شاهد بالفيديو.. الشيخ محمد مصطفى يرد على سخرية الجمهور: (نعم بنحب الباسطة والنسوان.. يعني نحب حبوبتك؟ ولا الباسطة حقت أبوك؟)    السيسي يؤكد على موقف مصر الثابت الداعم لليبيا والمؤسسات الوطنية الليبية    الذكاء الاصطناعي يزحف على المكاتب.. نصف الوظائف في خطر!    ما حدث ويحدث في منطقة سوبا شرق نافذة أمل تؤكد أن الشعب السوداني فتح صفحة جديدة في كتاب حياته    شاهد بالفيديو.. الشيخ محمد مصطفى يرد على سخرية الجمهور: (نعم بنحب الباسطة والنسوان.. يعني نحب حبوبتك؟ ولا الباسطة حقت أبوك؟)    طقطقة.. 15 دقيقة مونديالية تثير السخرية من حمدالله    تشيلسي يحفظ ماء الإنجليز.. وبروفة إستيفاو تثير حماسة البلوز    خسر التأهل.. الهلال السعودي يفشل في الثأر من قائد فلومينينسي    نيران بالميراس الصديقة تقود تشيلسي لنصف نهائي المونديال    فورمان طويل كتبه الحلو بعد تعيينه نائبا لحميدتي ( كقائد ثاني الجنجويد)    أول تعليق من ترامب على رد حماس بشأن مقترح غزة    نخبة(الغربال)    إتحاد حلفا الجديدة يهنئ الإتحاد السودانى لكرة القدم    الطاهر ساتي يكتب: لحين النتائج ..!!    السودان..مجلس الأدوية والسُّموم يوقّع إتفاقية تعاون مشترك مع إندونيسيا    خطاب من"فيفا" لاتحاد الكرة السوداني بشأن الانتخابات    السودان.. الشرطة تلقي القبض على"عريس"    اتّهامات بممارسة السحر تؤدّي لهجوم مميت في بوجمبورا    السودان..الجيش يفرض سيطرته على"المنطقة الاستراتيجية"    مالك عقار: الأرض أرض الله، ولا كأننا سمعنا حاجة    هل يسمع رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء لصرخة واستغاثة المزارعين والمواطنين؟    الوزارة في بلادنا صارت مغرماً وليست مغنماً    فوجئت حقاً بتعيين د. معز في منصب وزير الصحة    بيان صادر عن الفائزين السودانيين بقرعة الهجرة الأمريكية (اللوتري) لعامي 2025م و2026م    البنك المركزي .. إقالة بُرعي .. أو ( شنق) عبدالقادر محمد أحمد !!    صفقوا للدكتور المعز عمر بالأمس وينصبون له اليوم مشانق الشتم لقبوله منصب وزاري    مواجهات ملتهبة في دوري النخبة    والي الخرطوم يصدر توجيهًا بشأن محطة" الصهريج"    المذيعة الحسناء سالي عثمان تكتب: (شريف الفحيل إلى أين؟!!!)    إعلان خطوة بشأن النشاط التجاري بالسوق المحلي الخرطوم    محكمة بحري: الحكم بالإعدام مع مصادرة المعروضات على متعاون مع القوات المتمردة    إدارة تسويق المحاصيل بالنيل الأزرق تشرع في تشغيل الميزان الإلكتروني    ابوقرون ينقذ الموسم الرياضي ويقود التنمية المستدامة في ولاية نهر النيل.    ترامب: سأكون حازما مع نتنياهو بشأن إنهاء حرب غزة    بعد زيارة رسمية لحفتر..3 وفود عسكرية من ليبيا في تركيا    إدارة المباحث الجنائية بشرطة ولاية الخرطوم تسدد جملة من البلاغات خاصة بسرقة السيارات وتوقف متهمين وتضبط سيارات مسروقة    جهاز المخابرات العامة في السودان يكشف عن ضربة نوعية    جهاز المخابرات العامة في السودان يكشف عن ضربة نوعية    لقاء بين"السيسي" و"حفتر"..ما الذي حدث في الاجتماع المثير وملف المرتزقة؟    مزارعو السودان يواجهون "أزمة مزدوجة"    رسائل "تخترق هاتفك" دون شبكة.. "غوغل" تحذّر من ثغرة خطيرة    الجيش السوداني يستهدف مخزن ذخيرة للميليشيا ومقتل قائد ميداني بارز    بعد تصريحات الفنان شريف الفحيل الخطيرة.. أسرة الفنان الراحل نادر خضر تصدر بيان هام وعاجل.. تعرف على التفاصيل كاملة    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    مِين فينا المريض نحنُ أم شريف الفحيل؟    جار التحقيق في الواقعة.. مصرع 19 شخصًا في مصر    لاحظت غياب عربات الكارو .. آمل أن يتواصل الإهتمام بتشميع هذه الظاهرة    كيف نحمي البيئة .. كيف نرفق بالحيوان ..كيف نكسب القلوب ..كيف يتسع أفقنا الفكري للتعامل مع الآخر    السودان..قرار جديد لكامل إدريس    تراثنا في البازارات… رقص وهلس باسم السودان    مكافحة المخدرات بولاية بالنيل الابيض تحبط محاولة تهريب حبوب مخدرة وتوقف متهمين    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(الشيوعي) وفقه الاستطاعة السياسي..!
