إتحاد الكرة يكمل التحضيرات لمهرجان ختام الموسم الرياضي بالقضارف    كوليبَالِي.. "شَدولو وركب"!!    دبابيس ودالشريف    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    ارتفاع احتياطيات نيجيريا من النقد الأجنبي بأكثر من ملياري دولار في يوليو    عملية جراحية ناجحة للدكتور معتصم جعفر بالرياض    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    وزارة التعليم العالي: عدم توثيق شهادة أي طالب قُبل أو درس دون قبوله عبر القنوات الرسمية    المقاومة الشعبية ببلدية القضارف: برا وبحرا وجوا وجنب الى جنب مع القوات المسلحة    تكريم قيادات التعليم بولاية الخرطوم    شهادة من أهل الصندوق الأسود عن كيكل    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    الثأر والمقاومة والنصر    من أسرار حرب السودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    اكتمال عملية التسليم والتسلم بين رئيس مجلس الإدارة السابق والمدير العام للنادي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    استقالة جماعية لمجلس المريخ    خبر صادم في أمدرمان    ترامب يعلق على عزم كندا الاعتراف بدولة فلسطين    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    بنك أمدرمان الوطني .. استئناف العمل في 80% من الفروع بالخرطوم    بنك أمدرمان الوطني .. استئناف العمل في 80% من الفروع بالخرطوم    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    شاهد بالصور.. الممثلة المصرية الشهيرة رندا البحيري تهنئ فريق الزمالة أم روابة السوداني بتدوينة جميلة لهذا السبب (!!!)    «ملكة القطن» للمخرجة السودانية سوزانا ميرغني يشارك في مهرجان فينيسيا    وزارة المالية توقع عقد خدمة إلكترونية مع بنك النيل الأزرق المشرق    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    السودان..الإعلان عن إنزال البارجة"زمزم"    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    تحرك الدولار الجمركي من 2096 الى 2400 مامؤثر شديد    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد و مسافة
نشر في المجهر السياسي يوم 24 - 04 - 2017


الشيطان يحكم..!
مصطفى أبوالعزائم
من أعمق الفصول التي أعجبتني بكتاب (الشيطان يحكم) للمفكر الراحل د."مصطفى محمود" الفصل بعنوان "لماذا الملل!؟ " "حضارة اليوم طابعها الملل"
الحب يولد ليموت والمرأة طبق شهي لوجبة واحدة ثم يصفق القلب طالباً تغيير الطبق.. العين تمل واللسان يمل والمعدة تمل.. الأسطوانة تكتسح السوق اليوم.. وغداً لا تجد من يشتريها.
الموضة الفستان الجرار المتهدل على الساقين.. الموضة فوق الركبة.. الموضة المفتوح.. الموضة المقفول.. الموضة الشوال.. الموضة الممزق.
التغيير.. التغيير.. حتى في الفن والفكر.. "سارتر" ينادي بالوجودية.. "سارتر" يهجر الوجودية.. "سارتر" يقول أنا ماركسي.. "راسل" شيوعي.. "راسل" يهاجم الشيوعية.. الواقعية في الفن.. السريالية.. التأثيرية.. كل مذهب ينتشر يفقد قيمته.
وكل فلسفة يظهر لها متحمسون فدائيون ثم ينفض من حولها السامر تماماً كماركات العربات والتسريحات.. الملل.. الملل.. كل جديد يصبح قديماً بمجرد تداوله.. وكل لهفة تتحول إلى فتور ثم ضجر قاتل وطريق الخلاص سيجارة وكأس ولفافة مخدر وقرص منوم وألف مسكن ومسكن للأعصاب وأبونيه عند أطباء الأمراض النفسية.
لم يعد زبون الكباريه تثيره مفاتن الراقصة العارية التي كشفت له عن مفاتنها ثم دعته إلى شقتها.. ولكن اللذة الطبيعية أصبحت عادية.. والحواس تبلدت.. والملل يلتمس مهرباً أخيراً في الشذوذ.
