رأى سياسيون وخبراء دوليون أن دولة جنوب السودان تجازف باستقرارها وبقائها بصراعها مع السودان حول تقاسم الموارد النفطية. وفي وقت قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بمقر المنظمة الأممية أمس، إنه يشعر بالقلق إزاء التوتر السياسي المتزايد بين السودان وجنوب السودان. وأضاف أن الوضع في السودان والجنوب معقد وخطير على نحو متزايد. بينما غادر رؤساء المحاور التفاوضية حول القضايا العالقة إلى العاصمة الإثيوبية فجر اليوم بغية المشاركة في انطلاق جولة التفاوض الجديد برعاية اللجنة الإفريقية رفيعة المستوى. ويرى أغبرت ويسنلينك مدير الائتلاف الأوربي للنفط في السودان وهي مجموعة منظمات تنشط من أجل السلام أن «القضية الأساسية هي السيطرة على الجيش الشعبي لتحرير السودان» فضلاً عن النزاع النفطي مع السودان حيث يواجه جنوب السودان عدة أزمات وخصوصاً اندلاع أعمال عنف إثنية وحركات تمرد، لكن ويسنلينك يرى أن «تدني موارد جوبا المالية سيحول دون قدرتها على احتواء التمرد سواء كانت الخرطوم تموله أم لا». ويؤكد بعضهم أن قرار جوبا وقف إنتاج النفط «انتحاري» لكن باقان أموم كبير المفاوضين في جنوب السودان يضرب بتلك الانتقادات عرض الحائط. ويقول «سنفاجئهم.. سيشهد لنا التاريخ بذلك»، ويرى البعض مثل لوك باتي من المعهد الدنماركي للدراسات الدولية أنه «جنون مالي». وقال باتي إن «أفضل سيناريو على الصعيد الاقتصادي بلا شك هو أن يكفّ جنوب السودان عن مشاريعه غير الواقعية ويتوصل إلى اتفاق مع السودان يسمح بمواصلة بيع نفطه عبر الشمال» وقالت مسؤولة العمل الإنساني في الأممالمتحدة فاليري أموس إن المشهد قاتم بما فيه الكفاية والوضع «خطير جداً»، وحذّرت الأسبوع الماضي بمناسبة زيارة المناطق الأكثر تضرُّراً من أعمال العنف الإثنية من أنه إذا توقف إنتاج النفط فسيؤثر ذلك على العديد من الناس، وقالت إن «الحاجات الإنسانية ستزداد لا محالة والجهود المشتركة للحكومة والمجتمع الدولي والجهات المانحة لن تكون كافية». ومن جهة ثانية قال مون: «إن بعثة الأممالمتحدة على أرض الواقع سوف تستمر في القيام بدورها، ولكن أدعو مرة أخرى المجتمع الدولي إلى أن يقدم لنا الدعم الذي نحتاج إليه خصوصاً الطائرات المروحية ووسائل النقل». وحول موضوع التقدم السياسي بين الجانبين، أكد بان كي مون أن هناك انهياراً في الثقة بين السودان والجنوب يعيق تقديم المساعدة لكثير من الناس الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي أو الفارين من الصراع.وقال مون: «إنني أيضاً أشعر بقلق بالغ إزاء عدم إحراز تقدم في المفاوضات حول قضايا ما بعد الانفصال»، مضيفاً أن القرارات أحادية الجانب التي اتخذتها الحكومتان حول الخلاف النفطي وخطابهما المتزايد عداءً، قد تؤدي إلى تصعيد عسكري بسهولة. وفي سياق ذي صلة قال المتحدث الرسمي باسم الخارجية السفير العبيد مروح إن كل رؤساء المحاور الاقتصادية والحدود غادروا إلى إثيوبيا للانخراط في جولة التفاوض التي تستمر من 10 فبراير إلى 15 فبراير الجاري. في غضون ذلك وقعت دولة جنوب السودان على اتفاق لتشييد خط لنقل النفط إلى ميناء جيبوتي المجاورة يمر عبر الأراضي الإثيوبية، بحسب ما أعلن وزير الإعلام بارنابا ماريال بنيامين، وذلك قبل محادثات جرت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا نهاية الشهر الماضي. وقد أبدت شركات صينية وأوروبية وأميركية اهتمامها بالقيام بالدراسات الخاصة بالمشروع الذي يتوقع أن يستغرق إنجازه ثلاث سنوات.