(1) لابد أن نثمن عالياً قرار الرئيس المصري "محمد مرسي" اطلاق سراح (120) من المعدنين السودانيين الذي حكم عليهم بأحكام متفاوتة ما قبل تسلم "مرسي" الرئاسة.. لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ننظر إلى تلك البادرة الطيبة إلا في إطار حسن النية و(عربون المحبة).. آمال وأحلام الشعبين السوداني والمصري في تحقيق التكامل الذي أصبح ضرورة ملحة، إنها آمال وأحلام متسوّرة بأسوار العقلانية والرويّة.. لا نقول إن الطريق طويل وشاق فحسب، ولكن نقول إن السير في ذلك الطريق قد بدأ.. العلاقات الاستراتيجية ولا نقول العاطفية بين السودان ومصر المسالة لاتحتاج لفلسفات المنظرين ولا لتحليلات المحللين، فظل العروبة والقرآن يجمع البلدين وسلسل النيل يرويهما.. مصر أرض لكل سوداني لأنها عمقنا الاستراتيجي، وبالمقابل فإن السودان أرض للمصريين؛ لأنه أيضاً عمقها الاستراتيجي وبالضرورة، فإن كل شقيق يمثل بعضاً من شقيقه الآخر.. وهذه أيضا حقائق لا تدخل في إطار العاطفة.. مصر ما قبل الثورة فرطت في وحدة السودان وكان نظامها يعلن ربما بغباء سياسي لا يحسد أنه على مسافة واحدة من مسألتي الوحدة والانفصال!!.. الوحدة مُعطى ايجابي بل استراتيجي للبلدين، بينما الانفصال على النقيض من ذلك تماماً. (2) وا صحافتاه.. ليست مشكلة الصحافة في السودان، (قراصنة) الورق والدولار، وليست الرقابة بأنواعها قبلية وبعدية واستشرافية.. هناك ما هو أشد مضاضة من وقع الدولار والرقابة.. المتسلقون و(المتشعبطون) والانتهازيون هم أثقال حديد تشد الصحافة المكلومة إلى الأرض مهما حاولت أن تحلق في سماء المهنية.. لو أن مهندساً ميكانيكياً جاء من مصانع (ديترويت) الأمريكية أشهر مدن العالم بصناعة السيارات والتحق بورشة صيانة سيارات بالمنطقة الصناعية يؤمها (الجربندية) والمتحذلقين والأدعياء.. هل تظنون أن ذلك المهندس (المتخصص) سينجح في قيادة هذه الورشة التي كل طاقمها من تلك النوعية؟.. حتماً سيفشل في انجاز أي عمل.. (الجربندية) سيحاربونه إن استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. فالهجوم خير وسيلة للدفاع عن اخفاقهم وعجزهم المهني وحتى إشعار آخر ستبقى شوارع الخرطوم مليئة بالسيارات المعطوبة التي تنفثُ الأبخرة المسببة للسرطان والمضرة للبيئة.. كثير من تلك السيارات مثل النعاج العرجاء تتهادى في شوارع الخرطوم تشوك أن تنكفأ على وجهها لأن أحد (الجربندية) هدته (عبقريته) المهنية إلى توليف ذلك (الأسبير).. كاتب (صحفي) هبط اضطرارياً ب(البراشوت) على هذه المهنة من مهنة لا صلة لها بالصحافة البتة رأيته يفتي بعدم قدرة اساتذة الإعلام على الانجاز الصحفي.. ما الذي يجعل (البانكر) مثلاً قادر على الانجاز و(الابداع) الصحفي ويمنع أستاذ الإعلام من ذلك، بل يصبح قيّماً على الآخرين يفتي بصلاحية الصحفيين أهل المهنة؟.. إنها الفوضى الصحفية الشاملة.. كثير من الكلاب (تهوهو) وتنبح حرصاً على أذنابها المعقوفة.. هناك قامات صحفية شامخة تمتلك لقب أستاذ جامعي بجدارة.. لكن أيضاً هناك نظرة (متخلفة) في الجامعات السودانية، فالأستاذ الجامعي في تخصص الصحافة مثلاً هو ذلك الحاصل على الشهادة الأكاديمية المتخصصة.. في جامعات الولاياتالمتحدةالأمريكية يجد أصحاب الخبرات العملية في كل المجالات احتفاءً وترحيباً كبيراً؛ لأنهم يثرون المجال الأكاديمي المعين بتجاربهم.. هذه دعوة للاستفادة من تلك القامات في قاعات ومدرجات الإعلام بالجامعات. (3) حين نستلُّ ذكرى أُغمدت بغبار سنين عددا، نصبح في مواجهة شريط عتيق من الزمن الجميل.. في أيام الإغتراب كثيراً ما أقف ملتاعاً حيثما أسمع هديل الحمام وقد كان نادراً في تلك الديار.. كان يذكرني بأجواء دافئة، حيث يطوّف الهديل مباشرة لظهيرة يوم من الأيام الجميلة.. الكبار يتبادلون الأحاديث وأكواب القهوة تدور بينهم بعدما تجلى المكان عبقاً بمقدمات القهوة المعروفة.. نحن الصغار نلهو على جانب آخر غير بعيد نستمتع بظل شتوي بديع.. يا لها من أيام لن ننسى ذكراها. • آخر الكلام: الرجل الذي يحلق شاربه لأول مرة يشعر بأنه تحول إلى شخص آخر. الشارب كان جزءاً رئيسياً من شخصيته، ولم يتوقع يوماً أنه سيتخلى عنه وعندما تنازل عنه بإرادته وبقناعة شعر بالاهتزاز، هذا ما يحدث تماماً بالنسبة للأفكار.