} يُعد "دفع الله حسب الرسول"، النائب البرلماني الأشهر حتى الآن في المجلس الوطني، ظاهرة إيجابية جديرة بالتأمل والنظر لما يقوم به بعين المراقب، لا عين المتربص أو العاشق المساند لآراء الرجل وتفريعاتها. } وذاع صيت الدكتور "دفع الله حسب الرسول" لتناوله المثير لقضايا المرأة والأخلاق العامة، ومواقفه من الفن وبعض ضروب الرياضة، ككرة القدم النسائية، ومناهضته للاحتفال بأعياد الميلاد والكريسماس والحب وغيرها من (مستحدثات) العصر.. ونجح الدكتور "حسب الرسول" في الحيلولة دون إقامة حفلات غنائية لمطربات من الدول العربية، في سنوات الرخاء، قبل نضوب البترول وبزوغ شمس حقبة الشظف في العيش والرهق من أجل الطعمية والفول، التي نعيشها منذ انفصال الجنوب ونشوب الحرب الحالية في ثياب ما تبقى من السودان. } هناك أسباب موضوعية أدت لبروز ظاهرة النائب البرلماني "دفع الله حسب الرسول"، أولها طبيعة المجلس الوطني (المستأنس) بالجهاز التنفيذي، وملعب البرلمان محفوف بالمحاذير السياسية، وأعضاؤه (مقيدون) بسلاسل الحزب الذي جاء بهم، فأصبحت قضايا الفساد غير مسموح بها.. واستدعاء الوزراء يتم على استحياء، وفي القضايا الهامشية. ولا يحق للنواب الحديث عن القروض الربوية ولا حتى إثارة قضايا اختلالات قسمة الموارد بين المركز والولايات، ولا الجهر بآراء عن السلام والحرب والتفاوض، لا تروق للتنفيذيين والتنظيميين.. وتم تزييف إرادة البرلمان بما يعرف باجتماعات الهيئة النيابية لنواب المؤتمر الوطني.. فمن كان له رأي فليقله خلف الجدران الصماء!! وفقد البرلمان بذلك هيبة واحترام الناس له، وبات جهازاً حكومياً يصفق للوزراء في مشهد ذهب بوقار الرجال في رابعة النهار الأغر. بل إن وزيراً متنفذاً في الحكومة حينما رفض المثول أمام البرلمان للإجابة على بعض الأسئلة.. مثل البرلمان أمام الوزير في مكتبه وخرج بإشادة كبيرة عن أداء الرجل!! وفي هذا المناخ أصبح "دفع الله حسب الرسول" بطلاً في مسرح بلا جمهور، ولا يشاركه ممثلون آخرون الظهور.. فاختار الرجل بذكاء وفطنة وحسن تقدير، الساحة الاجتماعية، منافحاً عن قيم يعتقد أنها صحيحة وينبغي أن تسود.. وناهض قيماً أخرى. } "دفع الله حسب الرسول" ظاهرة جديرة بالتأمل والاحترام، فللرجل مذهب - بخصوص النساء - مناهض لمفاهيم العصر الحديث ومقارب بينها و(ما سلف) من عصور يعتبرها فقهاء (عهود انحطاط). } "دفع الله" يخوض معركة اجتماعية بفقه (المغايرة)، كأنه يسعى لإحياء مدرسة "سيد قطب" التي تعتمد على منهج المجانبة والمفاصلة والامتناع عن الآخر، وبناء القلاع عالية الأسوار، دون اعتبار للوعي بالزمان والمكان وخصائص المجتمع الذي تدعو فيه.. فالسيد النائب البرلماني "دفع الله حسب الرسول" تكبح جماح إصلاحه في الحقل السياسي والاجتماعي كوابح سلطوية تجعله غير قادر على الحديث عن ربوية القروض ولا فساد النخب والمسؤولين ولا سوء استخدام السلطة والنفوذ.. وعوضاً عن ذلك اتخذ المسرح الاجتماعي ساحة لإبراز مواهبه في مقارعة الآخرين.. وانصرفت اهتماماته لفقه (النسوة) دون الرجال.. وقد تعرض الرجل لاعتداء غاشم بعد خروجه من المشاركة في حلقة عن كرة القدم النسائية، من زوج إحدى النساء المشاركات في البرنامج. } أن يتعرض نائب برلماني لمخاشنة جسدية بسبب آرائه التي يبديها.. فالمسألة (باتت) خطراً في مسرح شديد الحساسية، ومجتمع (يتنفس) تحت ماء الاجتماعيات عوضاً عن مسرح سياسي (مغلق) ومسدود الدروب!!