منّا خليفة ومنكم خليفة، مهاجرون وأنصار وسقيفة بني ساعدة. شورى وبيعة الصّديق أمير مؤمنين يجمع بها أهل يثرب ومكة حدَيْ سيف حربه الرّدة. للمنبر الأسوة، وله سقيفة شوراه، هوت إليها الوفود راجلة وراكبة. تحت سقفها المنسكب نورًا، وجدرانها المكسوة بُرْدًا والنّافثة بَرْدًا. على وثائرها اتكأوا، مدوا الأرجل، شخصت أبصارهم تلاحق حروف «المرئي» المتساقطة كلمات فمعانٍ. والأيادي منهم تداعب متربصة مهزوز نخلات ود لقاي وود خطيب رطبًا جنيًا. هدأت الأنفس فقد تخللها زخرف المكان فالهمس لغة الجوار. ويطوف عليهم ولدان من فتية المنبر بقوارير الماء الزلال لو يخَلدون لكسوتهم أخضر من سندس. وشيخ عرب قيدت الثمانون خطوه ولم تلن له قناة يتصدر المجلس حكيمًا وأميرًا، عيناه صقر الجديان تحلق. وعن يمينه سمهري لماح فطن، صلاحُ قولهِ نجاةٌ من مزالق اللوائح. عن شماله، عظيمُ الصبرِ على الفعل، شهورًا يرتب، يعد، يتصل، يكتب، يقرر، وثلث الليل الأخير يستعطف أهل بيته المبيت. ميسرة الهوبجي ارتكزت على كنانة من فريق محارب ودَرّة عمر المجاهد، وفى الخلف ثلة من بنات نسيبة يلتقطن الصوت يكتبنه، يرقصنه حروفًا على سطح «المرئي» المنصوب وصورًا تترى لوجوه الجمع ما بين نضرة مترعة ومخدودة دهر شاكرة حامدة. اكتمل العقد وتدلى على كتفي المنصة منضدًا، زفة ألوان. القمحي :- سنابل السليم فى دنقلا وصوت طنبورهم من سحيق أعماق بئر التاريخ ولسبعة آلاف من السنين يرن صادحًا :- نحن أول من خُلق وأول من بنى وأول من زرع وأول من كتب وقرأ ونحن آخر من طلب. الأحمر :- نيران «أتبرا» أم دالات، سِرُ السِرُ كتابها المسطور على ألواح خلاوي الغبش التي ما سبقها متحلق حول تقابة وبينهم الغبشاوي شاهدٌ وللجهاد أمير. وإن لم يكن للنهر فى نيلها فخر فيكفي بحرها الزاخر الممتد من «نمر» إلى «البروف» الأخضر :- السندسي مزاج أهل مدني، ولدى عمر حاج موسى هم ونحن جلوس :- الجزيرة، ذَكرت، مدحت، ثارت، قرأت وعلمت، سقت وأطعمت، نزقت وغنت «حنتوب الجميلة» قيام: لوأن يدي فمي يا أهل مدنى. النيلي: رواق السنارية فالعز أهل وملك ولسنار حتى سنجة فيهما ككرٌ وقرون وعناق مآذن وقباب مشرئبات، ود تكتوك، الصابونابي، اليعقوباب، الأبيضاب، أشراف كركوج، وذكريات حسن نجيلة فداره اليوم دار المنبر هناك. الأصفر: الرملي يسرُ ناظريه فى «أبوقبة» و«أملس» كردفان كريره: نحن الصرة الجامعة اللامة، أهلها خيرها، وخيارها: أولاد على التوم، النوراب أولاد المك، ود زاكي الدين، الطيب ود هرون، أولاد منعم وعكام وكردفان كلها خيار من خيار فى خيار و«يمين جايين لك». الأزرق المحمّر: أدروباً ثقورًا وسواجن، بجة هدندوة وبشاريين، وأولاد عمر الأمرأر، عطنوا العربية فى حليب نوقهم فزادوها حلاوة على بيانها وبديعها، يسابقون للنصرة ««رهوان»» بشاريهم وعنّافهم. قزح الألوان: إشراق شمس كسلا و«توفيق» صوتهم سرى، أنين سواقيها فحرك الأشجان، أهاج الهوى ومحلقها مستغرق فى ماء وخضرة وتاجوج. فيوض قاشها خير وبركة حتى ولو«شال أهله». مجرة الألوان: بطانة السّناب، دلّت حارَها جمعته وأوعته صوامع القضارف دخرى حوبة وإطعام عند مسغبة. الأبيض: رايات السلام اصطفت من وادي نيالا «بري» إلى قصر دينار وفاشره الكبير جاءوا وقدح الميرم «تاجا» يمينهم وطبق أبوصرة شمالهم وحديثهم خرير سرف قلول فى مرة. يا نيلنا الأزرق: من خور دنيا وإلى يابوس لا تاس ودبشير حمدان فالدمازين مفرد علم عليّ عهد أن أطوى سفرها إليك وحدها بشرًا، شجرًا، صخرًا، نهرًا وحتى أمبرروعروقا، ف «أبوذر» وحده حال ومقال. وفى الخرطوم اختلطت كل ألوان الأقواس الموشاة، هي قطب الأوتاد ومركز الدائرة وداهية الأمور رأينا فعلهم وسمعنا قولهم منعة «داقش» ويُسر ياسر ونصر ناصر تراهم كثيرًا وهم في المنبر وله حمية «فلاتي وحرن في جرنه» خاشعين صانتين «يس» تبتدر والقوم اندلقوا كلٌ يباري كلاً حجة بحجة، اقترحوا، ثنوا، اعترضوا، نقبل نرفض، نوافق نعترض، النظام محفوظ نعم، لا، مع ضد، نتحفظ، برموا فتوا اللوائح اعتصروها ونجاتها كانت في «صلاحها»، أرحنا بها يا نعيم. كبروا ركعوا سجدوا سلموا وعادوا ينثرون كنانة منبرهم ويعجمون أعوادها غربلة ناعمة للقيادة. بميزان الذهب انتقوا الأتقى الأنقى والمؤمن الأقوى والكل فيهم مؤمن قوي وللخمسة عشر بصموا. أقسموا على أن يكون: الحكم لله ولشرعه وبنهجه القرآن، ولسانه العربي المبين رابط العرى وأس الهُوية. الوطن والعِرض والقيم والخيار لأهله وألف لا للاحتراب والهيمنة ومشروعات الغواة ومليون نعم للحوار والسلام والعدل. وبالذكر الكريم ختم «وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر» ونعمانية الأزرق الدفاق وعند أسكلتها حلّ الركب مودعًا يحدِّثون بنعمة ربهم أيها الناس: أتينا أخيرًا ولا نرى أمامنا إلا أنوفنا الشماء، فيا دنيا اشهدي...