تمثل المهن التي تُسمى (هامشية) أكثر من (30%) من سوق العمل في السودان، بحسب بعض الدراسات والمسوحات الاجتماعية التي كشفت عن أن الإنسان يلجأ إلى تلك المهن عندما يفقد الوظيفة الثابتة. ولعل السيد "مبارك"، المولود في بورتسودان 1962م، هو أحد ماسحي الأحذية الأكبر سناً، لذا اختارته (المجهر) لتقف على الأسباب التي جعلته يختار هذه المهنة أو تختاره هي.. { من سائق ماسح أحذية يقول "مبارك"، وهو متزوج وله طفل واحد: كنت أعمل ميكانيكياً بالمنطقة الصناعية (أم درمان)، قبل أن أعمل سائقاً بالنقل العام بصورة متقطعة، وأضاف: أعاني كثيراً في عملي ماسح أحذية، مثلي مثل غيري من أصحاب المهن (الهامشية)، وازدادت معاناتي أكثر بعد زيادة الأسعار والغلاء الذي شمل المواصلات والسكن، وكل المواد الاستهلاكية. "مبارك" يستأجر غرفة في منزل ب (الحلة الجديدة) غرب أم درمان، بإيجار شهري يبلغ (100 جنيه)، حيثُ يصحو مبكراً، ويستخدم أكثر من (4) مواصلات إلى أن يصل السوق العربي، حيثُ يمارس عمله الذي يؤمن له دخلاً يومياً يتراوح بين (25 - 30) جنيهاً، فيعود إلى منزله عند ال (4) عصراً، وإلاّ لن يجد وسيلة مواصلات إذا ما تأخر أكثر. { مقترحات للمحلية وشكا "مبارك" من أن أصحاب الورنيش يعانون من (ناس المحلية)، ويقول: يقومون بمصادرة أدواتنا، وعندما نطالب بإرجاعها يطالوبنا بدفع غرامة تتراوح ما بين (20 - 25) جنيهاً.. وناشد "مبارك" السلطات الكف عن ذلك خاصة في الظروف الراهنة، وطالب المحلية بتنظيم المهنة بدلاً عن سياسية (الكشات) العقيمة، على حد وصفه، واقترح بالقول: أتمنى أن تقوم المحلية بعمل مظلات داخل السوق والمواقف حتى نرتاجح ويرتاح الزبائن. من جهة أخرى قال "مبارك" إنه أكمل الثانوية، ولكن ظروفه المالية حالت دون مواصلته تعليمه إلى المرحلة الجامعية، وأضاف أنهم في منطقة الحلة الجديدة يعانون من ضعف الخدمات خاصة الماء الذي ارتفع سعر (جوزها) من (70) قرشاًَ إلى جنيه، واستطرد مفصلاً: أنا (اتوصل) ب (4) جنيهات، وأصرف في الفطور والشاي والقهوة (8) جنيهات. { أحلام وتفاؤل "مبارك" ظل يحلم ببيت صغير في (البلد) الكبير، لكنه لا يجد ما يدفعه (مقدماً) ليتوفر على مسكن بسيط من صندوق الإسكان القومي أو مصلحة الأراضي، لأن دخله لا يكفي لمقابلة منصرفاته اليومية، دعك عن الإدخار.