في صباح الأحد الماضي، شهدت المدينة الجامعية بأبي سعد بأم درمان افتتاح فعاليات احتفال جامعة أم درمان الإسلامية بعيدها المئوي، واستهل الاحتفال الشيخ صلاح الدين الطاهر بتلاوة آياتٍ من القرآن الكريم، وقد حيا الحضور بكلمةٍ ضافية المفكر المؤرخ البروفيسور عمر حاج الزاكي نائب رئيس اللجنة العُليا للاحتفال، وألقى الدكتور عبد الله خير القاضي كلمة قُدامى الخريجين، التي تحدث فيها عن المواقف الجهادية لطلاب المعهد العلمي بأم درمان ضد الحكم الاستعماري في السودان. وخاطب الحضور الخبير الإعلامي البروفيسور علي محمد شمو بصوته الإذاعي المُمَّيز، مُعبراً عن مشاعر وفائه وتقديره لجامعة أم درمان الإسلامية لما تقدمه للوطن من فوائد شتى في مجالات العلوم والمعرفة، وذكر في حديثه أن للمعهد العلمي إسهاماً مقدراً في مجال رياضة كرة القدم! واستمع الحضور باهتمامٍ ملحوظ إلى الكلمة الرصينة البليغة التي تضمنت المشروعات العلمية والفكرية الطموحة لمدير الجامعة، العالم المُربي البروفيسور حسن عباس حسن. وقد شرف الاحتفال بالحضور السيد مُستشار رئيس الجمهورية البروفيسور إبراهيم أحمد عمر الذي أبدى ثناءهُ وتقديره للدور العظيم الذي تؤديه الجامعة للسودان والأمة الإسلامية في مجال العلم والأدب والفقْه، واقترح تعديل اسم الجامعة لتكون «جامعة الأمة الإسلامية» بدلاً من اسمها الحالي! وهو اقتراح جيد وسليم، ولكن اسم الجامعة الآن أضحى ذا رونقٍ وبريق في الأوساط العلمية الأكاديمية والاجتماعية، وفي وجدان أساتذتها وطلابها، ومن الأفضل والأجدر لإدارة الجامعة أن تجعل اقتراح البروفيسور إبراهيم أحمد عمر شعاراً مميزاً تستحقه الجامعة، لأنها حقاً جامعة الأمة الإسلامية في الخير والحق والنهضة والقيم النبيلة الفاضلة! ومن المؤكد عن جامعة أم درمان الإسلامية «العريقة» أنها معروفة ومُسجلة لدى اتحادات الجامعات العالمية والعربية والإسلامية والإفريقية. وقد كانت فكرة إنشاءِ جامعة إسلامية كبرى أملاً طموحاً يتطلعُ إليه بشغفٍ واهتمامٍ محبو العلم والثقافة والمعرفة منذ عام 1901م «مطلع القرن العشرين الميلادي» عندما أُنشئَ المعهد العلمي في أم درمان وبدأت الدراسة في الجامعة في مستهل مناشطها التعليمية والتربوية بتدريس العلوم الإسلامية والأدب العربي، ثم ازدادت كلياتها إلى «19» كلية بالإضافة إلى «3» معاهد، وعدد من المراكز والوحدات والفروع داخل السودان وخارجه، بجانب مراكز تنموية أخرى. وفيما يلي قائمة بكليات الجامعة: ٭ كلية أصول الدين. ٭ كلية الإعلام. ٭ كلية الآداب. ٭ كلية التربية. ٭ كلية الطب وعلوم التمريض. ٭ كلية الشريعة والقانون. ٭ كلية العلوم الهندسية. ٭ كلية العلوم والتقانة. وكليات أخرى في مجال العلوم والدراسات النظرية والتطبيقية. ٭٭٭ وهؤلاء الأساتذة الأجلاء تولوا إدارة الجامعة منذ عام 1965م على النحو التالي: ٭ الدكتور كامل الباقر «1965م 1970م». ٭ البروفيسور عبد المجيد عابدين «1970م 1975م». ٭ البروفيسور كامل الباقر «1975م 1980م». ٭ البروفيسور محمد أحمد الحاج «1980م 1983م». ٭ البروفيسور يوسف فضل حسن «1983م 1985م». ٭ البروفيسور حسن الفاتح قريب الله «مارس 1985م مايو 1987م». ٭ البروفيسور مهدي أمين التوم «1987م 1988م». ٭ البروفيسور مدثر عبد الرحيم «1988م 1991م». ٭ البروفيسور علي أحمد محمد بابكر «1991م 2000م». ٭ البروفيسور صديق ناصر «2000م 2001م». ٭ البروفيسور محمد عثمان صالح «2001م 2009م». ٭ البروفيسور حسن عباس حسن منذ عام «2009م» وإلى اليوم. «حفظه الله ومتعه بالصحة لمواصلة مساعيه الدؤوبة الطموحة لكي تحقق الجامعة أعلى مستويات النجاح والتفوق بين الجامعات العالمية كافة. وعن برامج الاحتفال بالعيد المئوي لجامعة أم درمان الإسلامية الذي يستمر لمدة عام بإذن الله تعالى، قال البروفيسور عمر حاج الزاكي نائب رئيس اللجنة العليا للاحتفال: إن برامج هذا الاحتفال تشترك فيها كليات الجامعة، ومعاهدها وفروعها المختلفة بمناشط وفعاليات مفصلة حسب تخصصات كل كليةٍ ومعهد وفرع حيث تناقش البرامج والفعاليات للقضايا المُلحة التي تلامس الاحتياجات الفعلية للمجتمع داخلياً وخارجياً مثل قضايا الأمن والاقتصاد والسياسة الشرعية والفتاوى والحكم الرشيد والشورى، كما يحتوي الاحتفال على ندواتٍ، ومحاضراتٍ ومؤتمراتٍ في الأسابيع الثقافية والقوافل الدعوية والصحية لكل ولايات البلاد بالإضافة إلى حلقات تحفيظ القرآن الكريم وعلوم السُنة النبوية. وفيما يلي نقدم للقراء نص الخطاب الذي ألقاه مدير الجامعة في حفل افتتاح فعاليات احتفال الجامعة بعيدها المئوي، قائلاً: عهدنا بكم دوماً تحفظون للعلم مكانته لإدراككم بأن المعرفة هي سلاح الأمم المعاصرة ومفتاح تقدمها ونهضتها لأجل الحفاظ على هوية الأمة وصون عزتها وأمجادها، وجامعة أم درمان الإسلامية هي رأس الرمح وحجر الزاوية وبيت القصيد لكل نهضة وتقدم، لأنها ثمرة من ثمرات الإسلام وعلومه أصلها ثابت وفرعها في السماء، فإذا عدنا لأصلها الطيب الراسخ في أعماق الأصالة المستضئ بإشعاع المعاصرة المشرئب إلى عوالم التميز نجدها عنوان كل نهضة ومفتاح كل خير، ولاحتفال الجامعة بمرور مائة على إنشائها دلالات عديدة، إذ يستهدف هذا الاحتفال في جوهره التوثيق لمسيرة الجامعة طوال العقود العشرة التي انقضت من عمرها المديد، وهي سنوات قدمت فيها الجامعة عشرات من العلماء الأجلاء وأجيال من أبنائها النجباء الذين رفدوا كل بلاد العالم بعلمهم ومعارفهم. وخلال هذه المائة التي حفلت بالعطاء والبذل في الجوانب العلمية والتربوية أسست الجامعة لنظم عريقة ومبادئ قيمة حرصت فيها على بناء الإنسان وتنمية الموارد البشرية مما أسهم بشكل فاعل في نهضة الأمة ودعمت الدولة بكوادر قادرة على الإبداع والتغيير في كافة المجالات. والجامعة تبلغ أعوامها المائة يحق لها أن تحتفي بالرعيل الأول من مشايخها العلماء ومن الوطنيين الذين ناهضوا المستعمر وتصدوا لكل المخططات الرامية لطمس هوية الأمة وتزييف تاريخها وتصدت لكل عوامل الاستلاب الثقافي والفكري إذ وقفت الجامعة شامخة تذود عن حياضها وتذب عن حماها. ويجيء هذا الاحتفال تأكيداً على مكانة الجامعة العلمية وتميزها على