يعادل جهد دولة !! نجل الدين ادم لفت نظري أمس الحديث الصحفي لمستشار "سلفاكير" السابق القيادي الجنوبي المعروف المهتم بالشأن الإنساني الدكتور "كوستيلو قرنق رينق" الذي يزور البلاد هذه الأيام قادماً من دولة ألمانيا التى يقيم فيها منذ أربعين عاماً، وهو يكشف عن ترتيبات لإنشاء منظمة تعني بأوضاع اللاجئين الجنوبيين في السودان بعد أن تشتتوا في عدد من ولايات السودان، بسبب الأوضاع الأمنية الإنسانية. وذكر فيما ذكر أنه جاء إلى الخرطوم بصورة فردية لكي يقف على الأوضاع الخاصة باللاجئين الجنوبيين في السودان بعيداً عن الجهد الحكومي وعمل مسح لتحديد الاحتياجات وحجم اللجوء بغية التنسيق مع المنظمات الأجنبية بالخارج وتسخير علاقاته لجلب المساعدات، ولكن أذكى ما قال به هذا الرجل أنه يريد أن يستأذن الحكومة السودانية ويعرف الخطوط الحمراء وموقفها من المنظمات التي يمكن أن يسمح لها أو يرفض بالعمل في السودان، فقد ذهب إلى أكثر من ذلك وهو يقول إن المنظمة الوطنية للجنوبيين التي ستنشأ بجهد آهل الجنوب ستعمل كمنسق للمنظمات الأجنبية لتلقي وتوزيع المساعدات حرصاً من ألا تدخل المنظمات الوافدة في احتكاكات مع السلطات السودانية. جهد السيد "كستيلو" الشخصي هذا لا يضاهي جهد حكومة بلاده والتي يبدو أنها غارقة في خلافاتها الداخلية والأوضاع الإنسانية التي تنهك جسد الفارين من جحيم الحرب وويلاتها، مرة واحدة فقط التقيت فيها الرجل في وقت سابق لكن الظروف مكنتني من أن التقيه للمرة الثانية خلال حديث صحفي قبل يومين، وأذكر أن الحركة الشعبية كانت قد رشحته في وقت سابق لوزارة الاستثمار التي تولاها في نهاية الأمر السيد "مالك عقار"، بعد أن اعتذر أيضاً ورفض أن يكون عضواً فاعلاً في البرلمان. واعتذر بلطف وفضل أن يكون مراقباً يقدم المشورة في حالة من الزهد السياسي يعيشها الرجل، ولكنه اصطدم بواقع مغاير من قادة الحركة الشعبية الذين تبدل حالهم. وبالفعل تأكد لي أن ما يمكن أن يقوم به فرد فاعل وحادب على مصلحة المواطن يمكن أن تعجز عنه دولة، وهذا ما حدث لحالة السيد "كوستيلو" الذي يتقدم خطوات طويلة على خطوات بلاده لمعالجة أوضاع اللاجئين الذين يتزايد عددهم كل يوم، فبرغم سخط الرجل من الأوضاع في الجنوب وعدم رضائه من قادة بلاده إلا أنه لا يجاهرهم العداء بل يختار سبيل الحكمة لمساعدة أهله وعشيرته. أتمنى أن تدرك دولة جنوب السودان ما قام به السيد "كوستيلو" من جهد والمبادرة بعمل منظمة تساعد الجنوبيين في السودان، وأن لا تتعامل مع الخطوة بشئ من الندية بل عليها أن تبني على ما بدأه الرجل حتى يعلو البنيان ويكون ساتراً. يستحق هذا الجهد المقدر المؤازرة من جوبا، خطة الرجل التي تحدث عنها وعن نيته زيارة عدد من الولايات التي بها كثافة لجوء جنوبي بغية تقديم المساعدات الإنسانية، جديرة بأن يلتف عندها كل الجنوبيين الوطنيين الغيورين على وطنهم ومواطنيهم، زيارة موفقة إنشاء السيد "كوستيلو" وأنت تبدأ من النقطة الصحيحة والله المستعان.