"الترابي" في مطلع التسعينيات كانت لديه (3) مكاتب واحد منها سري للغاية لم يتدخل "الترابي" في اختيار (الجهاز الخاص) للتنظيم للمرافقين والسائقين وطاقم الحماية "صديق محمد عثمان".. "سيد الخطيب" والسفير "محمد الحسن إبراهيم" أبرز مديري مكتب الشيخ لم يكن يحب التردد في اتخاذ القرار ويعطي مساحة كبيرة لطاقمه في تقدير الأشياء حوار – طلال إسماعيل لم يشأ "عوض بابكر" السكرتير الخاص للشيخ "الترابي" أن يخرج عن صمته بعد مرافقته للشيخ له لأكثر من (20) عاماً في تنظيم أمور المكتب إلى حين تسليمه ال"تاج الدين بانقا" حتى انتقال "الترابي" إلى الآخرة، وفي صدر "عوض" الكثير من الأسرار التي لم تكشف بعد عن تاريخ الحركة الإسلامية في السودان وتأثيرها السياسي، وهو مع آخرين كانوا شهوداً على مرحلة مهمة تحتاج إلى توثيق دقيق حتى لا تضيع في زحمة الانشغال.. لكن بعد الإصرار على "عوض" في الحديث خرجنا بهذه المادة التاريخية عن مكتب "الترابي" في محاولة لتسليط الضوء على (رجال يقفون خلف "الترابي"). { كيف دخلت إلى المكتب الخاص بالشيخ "حسن الترابي" عليه رحمة الله؟ - انضممت للحركة الإسلامية في أواخر المرحلة المتوسطة، دخلنا بعد ذلك على المرحلة الثانوية وعاصرنا فيها فترة الجبهة الإسلامية القومية في العام 1985، امتحنا الشهادة السودانية وقامت ثورة الإنقاذ وكنا آنذاك طلاباً في أواخر المرحلة الثانوية في القضارف، اُستعين بنا في تسيير بعض المهام في ذلك الوقت خاصة بأمور التموين والوقود وما شابه ذلك.. { (مقاطعة).. لماذا؟ - لتسييرها.. كانت هناك أزمة وقود فاستُدعينا لأن نسير الوضع، وصرف المواد التموينية، فقد كانت محدودة جداً.. وكان في الفترة ما قبل الثورة، يعني في الأيام الأخيرة، انتشر الفساد بصورة كبيرة جداً والتلاعب في الحصص وفي توزيعها، فتمت الاستعانة بنا لبسطها وتصريفها بصورة عادلة.. وبأمانة الوقت داك نحن امتحنا الشهادة الثانوية من مدرسة القضارف الثانوية الجديدة وأذكر من معنا من الإخوان الآن فيهم من استشهد الأخ "ياسر محمد إسماعيل" استشهد في أحداث وفاة "جون قرنق" المشهورة، قتل غدراً في منطقة العزبة، وبعض الإخوان الآن ذهبوا إلى مناحي أخرى فيهم ضباط بقوات الشعب المسلحة، وفيهم ناس في الخدمة المدنية، وفيهم من هو خارج السودان.. وبعدها جاءت الدفعات الأولى للدفاع الشعبي، التحقنا بها، ومنها تقريباً في نهاية 90 التحقت بجزء من المجموعة الخاصة بالشيخ "حسن عبد الله الترابي". { كيف تم اختيار هذه المجموعة الخاصة ب"الترابي"؟ - بتمحيص وبعملية اختيارية.. يعني ما عادية.. ما بصورة طبيعية، بالرغم من أنه كان معنا بعض الإخوان في بعض المهام، لكن تم اختيار البعض وكنا نحن منهم وجئنا في ذلك الوقت، كان في بداية تأسيس المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي في نهاية العام 1990. { وما هي وظائف هذه المجموعة؟ - وظيفة شاملة، كان جزء منها أن نعمل سكرتارية ومهام أخرى، وجزء منها ذو طابع إداري أو طابع خدمي، هذه المجموعة دائماً حول شيخ "حسن" مهما اختلفت الوظائف لكن الانتماء واحد إلى جهة أو مسمى تنظيمي معين. فتجد منهم من هو مدير المكتب أو السكرتير ومن هو السائق أو المرافق للشيخ "الترابي" عليه رحمة الله. { من كان مدير المكتب في ذلك الوقت؟ - في ذلك الوقت كان هنالك الأخ "صديق محمد عثمان" لكنه لم يكن منتظماً بصورة راتبة، وكان آنذاك كثير الذهاب إلى مناطق العمليات، ويمكن أن تقول ما كان في شخص قائم.. كان هنالك الأخ "عثمان صديق" أيضاً هو جزء من هذه المجموعة ينتمي إليها، يعني أعمارنا كانت صغيرة ونحن في بداية مراحلنا الدراسية الجامعية، في بداية العشرينيات، وظل الوضع كما هو إلى أن جاءت بعض الاجتهادات وانتظم الوضع بصورة راتبة بمسمى مدير مكتب بصورة منتظمة، بعد ذهاب الشيخ "حسن عبد الله الترابي" وزيارته المشهورة إلى أمريكا، وما حدث في كندا بعد أن التقى بالأستاذ "سيد الخطيب" وتحدث معه عن ضرورة العودة للسودان، وعندما عاد الأستاذ "سيد الخطيب" كان مديراً للمكتب بالرغم من أن المهمة الأساسية التي استُدعي من أجلها خاصة بترتيب عمل إعلامي وعمل فكري ومؤسسة خاصة بالحركة الإسلامية، لكن قبل أن يتم إنشاء تلك المؤسسة، كان مديراً لمكتب الشيخ "حسن عبد الله الترابي". { هل هنالك من يختار من يعملون في مكتب "الترابي"؟ - نعم، هنالك جهاز خاص يخضع لمعايير تنظيمية وأمنية، وكل هذه الأشياء تراعى. { من هو المسؤول عنه؟ - والله هو جزء من سلسلة تنظيمية كبيرة في ذلك الوقت. (رفض أن يذكر اسم المسؤول عنه تنظيمياً) { هل كان الشيخ "الترابي" يتدخل في اختيار طاقم مكتبه؟ - لا.. لا يتدخل في الاختيار، لكن كان طبيعياً أن من يجد نفسه في العمل وتنساب إمكاناته ومقدراته وتتوافق مع العمل يذهب إلى الأمام، وهنالك من يشعر أن الأمر صعب أو ليس جزءاً من طبيعته، ولا من شخصيته، فيذهب إلى مكاتب تنظيمية أخرى، هناك كثيرون مروا بفترات قصيرة جداً بهذه المرحلة، وبعد ذلك ذهبوا إلى اتجاهات تنفيذية أو اتجاهات تنظيمية أخرى وكانت أسماء كبيرة، يعني، وناجحة في حياتها. { من خلف "سيد الخطيب" في إدارة مكتب "الترابي"؟ - بعد "سيد الخطيب" حضر السفير "محمد الحسن إبراهيم"، وهذه الفترة كانت أكثر الفترات استقراراً بالنسبة للمكتب لأسباب عديدة باعتبار أن السفير "محمد الحسن إبراهيم" كان منذ الجبهة الإسلامية سكرتيراً للشيخ "الترابي" وهو من الذين يعرفون كيف يتعاملون أو يفهمون شيخ "حسن عبد الله الترابي" بصورة ممتازة، وكان شيخ "حسن" يرتاح جداً في التعامل معه، وما كان يحوجه لكثير من الأشياء واستمرت فترته طويلاً إلى ما قبل انفجار الأوضاع داخل الحركة الإسلامية أيام المفاصلة يعني في العام 1998، بعد ذلك ذهب إلى وزارة الخارجية، وفي هذه الفترة كان الشيخ "الترابي" موزعاً تقريباً بين ثلاث مؤسسات، وما يحفظ للأخ "محمد الحسن إبراهيم"، وأكن له الاحترام، أن له فضلاً عليّ، تعلمت منه الكثير جداً واستفدت، وهذا ما ساعدني أن أستطيع التعامل مع الشيخ "حسن عبد الله الترابي".. في تلك الفترة كانت المهمة التنظيمية أو التنفيذية بالنسبة لشيخ "حسن" أنه الأمين العام للمؤتمر الشعبي الإسلامي، وهذه مؤسسة قائمة بذاتها بهيكلها الوظيفي والإداري، وكان هو الأمين العام للحركة الإسلامية وهذه كانت أقرب إلى السرية في عملها، وكان، بعد إجازة الدستور، رئيساً للمجلس الوطني ومن ثم تحول أميناً للحركة الإسلامية بعد إقرار قانون التوالي، وأصبحت الحركة الإسلامية لديها حزب سياسي للمنافسة السياسية العامة، وأصبح أميناً عاماً للمؤتمر الوطني فكانت هنالك ثلاثة مكاتب يمكن تسميتها، وفي المجلس الوطني الطابع الرسمي كان هنالك مدير مكتب، هو دبلوماسي يعني، الأخ "محمد الحسن إبراهيم" عاصر جزءاً من هذه المرحلة، فكانت له علاقة بهذه المكاتب الثلاثة. في المجلس الوطني كان دائماً يكون هنالك مدير مكتب وهو سفير في وزارة الخارجية، لكن أمور السكرتارية وتسييرها من هذه المجموعة، وأنا كنت فيها.. بعد ذلك انتقلت إلى المؤتمر الوطني وأصبحت سكرتيراً. { متى أصبحت سكرتيراً للشيخ "الترابي"؟ - تقريباً في العام 1997-1998... { (مقاطعة).. بتكليف مِن مَن؟ - من الأمين العام، قال لي تذهب إلى المؤتمر الوطني، هو كان أميناً عاماً للحركة الإسلامية، نحن كنا جزءاً من سكرتاريتها، وكانت هنالك خطة للانتقال، أن تصبح الحركة الإسلامية بعد إقرار قانون التوالي حزباً سياسياً مفتوحاً للعمل السياسي المفتوح، بعد دستور 1998، أنا ذهبت إلى هناك، كان معي شخص أيضاً هو مدير مكتب، لكن لم يبق كثيراً هو "محمد نور محمد عثمان" فقد قضى فترة قصيرة، وهذه الفترة شهدت مرحلة البناء التنظيمي والحركة الأساسية للمؤتمر الوطني ما بعد دستور 1998، وكنا جزءاً من هذه الحملة في ترتيباتها مع عدد كبير من الإخوان، وهي أكسبت كلاً منا خبرات كثيرة حتى في حياتنا العامة.. كانت هذه المرحلة ذات تأثير كبير جداً وتم فيها بناء المؤتمر الوطني وتم فيها عمل سياسي كبير جداً، فذهب الأخ "محمد عثمان" وجاء أخ آخر لكنه لم يكن مداوماً اسمه "أبو بكر محمد عبد العزيز"، أصلاً هو جاء كان لديه بعض الأعمال الخاصة، وكل المهام والأعمال كانت موكلة إلينا إلى حين المفاصلة. وشهدت هذه الفترة بدايات الصراع داخل الحركة الإسلامية وتطوراته إلى حين المفاصلة. وفي ذلك الوقت، طبعاً، كان المؤتمر الشعبي الإسلامي قد تكوّن، فألغيت اتفاقية المقر وأغلق والمجلس الوطني أيضاً بقرارات رمضان 12/12/1999م عُطل، فأصبح شيخ "حسن عبد الله الترابي" هو الأمين العام للمؤتمر الوطني، وأنا ظللت في المكتب إلى حين المفاصلة، وبعد ذلك أسس المؤتمر الوطني الشعبي- في بداياته كان بهذا الاسم- ظللت أنا في المكتب إلى حين انتخابات 2008م وبعد ذلك ذهبت إلى الدراسة في ماليزيا. { هل ذهبت بتكليف آخر من التنظيم إلى ماليزيا؟ - والله هي ليست بهذا المسمى لكن هي كانت فرصة تجديد. أنا كانت لديّ رغبة شديدة في مواصلة الدراسة وكانت هذه فرصة طيبة أتاحت لي إحياء العلاقات، وتجديد بعض العلاقات القديمة، وعندما جاء خبر الوفاة كنت في ماليزيا. { كيف كان تعامل الدكتور "الترابي" مع طاقم مكتبه؟ - والله شوف، هو يتعامل معهم بصورة الرابح فيها هو الشخص إن كان سكرتيراً أو مرافقاً أو قريباً من الدائرة، هو يترك للشخص مساحة كبيرة جداً، يعني في بعض الأشياء، وما كان يحب التردد، في أي شيء، يعني شخصية لا تحب أن تتصف بالتردد في اتخاذ القرار.. لذلك هذه كانت نقطة أساسية جداً حتى وإن كان بعض القرارات يجانب الصواب، هو أفضل من أن يظل في حالة تردد، يعطي مساحة كبيرة جداً ويوجه أيضاً بطريقته.. أتذكر أحد الإخوان أحضر للشيخ عربة جديدة وفيها كتلوج أعطاه للسائق وقال له اطلع عليه، وكان كبيراً خاصاً بالسيارة، حتى أنا استغربت لكن حقيقة بعد ذلك هو استفاد كثيراً جداً، وكثير من المشاكل في السيارة من خلال اطلاعه على الكتلوج يستطيع التعامل معها وفق المعلومات الموجودة فيه.. كل شخص كان فيما يليه.. يعني عندما نكون في منشط أو حركة خارج الخرطوم أو داخلها، الشخص الذي يسوق هو القائد، لا أحد يستطيع أن يتدخل إن كان مدير مكتب أو مرافق، فهذه مهمته، حتى في بعض الأحيان ينتهي البرنامج في ساعات متأخرة من الليل، وهو دائماً يفضل أن يرجع في نفس اليوم طالما هنالك زمن حتى لو انتهى اليوم في الطريق ودخلنا على الصبح، فهو يفضل أن يرجع، لكنه يشاور الأخ السائق إذا كان يستطيع مواصلة القيادة إلى الخرطوم بعد ذلك، لو وافق يواصل القيادة، وإذا لم يستطع خلاص.. وفي كثير من الأحيان يكون معنا أحد القيادات ونكون ذاهبين إلى مكان معين لو حاول أن يتدخل ويوجه السائق يقول له: لا اتركه هو يعرف، وأكثر من يقدر هذه الأشياء هو السائق. نفس الشيء في البرامج، مثلاً السكرتارية كان يعطيها مساحة كبيرة جداً، ويعطي الشخص فرصة في تقديرات الزمن، يعني ما كان يتدخل ولا يسمح لأي شخص من أية جهة قريباً أو بعيداً أن يتدخل في برنامج أو في شكله أو غيره.