فيما رددت مجالس الإسلاميين أسماء بعض القيادات بفرضية أنها تقف وراء المذكرة الأخيرة من بينها الدكتور غازي صلاح الدين، تركت قيادات تحدثت ل«الإنتباهة» الباب موارباً ولم تقطع ما إذا كان الدكتور غازي صلاح الدين الذي يُعدُّ من أكبرالشخصيات الإصلاحية التي تقف وراء مذكرة الشباب المجاهدين التي عُرِفت اصطلاحاً ب«مذكرة الألف أخ»، وتشير ذات القيادات إلى أن غازي صلاح الدين يُعدُّ من أقوى عناصر المؤتمر الوطني سعياً وراء الإصلاح والتغيير، كما يعدُّ الرجل صاحب رؤية مستقلة في الإصلاح يبدو ذلك من خلال كتاباته وتصريحاته الصحفية على قلتها ومداولاته داخل البرلمان.. غير أن معطيات كثيرة تشير إلى عدم صلة الرجل بالمذكرة من أبرزها مؤشران: الأول يتمثل في أن غازي يتميز بالجرأة التي تجعله يرفض أن يكون ضمن مجموعة تخشى من تذييل اسمها أسفل المذكرة خشية أن يصيبها مكروه من جانب عناصر مراكز القوى وقلاع الفساد وعُصبة «المحنطين» و«الشلليات» والجهويين الذين استهدفتهم المذكرة. والثاني أن الصياغة غير المحكمة للمذكرة وكلماتها المرعوبة تعكس بصورة ما أن صلاح الدين ليس وراءها، إلا أن المؤشرين ذاتهما لايعنيان أن غازي لا يؤيد المذكرة ولايدعم محتوياتها خاصة وأن اتجاهات الرجل نحو الإصلاح تنسجم وأهداف المذكرة مثل الدكتور قطبي المهدي الذي أيّدها وأشار إلى أنه لو عرضت عليه لوقّع عليها في الحال. إطاحة أكبر رؤوس الإنقاذ وإذا كان الوضع الذي دفع غازي وآخرين إلى تبني مذكرة العشرة الشهيرة التي قادت إلى إطاحة أكبر رؤوس الإنقاذ في 1998 «الترابي» فإن ذات الأوضاع تُخيِّم الآن على ساحة المؤتمر الوطني بشكل أفظع مما كان عليه الحال أيام الترابي.. وإذا كان غازي قد قاد الثورة على شيخه راعي وعرَّاب المشروع الحضاري«الترابي» تسعينيات القرن الماضي فمن باب أولى أن يقودها الآن مع زملائه، فأسباب إطاحة آخرين «يانعي الرؤوس» تبدو أكثر جلاءً من ذي قبل، فالإزدواجية فرّخت وتمدّدت أكثر وتغييب الشورى الحقيقية واستبدالها بنسخة «صورية» بدا أكثر وضوحاً، ونسبة الفساد تضاعفت من 9 % إلى (%) وإذا كان الترابي قابضاً على كلِّ شيء فإن الحديث الآن عن ثلاثة شخصيات فقط تهيمن على كل شيء... الترابي يدعم غازي ويرى أكثر من مراقب سياسي أن شباب الحركة الإسلامية ودعاة الإصلاح يعوِّلون كثيرًا على غازي صلاح الدين الذي عُرِف بوضوح الرؤية ونقد الذات... كان أول ظهور لغازي على المسرح السياسي في عهد الإنقاذ حينما تولى منصب وزير الدولة بالخارجية في منتصف التسعينيات ومن ثم كلف بأمانة المؤتمر الوطني في وقت لم تتبلور فيه فكرة حزب المؤتمر الوطني بصورته النهائية، وفي وقت شهد بدايات نشأة التكتلات الجهوية داخل كيان المؤتمر الوطني، وظهر ذلك في أول انتخابات لاختيار أمين عام منتخب، المنصب الذي تنافس عليه غازي صلاح الدين، والشفيع أحمد محمد، وفاز غازي بالأمانة العامة بدعم من الترابي.... كما تقلّد منصب وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة ثم مستشارًا لرئيس الجمهورية للشؤون السياسية، فمستشارًا لشؤون السلام وفي تلك الأثناء خاصة في نهاية التسعينيات تبيّن كثير من المراقبين شخصية غازي ذات النزعة نحو الزعامة للتيارات الإصلاحية الشابة داخل الحركة الإسلامية. الخصم الألد ويري مهتمون بالشأن السياسي أن كل الأجواء المشحونة بالتوترات لم يكن غازي بعيدًا عنها، خصوصاً وأنه أحد القيادات العشرة التي تقدّمت بمذكرة العشرة المعروفة، وقيل وقتها إنه أحد مهندسيها الأساسيين والتي تمخضت عن الانشقاق الداوي في الحزب. وأثناء تقلُّد غازي لمنصب وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة تصدى غازي بضراوة وحدة شديدة للرد على أنصار الترابي في وقت توارى فيه آخرون خلف الرجل مما يجعل غازي هو الخصم الألد للشعبيين. أثناء مفاوضات السلام سعى الدكتور غازي بعد التوقيع على اتفاق مشاكوس في 20 يوليو 2007 إلى حشد تأييد لموقف الحكومة للسلام من خارج دائرة الإنقاذ وبدا عصياً في الوقت نفسه على عواصف الضغوط الأمريكية وأصبح عقبة أمام الوسطاء «الدوليين» الأمر الذي عجّل بإقصائه عن الملف.