عاد المتحدثون باسم الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وبعض الرموز فيه إلى التصريحات الإعلامية حول عودة رئيس الحزب مولانا "محمد عثمان الميرغني" إلى السودان وهو ذات الارتباك الذي حدث قبل سنوات، ويومها اضطر رئيس لجنة العودة "طه علي البشير"، لإصدار تعميم صحفي قال فيه إن الاهتمام الإعلامي المتعاظم بالحدث أدى إلى تلاحق الأسئلة حول الترتيبات، ما أدى إلى تضارب التصريحات بشأنها بما استدعى أن تكون الجهة الوحيدة المخولة للتنسيق بين الإعلاميين والمؤسسات المختلفة والتحدث حول عودة الميرغني هي لجنة العودة! التي سمت يومها وقبل ست سنوات تقريباً مضت السيد "حاتم السر" ناطقاً باسمها. ويبدو، والله أعلم، أن حزب مولانا بحاجة إلى التجديد لذات اللجنة، وقد عاد المضاربون بخبر عودته إلى الصعود مرة أخرى. الملاحظ في حالة الاتحاديين أنهم دائماً في شأن ذهاب وإياب مولانا "محمد عثمان الميرغني" لا يخلصون إلى إجابات قاطعة ترسي الناس على بر بشأن الميقات النهائي للحضور أو المغادرة حتى صار الأمر محل تندر الجميع، ففي كل مرة يختفي مرشد الختمية ويظهر من على البعد ويكتفي عادة بعبارات مقتضبة وغير لافتة. لكن وقياساً على الظرف الماثل الآن أعتقد أن من تمام الحكمة والضرورة أن ينصح بعض الاتحاديين الخلص مرشد الختمية ورئيس حزب الحركة الوطنية بالقدوم والنزول إلى البلاد ومخالطة هموم المنعطف التاريخي الذي تمر به، إذ لا يجد المرء سبباً للتأخير والإرجاء، وأصلاً لم يجد أمر الخروج والمغادرة نفسه قبولاً وتعاطفاً، لكن تأدب الناس مع "الميرغني" يعصمهم، فالرجل احتفظ لنفسه بهالة نور مستحقة ومكانة لا يزال السودانيون شعباً وحكومة يضعون لها اعتباراً ووزناً. الظرف العام بالبلد يقول إن مكان مولانا في الصفوف الأمامية، ومواقفه الوطنية والكبيرة حول كثير من القضايا والأزمات تقول كلها إن "الميرغني" مكانه حيث يقود شعبنا في تلك المواجهات التي تحتاج إلى حكمة الكبار وسماحة رجال الدين وخبرات من عركوا الساحة السياسية في ظروف ومراحل مختلفة، وصحيح أن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل شريك أصيل ومفوض في الحكومة وينشط في كل المنابر والمحافل وسهمه وافر، لكن حضور زعيمه وتسنمه مكانه بين الزعماء من نظرائه ورصفائه بالصف الوطني السياسي مسألة مهمة ومطلوبة، وهي ضرورة تتجاوز هموم الحوار الوطني وشواغل السلام إلى احتياجات البيت الاتحادي نفسه الذي لا يزال منقسماً إلى تيارات وأجنحة لم تصنع إلا حزباً لكل ستة أعضاء فيه راية ومشيخة! وهي حالة لم يخسر بها الاتحاديون وحدهم إنما خسر كل كياننا الوطني المصاب بتشوهات مريعة تسببت في حالة التشظي والفرقة الماثلة اليوم، حيث لم يعد من ممسكات مرجوة إلا وعي القيادات الكبيرة والأحزاب القومية لملء الفراغات وتحصين الوطني ضد أمراض الجهوية وأحقاد الثارات والمقاتل. الاتحاديون يمكن لهم حال ترتيب حالهم وجمع صفهم تشكيل اللحمة الرابطة.. فهل أدركوا أنهم العصب؟!