نحن بني آدم، هل كتب علينا أن نكرر ذات الخطأ الذي به أُخرج من الجنة؟ أن نصدّق العدو!. (قال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) و لما أستمعا إلى كذبه وصدقاه، ووقعا في المحظور، كان عتاب الله لهما بقوله (ألم أنهكما عن تلكما الشجرة و أقل لكما أن الشيطان لكما عدو مبين؟؟). إذن فقد دخل إليهما الشيطان بمدخل الوعود بتحقيق أشياء تطمع فيها الأنفس، وأخترع من بنات أفكاره أوهاما عن تأثير الشجرة وثمارها، (تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين) وكان كلامه محض كذب وهراء، فقد أكلا من الشجرة ولكنها لم تجعلهما ملكين ولم تجعلهما من الخالدين، ولم يكتف بإشعال جذوة الطمع فيهما، بل قاسمهما، أي أقسم بمغلظات الأيمان أنه ناصح لهما يريد مصلحتهما، وكيف يكون العدو ناصحا؟! ولكن بواسطة (نقة) إبليس المتواصلة و(حلايفه) نسي آدم أن هذا هو الشيطان الذي رفض السجود له تكبراً واعتقاداً بأنه أوضع عنصراً منه، نسي مواقفه المخزية معه ومع ربه تعالى، وكم شهدت تلك المواقف بالكراهية والحقد الذي يكنه إبليس لآدم، بل ونسي الحقيقة التي كان يجب أن تكون الهادي له وهي ما قرره الله تعالى لآدم وأعلمه به وهو أن الشيطان هو عدوه المبين. وإن قال عدوك شيئاّ بزعم أنه في صالحك فلتفعل ضده تماماً، فلا عدو يريد بعدوه خيراً. ولذلك عاتب الله آدم بسؤال، ألم أقل لك إن الشيطان عدوك؟ فكيف إذن تصدق عدوك مهما أقسم وأظهر وجه الناصح الحادب، إن تلك لهي الغفلة و(الدقسة) المبينة! إذن ألم نعلم بعد أن أمريكا لنا عدو مبين؟! جعلتنا نوقع نيفاشا زاعمةً أنها سترعى تنمية البلاد وترفع اسمها من قائمة الإرهاب، ولكنها فجرت بعد أيام من نيفاشا أزمة دارفور، واستمرت تهدد تارة بالعصا وتخادع تارة بالجزرة ، تحث الحركات على التمسك بالسلاح، ثم تقول أمام الشاشات إنها تسعى لإقناع تلك الحركة أو هذه بالجنوح للسلام، تقول إنها تريد السلام في دارفور بينما هي تهدم منبر أبوجا، وتعرقل السلام من الداخل، والآن ها هي تحفر لمنبر الدوحة ليسقط إنجازه في حفرة التراجع عن قفل باب التفاوض، وإجبار الحكومة على (لحس) كلمتها والعودة مرة أخرى للتفاوض وعبر منبر آخر، ومع حركات منفردة، بعد أن صرحت الحكومة أن: »الدوحة هي المنبر الأخير ...لا عودة للتفاوض مع الحركات المنفردة...على الحركات إن إرادت أن تلحق وتوقّع أو فلتشرب من البحر« ولكن أمريكا تحرص دائماً على جعل الإنقاذ تتراجع عن مواقفها بالضغط حينا و(بالدهنسة) أحياناً أخرى، لكي تظهر الإنقاذ على أنها حكومة بلا مواقف قوية يخشاها المفاوض، إن أمريكا تحرص على إذلال الإنقاذ... وهنا فإن على الحكومة يقع اللوم جله، ذلك أنّ تراجُع الحكومة عن مواقف وخطوط اتخذتها وصرحّ بها قادتها بأقوى الكلمات وأقسموا عليها بمغلظات الأيمان؛ هو الذي شكّل فهما لدى الحركات المتمردة والأعداء الغربيين أن الحكومة تجعجع بغير طحن، وتقول بغير فعل، وأنه يجدر أن لا يُؤخذ وعيدها على محمل الجد إذ لم تجرؤ يوما على إنفاذه، إذن فمن يلوم أمريكا والحركات العميلة من ورائها. إن أمريكا هي العدو فلنتخذها عدواً، إنها لا يمكن أن تكون لنا من الناصحين وإن قاسمتنا بمغلظات الأقسام، ولبست مسوح الرهبان، إنها لن تنصحنا يوماً بما فيه الخير لنا، ولن تعمل ما يحقق لنا استقراراً ورخاءً، إنّ أكلًنا من شجرة مفاوضاتها المتشابكة لن يجعلنا ملائكة ولن يمنحنا الخلود بل الأرجح أنه لن يجر إلا الدمار والخراب كما جرت مشورة إبليس الأذى على آدم. أفلا ننته إذن عن شجرة أمريكا التي لم نجن منها غير الوعود الكاذبة والمؤامرات؟!