نشر في المجهر السياسي يوم 30 - 10 - 2013

في أثر زيارة الرئيس "البشير" إلى جوبا الثلاثاء قبل الماضي ولقائه برئيس دولة جنوب السودان - الفريق "سلفاكير ميارديت" - أصدر الحزب الشيوعي السوداني بياناً رحب فيه بالزيارة ومخرجاتها على نحو غير مألوف ومخالف تماماً لما نطق به السيد أمين عام الحزب بعد التظاهرات التخريبية، وهو ما أخذ من الحزب أكثر مما أضاف إليه.
ومن يطالع ذلك البيان الذي صدر يوم الجمعة ونشرت أغلب صحف السبت محتوياته يصيح قائلاً: (يا إلهي.. لقد أدرك الحزب الشيوعي أخيراً فقه الاستطاعة وفن الممكن في العمل السياسي) شأنه شأن آخرين في العالم هذه الأيام ومنهم الولايات المتحدة الأمريكية التي تبحث لها عن تطبيع للعلاقات مع الجمهورية الإسلامية في إيران، التي كانت على خصام وخلاف معها منذ سقوط نظام الشاه في إيران على يدي الإمام "الخميني" في مفتتح ثمانينيات القرن الماضي، أي منذ أكثر من ثلاثين عاماً.
الحزب الشيوعي الذي كان على خلاف مع نظام الإنقاذ منذ ميلاده لم يشهد له بحسنة واحدة، ولم يكن في وارد حساباته وعلاقاته مع القوى السياسية الأخرى غير إسقاطه (بالانتفاضة المسنودة بالبندقية..!)، كما كانوا يقولون قبل العودة إلى الداخل في إطار اتفاق نيفاشا مع الحركة الشعبية لتحرير السودان (SPLM)، أو بغيرها. فإسقاط النظام هو الغالب على سياسة الحزب وحراكه، فقد كان هناك ما يعرف ب (تجمع أحزاب جوبا).. و(قوى الإجماع الوطني).. و(الجبهة الثورية) وغير ذلك.
هذا الحزب العنيد ذكر في بيانه المذكور أنه:
- يرحب بنتائج قمة (جوبا) بين الرئيسين "البشير" و"سلفاكير" والاتفاق بينهما الذي يعتبره الحزب خطوة مهمة على طريق تنفيذ اتفاق التعاون المشترك.
- فالاتفاق - حسب بيان الحزب - شمل جوانب اقتصادية مهمة كتدفق النفط والتعاون المصرفي وموضوع إعفاء ديون السودان.
ثم تجاوز مطب "أبيي" وفتح المعابر وغير ذلك انتهاءً بالحريات الأربع.. التي يقول الحزب إنها تحتاج إلى سن تشريع بين البلدين أ. ه.
