د.زهير السراج * يحق لنا أن نفتخر بأننا الوحيدون الذين نجحنا في توحيد صفوف العرب العاربة والمستعربة والمستغربة والمنبطحة وحتى المتصهينة، بكافة أشكالهم وأنواعهم من سياسيين وإعلاميين ومتحذلقين ومشعوذين ومتطرفين ومتقعرين، رغم أنهم لا يستحقون.. المرة الأولى في مؤتمر القمة العربي عام 1967 بعد الهزيمة المذلة في حرب الأيام الستة، والثانية بعد لقاء البرهان ونتنياهو في أوغندا قبل يومين! * ليس هنالك (عربي) لم ينتهز فرصة اللقاء ليستعيد فحولته التي سلبتها إسرائيل ويسترجل بها علينا، ويستعرض كل ما في قاموس بذاءاته من شتائم وإساءات ضد (العدو السوداني) الذى اغتصب فلسطين والجولان والضفة الغربية والشرقية وجعل القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وأذاقهم الهزائم والذل والهوان... حتى ... لبسوا عباءات الرجولة وتسارعوا لشن الحرب على السودان.. هل هنالك ما نفتخر به أكثر من ذلك؟! * ما يسمى بالسلطة الفلسطينية التي تتوهم أنها دولة ذات كيان وسيادة لها رئيس ومجلس وزراء ومجلس تشريعي تنفق عليهم الملايين من أموال الصدقات والتبرعات من أميركا وغيرها، وهى ليست سوى مجلس بلدي متواضع أنعمت به عليها إسرائيل بناءً على اتفاقية أوسلو، سارعت بإدانة السلطة الانتقالية السودانية وألغت زيارة وفد أمني بقيادة اللواء زكريا مصلح للقاء البرهان، وأعلنت تجميد التعاون الأمني والعسكري مع السودان! * وللتذكير فقط، فلقد اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية حسب اتفاقية أوسلو لعام 1993، بحق دولة إسرائيل في العيش في سلام وأمن، والتزمت بالوصول إلى حل لكل القضايا الأساسية المتعلقة بالأوضاع الدائمة من خلال المفاوضات، وأن الاتفاقية أو ما اطلق عليه (إعلان المبادئ) يبدأ حقبة خالية من العنف، وطبقا لذلك فإن منظمة التحرير تدين استخدام الإرهاب وأعمال العنف الأخرى، وستقوم بتعديل بنود الميثاق الوطني للتمشي مع هذا التغيير، وستأخذ على عاتقها إلزام كل عناصر أفراد منظمة التحرير بها ومنع انتهاك هذه الحالة وضبط المنتهكين. * كما وجه ياسر عرفات رسالة إلى رئيس الخارجية النرويجي آنذاك يوهان يورغن هولست يؤكد فيها أنه سيُضمن بياناته العلنية موقفا لمنظمة التحرير تدعو فيه الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الاشتراك في الخطوات المؤدية إلى تطبيع الحياة ورفض العنف والإرهاب والمساهمة في السلام والاستقرار ! * وعلى ضوء ذلك اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للفلسطينيين، ووافقت على إقامة (سلطة حكم ذاتي انتقالي) فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي التي ظل الفلسطينيون يتوهمون أنها حكومة ويتمخطرون بها في المحافل الدولية، وهي ليست سوى مجرد مجلس بلدي يتمتع بنوع من الحكم الذاتي داخل الكيان الإسرائيلي، ثم يستأسدون على دولة ذات سيادة وكيان ويعلنون تجميد التعاون معها بسبب لقاء رئيسها مع نظيره رئيس الوزراء الإسرائيلي ! * أين كانت هذه السلطة الفلسطينية عندما زار نتنياهو سلطنة عُمان، وأين هم من زيارات الوزراء الإسرائيليين العلنية والسرية للدول العربية، واعتراف العديد من الدول العربية بإسرائيل وارتفاع العلم الصهيوني في السماء العربية، أم حلال على بلابله الدوح حرام على الطير السوداني؟! ليس هنالك أبلغ في وصف هذه المهزلة من قصة الشخص الذى سأل صديقه مستنكرا: إنت أمك دي كل يوم بتمشي السوق لشنو، قال له الشافا منو، فأجابه شافتا أمي!