في عالم السياسة نجد أن كلمة (التطبيع) كلمة بغيضة تعني الانكسار والقبول بالأمر الواقع والتعايش مع ظلم الاحتلال، وأي ظلم مثل الاحتلال الإسرائيلي.. هذه الكلمة وجدت لها متكأً في المجال الاجتماعي والأخلاقي والمشهد الإعلامي.. مع تقديري الكبير للزميل العزيز جداً "الطاهر حسن التوم" مقدم برنامج (حتى تكتمل الصورة) بقناة النيل الأزرق، أود أن أسأله سؤالاً ليس تعسفياً: ما الذي يجبركم على المساهمة في (التطبيع) مع (الكندوم) أو الواقي الذكري؟ حلقة مثيرة من برنامجكم حقاً، لكن ليست كل الإثارة حميدة.. هذا البرنامج الناجح لا يحتاج إلى هذا النوع من الإثارة حتى يتحدث عنه الناس وتسير به الرياح.. الخطورة أن (سحر) وجبروت التلفزيون أوقع شيوخاً مثل "يوسف الكودة" و"دفع الله حسب الرسول" في حبائل (التطبيع) مع (الكندوم) أحد افرازات تلك الحضارة، حضارة الجنس والشذوذ.. مثل تلك الحلقة ومنهج تناول ذلك الموضوع يصب في محاولات أن يصبح مجتمعنا المحافظ متقبلاً ومتعايشاً مع مواضيع كهذه.. مشاهدة تلك الحلقة بالطبع لم تقتصر على الكبار، الكل كانت متاحة لهم شيباً وشباباً، رجالاً ونساءً، أطفالاً ومراهقين.. أخشى أن ينزلق (الطاهر) يوماً ويناقش حقوق الشاذين جنسياً!! ويجد من الشيوخ والعلماء ممن يسحره التلفزيون، فيقعون جميعاً في الإثم، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.. حينها سيركض "ياسر عرمان" ركضاً ليشارك في هذه الحلقة، ألم يدعُ الرجل من قبل ومن داخل البرلمان إلى إلغاء حد الزنا.. (الكندوم) ومهما تم تبريره صحياً فهو من أوساخ الحضارة الغربية وهي حضارة من لدن الأسلاف الذي يحتفي بهم بعض (المثقافاتية).. مستنقع الاباحية الذي يغوص فيه الغرب لم يكن وليد اليوم بأي حال من الأحوال فهو متوارث أباً عن جد ويحدثنا الشاعر "هوميروس" في الإلياذة عن الحب الذي يحمله البطل (أخيل) للغلام باتروكلوس.. ويحدثنا "أفلاطون" عن عشق "سقراط" للغلام "اليسباديس"، ويذكر "ديوجنيس" أنّ "سقراط" عندما كان غلاماً كان معشوقاً لمعلمه.. مجلة (ادفوكات) التي تصدر في سان فرانسيسكو نشرت قبل أعوام قائمة بأسماء بعض المشاهير ممن يمارس الشذوذ ومنهم على سبيل المثال: "سقراط" الفيلسوف اليوناني و"أرسطو" المعلم الأول عند الإغريق و"الإسكندر الأكبر" و"يوليوس قيصر"، والإمبراطور الروماني الشهير الملك "ريتشارد" قلب الأسد بطل الحروب الصليبية و"ليوناردو دافنشي" الرسام العالمي صاحب لوحة الموناليزا و"بطرس الأكبر" ملك روسيا. نذكر أن يوم (26) أبريل من كل عام يصادف اعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بالشذوذ الجنسي حمانا الله، وتعتبر ولاية فرمونت الأمريكية هي أول ولاية أمريكية تعطي للشواذ جنسياً حق الإمضاء على قسيمة شبيهة بقسيمة الزواج، تعطيهم نفس حقوق وواجبات الزواج التقليدي!! عندما دقت نائبة أمريكية ناقوس الخطر تلقت تهديدات بالقتل عبر سيل من الرسائل الصوتية والإلكترونية الحادة التي احتجاجا على تصريح لها قالت فيه إن الشذوذ الجنسي أشد خطراً على الولاياتالمتحدة من (الإرهاب) الإسلامي.. وحذرت تلك النائبة من مخاطر صمت المجتمع الأمريكي إزاء انتشار الشذوذ الجنسي في جنباته، واصفة هذا الانتشار بأنه (نقرة الموت) بالنسبة للدولة كاملة.. وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" لم تقصر مع الشاذين وشجبت (انتهاكات) حقوق الإنسان ضد المثليين.. عندما تلقى الرئيس الأسبق "رونالد ريغان" خبر وجود علاقة بين ابنه وإحدى نجمات هوليوود قال بفرح: (Really)؟ كنت اعتقد لفترة طويلة أنه شاذ جنسياً!! في ألمانية تخطّت ظاهرة الشذوذ الجنسي الوسط الفني التقليدي، وانتشرت علانية في الوسط السياسي، وبدا لافتاً أن تهافت السياسيون على الاعتراف بشذوذهم الجنسي بات مطلباً انتخابياً بعد أن كشفت التجربة بأن السياسيين الذين اعترفوا بشذوذهم الجنسي فازوا بأعلى نسبة من أصوات الناخبين.. هذه هي الأفكار التحررية وهذه هي الليبرالية ليبرالية العولمة والعلمانية المستبدة، وهكذا تغدو تكون دولة القيم والحرية الغربية مجردَ مدافع فاشل عن حق البشر في العيش الكريم، لتتجه نحو المدافعة عن حق الشذوذ وإقامة مملكة اللاعقل.. هذه جزء من ليبرالية الواقع الاجتماعي الذي يرغب البعض حقنه داخل مجتمعات اختارت طريقها وتحاول رسم واقعها الجديد. { آخر الكلام: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) صدق الله العظيم.