ولا يخفى على أحد أن هذا كله يصب في مصلحة شعبي البلدين ومصلحة النظامين الحاكمين فيهما، وبخاصة نظام الحكم السوداني الذي سيكسب مما تم الاتفاق والتعاون بشأنه في مجالي الاقتصاد والأمن القومي والعلاقات الإقليمية والدولية والتداخل بين المواطنين في البلدين عبر الحدود المفتوحة وإجراءات الدخول السهلة والميسرة.
وغير ذلك مما له أثره على الدعوة لإسقاط النظام وعدم استقراره، وهو إقصاء حركات التمرد السودانية التي كانت تتخذ لها من (جوبا) وغيرها من المواقع والأماكن نقاط انطلاق، فهذا يصب أيضاً في الأمن القومي والاستقرار في البلاد وعدم هدر الأرواح والموارد.
فهل فعل الحزب الشيوعي ما فعل بسبب أن السياسة (فن الممكن) وفقه الاستطاعة الشرعية في العبادات وغيرها هو عين الفقه الذي يجب أن يطبق ويستوعب في مجال السياسة أيضاً؟! ولهذا السبب يجد من طالع ما أفادت به صحف (السبت 26 أكتوبر) الملاحظة التالية التي لها موقعها مما يثار في هذا الخصوص وهي:
.. وفي حين صمت الحزب الشيوعي عن قراره الخاص بإسقاط النظام والمطالبة بإطلاق سراح من اعتقلوا بسبب التظاهرات التخريبية الأخيرة - وقد سبق لسكرتير الحزب المهندس "الخطيب" أن قال إنهم من جماهير الحزب وقواعده - أصر الأستاذ "أبو عيسى" رئيس ما يسمى ب (تحالف قوى الإجماع الوطني) على الأمرين معاً وهما: المطالبة بإسقاط النظام وإطلاق سراح المعتقلين.!
إن الحزب الشيوعي لم يشأ في بيانه أن يدخل نفسه في تناقضات وهو يشيد لأول مرة بنجاح زيارة للسيد رئيس الجمهورية، ولا أن يدخل في سوء قراءة للواقع والمستقبل الجديد، وقد كان للزيارة ما كان لها من نتائج إيجابية للأمن والاقتصاد والعلاقات بين جمهوريتي السودان وجنوب السودان.
السيد "أبو عيسى"، وإن كان يساري الهوى والنشأة والممارسة في العمل السياسي، لا يعبر عن الحزب الشيوعي السوداني بشكل مباشر، ولكنه ظل منذ توليفة (التجمع الوطني الديمقراطي) وإلى (قوى الإجماع الوطني) الحالي يعبر عن رغبات ومطلوبات وتوجهات الحزب الشيوعي الاعتراضية، غير أن الحزب الشيوعي مؤسسة سياسية لها حساباتها التي لا تبدو سليمة في كل الأحيان.
لقد كانت جمهورية جنوب السودان، وقبلها الحركة الشعبية لتحرير السودان، مما تراهن عليه المعارضة اليسارية والحزب الشيوعي السوداني في مقاومة نظام الإنقاذ الوطني فكراً ونظام حكم وسياسة.. وكذلك (الجبهة الثورية) والحركات المتمردة حاملة السلاح. والآن كما هو معلوم لم يعد لمن يعرفون ب (أولاد قرنق) في الحركة الشعبية والسلطة في جمهورية جنوب السودان، وجود، وهم من كانوا خلف الدعم الكامل لكل أشكال معارضة النظام ومقاومته سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً وعسكرياً، فقد توقف تدفق النفط من قبل وساءت العلاقات ونشطت الحركات المتمردة كما نشطت الدبلوماسية المناهضة للرئيس "البشير" ونظامه تنشيطاً للمقاطعة الاقتصادية وإجراءات المحكمة الجنائية الدولية.
