قيل إنه من كثرة حب اليابانيين للعمل، وتقديسهم له، أنهم عندما ينوون الإضراب عن العمل احتجاجًا على أمر ما، فإنهم ليسوا مثل جماعتنا (ما يصدقوا)، ويمكثون في بيوتهم؛ بل يأتون إلى مقار أعمالهم، ولكن بدون ارتداء ملابس العمل، مثل (الأوفر وول)، الذي يرتديه المهندسون والفنيون، وبهذا يتحقق الإضراب ولا يتضرر الإنتاج.. سقت هذه المقدمة؛ تمهيدًا للنظر في خصائص هذه الدولة الغنية بكوادرها البشرية، وذات المستوى المعيشي العالي.. قيل إن (3) من الخبراء اليابانيين جاءوا إلى السودان، ومكثوا (3) أشهر، حاولوا خلالها كتابة تقرير اقتصادي عن السودان، يفيد صانع القرار الياباني، الذي ربما أخذ ضوءً أخضر من الولاياتالمتحدةالأمريكية للتعاون مع السودان في مجالات محددة.. من قبل كان اليابانيون صريحون عندما طلب منهم السودان التعاون معه اقتصاديًا؛ فردوا بأن الأمريكيين قالوا لهم لا تقربوا السودان إنه كان إرهابيًا وضلّ سبيلا.. المعلومات تشير إلى أن اليابان يمكن أن تستثمر في السودان بأرقام قد تصل إلى (3) مليارات دولار.. بخٍ بخٍ بالسومو الياباني، نعم اتخيل أن مارد الاقتصاد الياباني مثل لاعب السومو الياباني؛ ضخم الجثة عريض المنكبين فارع الطول.. بالمناسبة يرجع تاريخ (السومو)، وهي الرياضة القومية في اليابان، إلى فترة تمتد لأكثر من (1000) عام، وهي في الأصل طريقة للتعبير عن الشكر في مواسم الحصاد وغيرها من المناسبات الدينية الأخرى.. اليابان، وتنطق: نِيهُونْ ومعناها: مصدر الشمس أو مَشرق الشمس، دولة رفاهية كاملة الدسم، ولا يعيبها سوى ارتباطها الشديد بالولاياتالمتحدةالأمريكية حتى لتظنها ولاية أمريكية، وهذا الارتباط له أسبابه المعروفة، وهو نتاج لمخرجات الحرب العالمية، ومرارات القنبلة النووية التي ألقتها أمريكا بلا رحمة على الشعب الياباني.. الخبراء اليابانون قالوا في تقريرهم عن السودان: (إنه دولة منفتحة، ويعتمد اقتصاد السوق الُحر، ويساوي بين المستثمرين السودانيين والأجانب).. إذن مؤشرات ايجابية عن البيئة الاقتصادية في السودان تضمنها تقرير الخبراء اليابانيين الذين رأوا بأم أعينهم وليس من رأى كمن سمع. اليابان واحدة من أكثر الدول تقدمًا اقتصاديًا في العالم، ويعد التصنيع إحدى ركائز القوة الاقتصادية اليابانية، بيد أنها، تمتلك القليل من الموارد الطبيعية، ولذلك فإن أحد الأساليب التي تتبعها الشركات اليابانية تتمثل في استيراد المواد الخام وتحويلها لمنتجات تباع محليًا أو يتم تصديرها.. بيت القصيد، والنقطة المحورية لتأسيس علاقات اقتصادية راسخة مع اليابان أنها تمتلك القليل من الأراضي الزراعية بالمقارنة بكثافتها السكانية (124) مليون نسمة، فهي غير قادرة على زراعة كميات كافية من القمح والمحاصيل الزراعية الرئيسة الأخرى اللازمة لإطعام كل اليابانيين.. فعليها القيام باستيراد كميات كبيرة من غذائها من الخارج.. عشمنا في اليابان أن تساعدنا في استثمار أراضينا الزراعية المترامية وتأخذ ما تشاء من انتاجها.. نحن في حاجة إلى (ربوتاتها) الآلية لنقول للكسالى والمتقاعسين عن العمل والانتاج (مع السلامة).. بالمناسبة يعتبر نظام النقل في اليابان من الأنظمة المتطورة بدرجة كبيرة، فشبكات الطرق والسكك الحديدية تغطي تقريبًا كل جزء من أنحاء الدولة.. بلادنا القارة حتى بعد الانفصال تحتاج إلى القطارات السريعة، المسماة (شينكانسن) أو قطارات الرصاصة، والتي تتمتع بسرعات عالية جدًا حيث تصل سرعتها بين 250 و300 كيلو متر في الساعة.. ستكون شبكة خطوط قطار (الشينكانسن) وسيلة ملائمة للسفر في السودان، و(الشينكانسن) واحد من اكثر أنظمة السكك الحديدية أمانًا وتطورًا على مستوى العالم. معلومة طريفة تقول إن المجتمع الياباني من بين الأكثر شيخوخة في العالم، فقد تناقص معدل الإخصاب بشكل كبير بعد الحرب العالمية الثانية، ثم مرة أخرى في منتصف السبعينيات عند ما رفضت النساء ترك العمل والعودة إلى المنازل. يمثل معدل الحياة في اليابان الأعلى في العالم. آخر الكلام: تتساقط الصحف الواحدة تلو الأخرى.. (الأخبار)، (الشاهد)، (اليوم التالي)، (الآن)، وأخيرًا (الأحداث).. الحكومة مبسوطة وربما شامتة، وتتمنى لو أن مقبرة جماعية تبتلع البقية الباقية.. قلبي على الأستاذ "عادل الباز" صاحب مدرسة (الأحداث).. اجتهد الرجل وقدم عملًا صحفيًا مهنيًا ومتكاملاً.. الحكاية، وما فيها أخي "الباز" أنها (ما بتدِّي حريف).