ثم الإفراط إلى حد الإعياء.. ولا حل.. وفي محاولة أخيرة يلجأ الزبون إلى مائدة القمار.. ثم ينحدر برجليه خطوة خطوة في طريق الانتحار.
أفيشات السينمات.. إعلانات الصيدليات.. عناوين الكتب .. (مانشيتات) الجرائد.. صور الكاباريهات.. تصرخ نحن في عصر الملل.
الوجوه الشاحبة والأذرع المدلاة والعيون المحمرة والأنامل المرتجفة في عصبية.. تصرخ .. نحن في عصر الملل .. الحب كذبة عمرها عمر المناوشات والمناورات.. تذكيها الإثارة.. وحمى يؤججها التمنُّع والتدلُّل حتى يصل إلى الفراش فتهبط الحرارة ويشفى الحبيبان ويستحمان في عرق العافية ويتحول الحب إلى عادة حميدة يعقبها دش مرطب وأكلة طيبة وأمل خبيث في مغامرة جديدة تنعش الذي مات من العواطف.
النقود تثيرك طالما هي في جيب غيرك فإذا دخلت جيبك فقدت جاذبيته.. الشهادة حلمك وغايتك وأملك حتى تحصل عليها فتنسى أمرها تماماً.. الوظيفة هدف براق حتى تنالها فتتحول إلى عبء ثقيل.
لماذا كل هذا الملل.. لأننا في عصر إفلاس القيم.
قيمة الحب التي تُروّجها الأغاني والروايات سقطت وأفلست.. لأن المرأة لا تصلح لأن تكون هدفاً يُطلب لذاته.. المرأة طريق.. نحن نحب المرأة الجميلة كطريق يوصلنا فيما بعد إلى محبة الجمال .. المرأة نافذة إلى شيء وليست هدفاً نهائياً.. وإذا اتخذناها هدفاً نهائياً كما تقول لنا الأغاني والروايات فإننا سوف نقتل هذا الهدف بحثاً في الفراش ولن يتبقى لنا شيء نجري وراءه.
المرأة زيت يوقد المصباح لنرى على ضوئه أشياء أخرى غير المرأة .. معانٍ وقيماً ومثاليات نعشقها بلا ملل.. وبدون مثاليات وبدون إيمان لا يمكن لحياة أن تعاش وحضارة هذا العصر سقطت لأن ما فيها من فكر مادي أسقط الأديان ولم يستطع أن يُقيم لها بديلاً روحياً، إنه يقول لك إنك تستطيع أن تدخل الجنة بخمسين ليرة في الكازينو فترى حور العين من اللؤلؤ المكنون لابسات الحرير وترى أنهاراً من الخمر وأنهاراً من العسل وزيادة ذلك تستمتع بفرق أكروبات وتجرب حظك على مائدة الروليت.
وفى المدرسة يعلمونك أن "آدم" ليس من تراب ولكن من أسلاف من جنس القرود وأنه سليل تطور انحدر من الحشرات وميكروبات المستنقعات.. وبسقوط هيبة الأديان يقف الإنسان وحيداً بلا سند ولا أيمان في انتظار "جودو" الذي لا يأتي.
كل ما يملكه حياة فانية بعدها التراب ولا شيء وهو يتحوّل بهذا دون أن يدري إلى يأس قاتم لا مخرج منه.. وعطش لا ارتواء له.. فهو ينتقل من لذة لا تروى.. إلى لذة لا تروى.. ولا شبع ولا نهاية.. فهو قد اكتشف أن لا شيء حقيقي.. لا قيمة باقية ولا معنى لشيء..
الملل هو كل ما يتبقى له.. وهو ملل لا علاج له إلا بالعودة إلى فكرة الروح.. إلى الإيمان بأن الإنسان لا يموت وأن في الدنيا قيماً خالدة .. وأن هناك حقيقة خلف عالم الظواهر والأوهام.
حقيقة تبث في من يبحث عنها الحماس الذي لا حدود له.
المبكي المضحك بالموضوع أن هذا الكتاب تم تأليفه في 1986م .. أي قبل (30) سنة من الجحيم الذي نعيشه الآن
منقول من أحد المواقع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.