أما اليوم، وبعد اتفاق التعاون وزيارة الفريق "سلفا" للخرطوم، ثم زيارة الرئيس "البشير" لجوبا والحراك الواسع بين الوزراء والمسؤولين في البلدين، فقد تغير الحال، فمن كان يصدق أن المعابر ستفتح، والنفط سيتدفق، والحملة المشتركة لإعفاء ديون السودان ستنطلق بتلك القوة والفاعلية وتجد سنداً من الدول الخارجية.. والحركات المتمردة تجد رفضاً وإقصاءً من سائر الدول المجاورة وبخاصة دولة جنوب السودان..؟
إن هذه كلها متغيرات لها تقديراتها وحساباتها التي ستنعكس سلباً على المعارضين والممانعين، وتصب إيجاباً في أوعية النظام الحاكم، فتدعمه وتنهال عليه خيراً وبركة. فإن كان بالأمس القريب من يصدق أن الاقتصاد في البلاد قد انهار وأن قرار رفع الدعم الذي أثار ثائرة البعض وغضبه سيوقد نار الدعوة لإسقاط النظام، سيجد نفسه مضطراً تبعاً لما يجري أن يترك ذلك كله - أو جله - خلفه.
وعليه فإن بيان الحزب الشيوعي السوداني المذكور والمشار إليه، لم يصدر عن فراغ، وإن كانت فيه مخالفة لما نطق به السكرتير العام للحزب عندما استنطقته صحيفة (السوداني) الشهر الماضي.. ولكن - كما يقولون - للضرورات أحكامها..! فجوبا الأمس التي أودع فيها المعارضون جل مدخراتهم وأرصدتهم لاستثمارها ضد النظام في الخرطوم، هي غير جوبا اليوم.. وذلك في حد ذاته - فضلاً عن عائداته - مُدْخَل ومتغير كبير، فقد صارت جوبا تعمل لحساباتها وحسابات شعبها الذي لم يشعر بأثر يذكر لنصيبه من عائد النفط، ولا لدولته المستقلة التي مضى على استقلالها أكثر من عامين، ولم ينعم الشعب بالاستقلال تنمية وعمراناً وارتقاءً بالمعاش والحياة اليومية، كما شهد بذلك أهل الشأن والمراقبون من المنظمات الأجنبية.
المرحلة - وقد لاحت في الأفق مؤشرات إصلاح في العلاقات بين السودان والدول الغربية ومن بينها (الولايات المتحدة الأمريكية) التي يبدو أنها قد خففت من تضييق الخناق الاقتصادي والدبلوماسي على البلاد - ليست مرحلة تأسيس المطامح السياسية على أوهام، كما درجت أحزاب المعارضة السودانية إجمالاً وفي مقدمتها الحزب الشيوعي السوداني، الذي تلمح الآن عبر بيانه - الذي طالعناه وعرضنا بعض محتوياته وحللناها بل قرأناها في ضوء ما استجد - أنه قد بات يقنع نفسه بأن كل شيء بالاستطاعة.. والقدرة والإمكانية، أسوة بالعبادات الشرعية التي لكل منها ظرفه وأحواله وما يحدد حجم ومستوى القيام به، حيث أن الدين يسر والسياسة فن الممكن.
ومن ثم تكون الرسالة قد وصلت إلى جمهور الحزب وعضويته والشركاء في المعارضة والرأي العام بشكل عام، لا سيما وقد بدا في الفترة الأخيرة أن المعارضة نفسها ليست على قلب رجل واحد في ما اجتمعت عليه واتفقت من قبل، وهو إسقاط النظام خلال مئة يوم، كما أعلن في فترة سابقة، أو تحيناً واهتبالاً للفرص عبر السياسات التي تطلقها الحكومة من تلقاء نفسها أو يبادر بها البعض والعامة كما حدث في سبتمبر - أيلول الماضي وقد أعلنت الحكومة رفع الدعم عن المحروقات، مما زاد السوق اشتعالاً ورفع من غضب الرأي العام.
غير أن الأمور في ضوء المستجدات والمعطيات وبعض المؤشرات، كالتحسن في رصيد البنك المركزي من العملة الحرة، وتجاوب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي مع الطلب بإعفاء ديون السودان، تقول هي الأخرى: ليست زيارة الرئيس لجوبا واتفاق التعاون المشترك وحدهما هما ما يدفع بالحزب الشيوعي إلى فقه الاستطاعة السياسي، وإنما أمور أخرى كذلك كالذي أشرنا إليه من معطيات ومستجدات على صُعد أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.