اغلق باب الخزنة الضخمة بعد أن سوى من وضع الرزم المالية فئة الخمسين جنيهًا بحرص وعناية قبل أن يجلس خلف الطاولة الممتلئة بلفائف الأقمشة ويزفر في ضيق وهو يراقبه في غيظ .. جلس على الأرض أمام دكان الأقمشة الفاخرة في إحدى برندات السوق العربي بالخرطوم، مرتديًا جلبابًا بات من الصعب التعرف على ملامحه ولا التكهن بلونه واضعًا أمامه إناءً بلاستيكيًا غامق اللون وترنو عيونه نحو المارة بنظرة كسيرة ويتحرك لسانة داخل فم يخلو من الأسنان وربما كانت هذه النظرة السبب في إلقائهم العملات المعدنية داخل إناء. جلللن جللن ومن داخل دكانه راقبه في غيظ الإناء يمتلئ بالقروش ويفرغه هو داخل جيوبه .. هكذا بلا تعب ويسترزق من أمام دكاني بلا شيكات ولا هموم جللن جللن جعله الصوت يقفز ويدفع أواني امتلات باللحوم وصرخ في وجهه هيا انهض من هنا ابتعد عن دكاني راقبه المارّة وعمال الدكان وهو يعود ليسترخي ونهض هو ليجلس تحت الشمس ولفرحته الشديدة ازدادت القروش وتحولت إلى جنيهات والآخر يهدر كان هو لا يرى أبعد من صحنه لضعف بصرة والآخر فسرها على أنها نظرات تحدٍ كان لا يبعد نظره عنه إلا في المسافة ما بين خزنته والعودة إلى طاولته ليصفق يدًا بيد ويدعو عليه بالزوال، وكان هو يتساءل: رائحته أم مرضه سبب كراهية الآخر وتأففه، فيجول ببصره حول الصالة التي حُرم منها قبل أن يعاود السؤال بصوت يجعل القروش تنهال عليه بصوت يسبب للآخر الجنون جللن جللن