يواصل الها++ي المخضرم عثمان عبد المجيد الشهير «بعثمان جيمس» ذكرياته مع حمام الزينة التي عاشها لخمسين عاماً، وقد توقفنا عند إحدى الطرائف التي حكاها فقال: لي قصة طريفة مع الحمام وصلت المحكمة قلت له كيف؟.. أجاب: حضر صديقي فارس أحمد المصطفى من تشيكو سلوفاكيا وكان هاوياً أيضاً للحمام.. فوجد الحمام غاليًا.. فقام بشراكتي فأشترينا كل الأنواع من الحمام الموجودة عند سوق الهواة.. بعدها بدأ يطالبني بأن نبيع جزءًا من الحمام.. أنا رفضت البيع. حينما اشتد الخلاف بيننا طالب بفض الشراكة.. وطالب بقروش.. أنا عجزت عن السداد فرفع شكوى بذلك أمام القاضي. كنا في كل جلسة في المحكمة في منتهى الصداقة.. نتونس مع بعض خارج القاعة ثم ندخل أمام القاضي كخصوم في الحمام، فكان نقاشنا أمام القاضي بالنسبة للقاضي يتسم بالغرابة، خصوصاً أنه لا يفهم في أسماء الحمام والشيء الذي يزيده غرابة حينما نقدم أسعار الحمام آنذاك التي يراها القاضي ترفاً وبذخاً، فكان بشوف ده كلو كلام فارغ ولا يصدق في الأسعار، بالتالي يرفع الجلسة لجلسة أخرى. أخيراً عندما كثرت الجلسات ولم تحل القضية اتفقت مع صديقي فارس أن أدفع له كمبيالات على أقساط، وفعلاً قبل الاتفاق ونفذناه.. واحتفظنا بصداقتنا في محلها.. هو أخذ الفلوس وأنا احتفظت بالحمام. طبعاً ربما تكون دي أول قضية نزاع في حمام أمام المحاكم في السودان، عشان كده كان نزاعًا سلميًا. وسألت عثمان ما دام القاضي ما كان مصدق في الأسعار وفي الحمام.. ممكن تدينا فكرة عن أسعار الحمام اليوم؟ أجاب أغلى حمام هو النمسي «جاكوبينز» سعر الجوز حوالى اثنين مليون إلى اثنين ونصف مليون «بالقديم» بعده «الكنج» سعر الجوز حوالى 800 ألف «بالقديم» والروماني سعره أيضاً مليون. { طيب ميزة الحمام ده شنو يا عثمان وهو غالي كده؟ هو حمام جميل ونادر. { ومَن مِن الهواة الذي يحتفظ بهذه النوادر اليوم؟ أكثر زول عندو حمام هو كمال كيله. { معنى كده يا عثمان لو طار جوز من هذا الحمام مليون جنيه وطارت.. هو بلا كده القروش طايرة كمان تعملو ليها جنحين؟ «يضحك» طبعًا مثل هذا الحمام ما بطير خارج البيت أساساً.. وبعدين صاحب الحمام بيفرض عليهو رقابة شديدة. { والكديس يا عثمان ما بعرف المليون وما بيفرز بين الأنواع أها دي يحلوها كيف؟ الكديس يصلوا كيف؟ ده محل عناية قلت ليك.. دي ملايين. { طيب وأقل الأسعار ما هي؟ أقلاها الزاجل والكشكات وغيره أسعاره معقولة. { بسألك يا عثمان جيمس: ماذا تقدم مثل هذه الهواية الغالية للهاوي؟ هي مجرد هواية.. لا ينتظر الهاوي من ورائها عائد مادي.. ليس من ورائها صفة تجارية. { والحمام ده كلو من خارج السودان؟ نعم. { هل تصدرونه؟ كنا نصدر للسعودية.. لكن الآن السعودية تصدره. { ماذا يأكل هذا الحمام يا عثمان؟ الفول المصري والأرز والعيش وحب البطيخ والكبكبي واللوبا العدس.. الخ. { لو تحدثنا عن حمام آخر.. مثل الحمام الذي عند الحرم بالأراضي المقدسة مثلاً؟ أجاب عثمان: فيما علمت «والله أعلم» أن حمام الحرم هذا من سلالة الجوز الذي باض في غار حراء.. وهو حمام مكرم لا يتبرز في الحرم حسبما سمعت وحين الآذان يطير من الحرم ولا يعلو الكعبة وهو من نوع الزاجل. { قلت إن الحمام اليمني هو أجمل الأصوات؟ نعم وأنا استمع إليه اتخيله في ترنيماته يسبح وكأنه يقول: يا غفور يا الله يا رحيم يا الله.. الله.. الله.. الله. { هل اكتسب هواية الحمام أبناءك يا عثمان؟ نعم.. ابني المعز يدرس بيطرة في جامعة السودان مشروع بحثه هو في حمام الزينة.. وأنا بهذه المناسبة أتمنى من كلية البيطرة أن تكثف اهتمامها بالحمام وأنا بدوري مستعد أقدم كل خبراتي في هذا المجال؟ وما هي ملاحظاتك عن ما تقدمه الكلية في هذا المجال؟ أكيد عمل جيد، ولكن شايف ناس البيطرة برضهم بلخبطوا الحمام.. واللخبطة دي «تبوظ» النوع.. طبعاً هم ربما لا يقصدونها. { طيب.. هل يمكن لنا في السودان إذا كثفنا اهتمامنا خصوصاً ونحن بلد من حيث البيئة والمناخ مناسبين.. التطوير في حمام الزينة وتصديره؟ أكيد.. كثير من الدول تتعامل في هذا المجال.. دول الخليج والسعودية بدأت بعدنا الآن يقصدها البعض لاستجلاب حمام منها.. قلت ليك سيد غندور وعز الدين زروق كانوا بجلبوا حمام ممتاز من الخارج.. الآن السعودية تستورد من أوروبا.. كان ممكن من السودان. { نصائح للهواة يا عثمان جيمس؟ أن يهتموا بالڤايتمينات في مواعيدها.. وكذلك مكافحة الديدان ولها حبوب توضع في الماء كما أن الفلاجيل أيضاً يكافح تلك الأمراض.. كما لا بد من تنظيف الأبراج باستمرار والأعشاش. أخيراً ماذا قدمت لهذه الهواية؟ أنا ساهمت في نشر هذه الثقافة.. نحن كنا أربعة عشر هاويًا في البداية.. قدمت لها من خلال التلفزيون عام 1966م في برنامج تحت الأضواء الذي كان يقدمه حمدي بولاد وحلقة أخرى 1986م من داخل أعشاش الحمام بمنزلي قدمتني الدكتورة سناء يعقوب في برنامج الحيوان وكذلك معارض الزهور. وبعد.. هذا هو عثمان عبد المجيد علي طه، أحد مشاهير أم درمان، له عدة عشيقات أجنبيات «بالحلال» ومنهن العربيات مثل اليمني والزاجل وأُخر باهظات الثمن النمسي والكنج فترقص له إحداهن على الأرض مثل الحمام الرقاص وأخريات يداعبنه في الفضاء باكروبات غاية في الروعة مثل الشقلباظ والزاجل وأُخر يتبخترن في الجمال والألوان مثل الشامي والبخاري. من أجلهن وقف أمام أعز أصدقائه في المحكمة فكسب الصديق الفلوس، وكسب عثمان الحمام، وعاشت الصداقة بينهما رغماً عن النزاع؛ لأن حب الحمام أكسبه ثقافة السلام ونقول له وحمائمه بعد الشكر: يا حمامة مع السلامة.. ظللت جوك الغمامة تلفون عثمان للراغبين في التواصل من الهواة: