيلي وما عداها.. وعلى الخصوص فقد صدرت دفعة من الكتب عن هيئة الخرطوم للثقافة والنشر التابعة لولاية الخرطوم، وكذلك بمجهودات مقدرة من ناشري القطاع الخاص.. أما شركة زين فقد أثبتت (ثقافيتها الشديدة) برعاية كل منصب يسعى لإبراز الهوية الثقافية ما أمكنها ذلك: مسابقة الطيب صالح للسرد والترجمة والأبحاث، ونرجو أن تتوسع إلى ما وراء ذلك.. أما دعم زين للمناشط الثقافية الأخرى فإنني بصفتي عضواً في اتحاد الكتاب السودانيين أحمد بعد الله لهذه الشركة المثقفة أنها دعمت مناشط اتحاد الكتاب السودانيين وسواهم.. نرجو أن نرى في عامنا الجديد المزيد من الغيورين من رجال الأعمال والمؤسسات للدفع بقواهم لإبراز الشخصية الثقافية لهذا البلد الزاخر بالمواهب. غير راضٍ! قال الدكتور راشد دياب: كثيرة هي المشروعات التي لم تنفذ في هذه السنة وأولها متحف السودان للفن التشكيلي وإجازة قانون الفنون التشكيلية، مؤكدًا عدم رضائه عن نشاط اتحاد التشكيليين السودانيين الذي قام بشارع النيل ووصفه بغير الجيد ويحتاج إلى الكثير من التعديل، كما طالب راشد بإعادة النظر حول المشهد الثقافي بالبلاد، وأوصى بعدم التركيز على الغناء والموسيقا على حساب الفنون الأخرى، وأشاد بالنجاح الذي تحقق باستقطاب عدد كبير من دور النشر لمعرض الخرطوم الدولي للكتاب، كما تطرَّق إلى مشروع هيئة تطوير وترقية السلوك الحضاري، وقال: إن هذا المشرع ضعيف ويتسم بالترضيات والمجاملات، وأوضح في ختام حديثه قائلاً: إن المرحلة القادمة تحتاج إلى سن قوانين لتحفظ حقوق الفنانين بالإضافة إلى عدم عزل المجتمع المدني عن الدولة، ودعا في ختام حديثه إلى تكوين لجنة لتكريم المبدعين وأن تتبع هذه اللجنة لوزارة الثقافة، وأن تنسق وزارة الثقافة مع وزارة التعاون الدولي لفتح آفاق مع العالم الخارجي. قلة إنتاج وركود أما الروائي محمد هارون فقد أشار إلى الركود الذي خيَّم على المنتديات منذ بداية العام باستثناء بعضها، فهنالك منتديات لم تتوقف عن نشاطها الأسبوعي كنادي القصة ومنتدى راشد دياب والنادي العائلي واعتبر محمد هارون أن المؤتمر العلمي للرواية من أبرز الأحداث الثقافية للعام بالإضافة إلى مسابقة الطيب صالح والأماسي التي أقيمت بولاية الخرطوم ومهرجان الموسيقا الدولي، وفيما يتعلق بالإصدارات قال: إن هذا العام لم يشهد إنتاجًا بالقدر المطلوب إذا ما قارنا بإنتاج العام الماضي. مشروعات لم ترَ النور الأستاذ أبو عاقلة إدريس عبَّر عن رضائه بإعادة وزارة الثقافة مستقلة بذاتها عن غيرها من الوزارات حتى تتمكَّن من القيام بواجبها على الوجه الأكمل، وأضاف: هنالك العديد من البرامج الثقافية كنا نأمل أن تُنجز ومن ضمنها نشر مجموعة مقدرة من الأعمال المنوعة ونتمنى أن ترى النور في السنة القادمة بإذن الله، مشيرًا إلى أبرز أحداث العام وذكر منها إصدار ديوان «تبلدية» للشاعر جعفر محمد عثمان الذي رحل عنا، ويقول أبو عاقلة: إن الديوان قد صدر بعد وفاته لكن للأسف الشديد لم يوجد على رفوف المكتبات على الرغم من اجتهاد أصدقائه في نشره، كما لم يجد حظه من الدراسة والنقد وهو صاحب منجز شعري ولغوي وتربوي ودبلوماسي في تاريخ الثقافة السودانية، كما لفت أبو عاقلة إلى ذكرى رحيل الشاعر خليل عجب الدار صاحب ديوان (خواطر ومشاعر)..