في مدينة أوسيف القريبة جداً من مثلث حلايب يدهشك سوقها، فالمدينة التي تحاط بالجبال ويتبسم أمامها البحر الأحمر تجد الخضروات والفاكهة فيها أشكالاً متعددة ولكن القادمة من الشقيقة مصر سعرها أقل من التي تأتي من طوكر وغيرها من محليات البحر الأحمر، فعلى الرغم من الأرض الخصبة التي يتمتع بها السودان إلا أن مسؤولي الزراعة فيها فشلوا في الاستفادة من هذه الرقعة الزراعية، فجاءت النهضة الزراعية وسعدنا بما طرحته من أفكار وتمويلات و... و... وتملك الحلم أهل السودان بنهضة زراعية تريح اقتصادنا من رهق النفط ومشكلاته، فالكثير من الدول تعتمد على الزراعة في اقتصادها والكثير من الدول ترسل الغذاء إلى العالم من محاصيلها، ومعظم هذه الدول تقل مساحتها الزراعية عن أرض السودان وكذلك تقل عنها خصوبة، وفي السودان ليس كل أرض عزة وإنما فقط في شرقه أراضٍ زراعية على امتداد البصر ولكنها تقبع في بئر الإهمال، وفي عروس القاش فقط يوجد مشروعان بدأت تلك النهضة الزراعية بهما اهتمامًا كبيرًا وهما يرويان محوريًا وبالتنقيط وركبت الآليات لهما تقريبًا قبل ثلاثة أعوام ولكن الأسواق لم تَرََ إنتاجهما، من المسؤول عن هذين المشروعين وغيرهما من المشروعات؟ ومن المسؤول عن حجز وحدات الري بالتنقيط التركية التي تحتا إليها ولاية كسلا كثيراً ، «علماً بان هذه الآليات محجوزة في إحدى الوزارات الهامة جدًا بالولاية». غريب جدًا هذا الذي يحدث في ولاية كسلا زراعياً، ففي الوقت الذي يسعى فيه السودان للخروج من ضائقته الاقتصادية بمورد الزراعة تقف المشروعات هناك عن العمل لأسباب لا أحد يعلمها، فلكم أن تتخيلوا أن وحدات الري هذه التي تحجز في مخازن الوزارة تم تسديد قيمتها بواسطة أحد المزارعين ولم يعوض ماله الذي دفعه حتى الآن، ولكم أن تتخيلوا تلف وإهمال الآليات التي قيمتها أكثر من مليار ونصف المليار دون أن يستفيد منها السودان شيئاً، ولكم أن تتخيلوا حال السودان اقتصادياً إن عملت كل مشروعات النهضة الزراعية في كسلا وغيرها من ولايات السودان. نحتاج لخيال واسع يستوعب قيمة الأرض التي تسمى السودان، ونحتاج قبل هذا الخيال لعقول تعمل من أجل اقتصاد هذا الوطن وليس من أجل مصلحة الحسابات الدولارية في البنوك السويسرية و«الماليزية» وغيرها من بنوك العالم، السودان في حاجة لضمائر بعد أن أصبحت هناك أزمة في الضمائر..