كافة المستويات المحلي والإقليمي والدولي وريادتها لكثير من الجامعات، فقد ساهمت الجامعة بشكل مباشر في تأسيس عدد من الجامعات داخل السودان وخارجه وخرجت من عباءتها جامعات هي الآن ملء السمع والبصر في بيروت وصنعاء وطرابلس ودمشق وجزر القمر وكثير من عواصم العالم، ومع ذلك فهي تواصل جهودها وتتطلع لتحقيق ما تصبو إليه من تطور كمي ونوعي في بنياتها البحثية والعلمية لتقديم عناصر متميزة ذات كفاءة عالية للارتقاء بمجتمعاتها العربية والإسلامية، فلذلك هي دائمة الهم عالية الهمة ترجع البصر كرتين وثلاثًا لتقويم خططها وتطوير مناهجها لتستقيم مسيرتها لتتواءم مع احتياجات التنمية وتسارع المعرفة. السيد مستشار رئيس الجمهورية، ضيوفنا الأفاضل، والجامعة خلال مسيرتها القاصدة الراشدة شهدت تحولات في طريق التطور والتحديث في كافة الجوانب التي تنسجم مع رسالتها نحو الأصالة والمعاصرة والتميز العلمي، فاستحدثت كليات وأقسام وإدارات ومراكز بحوث ودراسات وفروع، مما كان له الأثر الواضح في خدمة المجتمع والنهوض به، وقد انتشر خريجوها يقدمون علمهم في المجالات المختلفة من علوم إسلامية وأدبية وسياسية واقتصادية وإدارية وزراعية وهندسية وطبية وصيدلانية وتشخيصية وتربوية وإعلامية وقانونية وغيرها، والجامعة تملأ فجاج الأرض وتدعو الناس إلى الله وتستجيب لكل نداء للوطن فقدمت من المواقف الوطنية القوية ما شهد لها بالريادة والتميز. فقد كان للجامعة دور بارز في كل القضايا الوطنية حيث ساهمت بدور بارز في ربط النسيج الاجتماعي بإنشاء فروع لها في معظم ولايات السودان مما كان له أثر كبير في شرق السودان وغربه، في دارفور وكردفان، وفي شماله ووسطه، وفي جنوبه، الأمر الذي بدد كثيراً من غياهب الجهل وظلمات التعصب كما كان للجامعة وقفة مشرفة دعماً لثورة التعليم العالي والبحث العلمي عندما احتضنت أبناء السودان الذين كانوا يدرسون في بلاد المهجر يتعرضون فيها لصنوف من التغريب والتثريب كما لبّت الجامعة نداء الدفاع الشعبي فقدمت أرتالاً من الشهداء صوناً لتراب الوطن وعرضه. ولم تقف الجامعة موقف العاجز من قضايا الوطن الكبيرة حيث واصلت سعيها لأجل تحقيق السلام والأمن في كافة ربوع الوطن الحبيب فقدمت الاستشارات والأوراق العلمية. وتنتهج الجامعة نظام الفصل في الدراسة بين الطلاب والطالبات الأمر الذي ميّزها عن كثير من رصيفاتها داخل السودان وخارجه. إن الجامعة تتطلع إلى وقفتكم الكريمة معها لا سيما أنها قد حشدت لهذه المناسبة العزيزة الطاقات لإنجاح هذا الاحتفال المئوي الذي يمتد طوال هذا العام ويشتمل على العديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية والفكرية والمؤتمرات والبحوث والقوافل الدعوية والثقافية والطبية التي تجوبُ كل ربوع السودان. ويتضمن تكريم الرواد من الرعيل الأول بجميع فئاتهم وتوثيق لكل مراحل الجامعة وتطورها.. وبمناسبة احتفال الأمة الإسلامية في هذه الأيام بذكرى مولد المصطفى «صلى الله عليه وسلم» أقول للقُراء: كل عام وأنتم بخير، وأمتنا الإسلامية في قمةِ المجد والعزة والازدهار.