ياسر محجوب الحسين (صحفي سوداني ورئيس تحرير سابق لصحيفة الرائد التابعة لنظام الانقاذ) دخل الإعلام السوداني وربما لأول مرة، فضاء القضايا المسكوت عنها.. حلقة مثيرة جداً من برنامج (حتى تكتمل الصورة) في قناة النيل الأزرق الفضائية، تناولت على الهواء مباشرة موضوع (الواقي الذكري) أو ما يعرف ب(الكندوم).. حشد من المختصين في المجال الطبي والاجتماعي والدعاة تداعوا لمناقشة موضوع الحملة التي تقف من ورائها منظمات عالمية لإشاعة وتشجيع استعمال (الكندوم) بين المواطنين، لضمان أخف الضررين! أي في حالة وقوع الطرفين (الرجل والمرأة) في ممارسة علاقة غير شرعية، فإن (الكندوم) يضمن عدم انتقال الأمراض بين الطرفين فضلا عن الحد من ظاهرة الأطفال اللقطاء أو مجهولي الأبوين. صحيح أن البرلمان سبق تلك القناة وناقش هذه القضية واحتدم الجدال ليس ضد ارتفاع الأسعار ولا المفاوضات مع دولة جنوب السودان، بل كان النقاش ينصب في طلب إحاطة لوزير الصحة حول جمعيات ومنظمات حماية الأسرة.. بيد أن نقاشها إعلامياً وعلى الهواء مباشرة كان (قفزة) في ظلام الإباحية وفقاً لقطاع كبير من المجتمع السوداني شديد المحافظة.. البعض يرى أن إشاعة استخدام (الكندوم) دعوة (حق) يراد بها باطل؛ فليس الأمر حماية المجتمع من الأمراض وظاهرة الأطفال اللقطاء، وإنما هي خطة (شريرة) للمنظمات الأجنبية تستهدف تشجيع المجتمعات الإسلامية على الحد من النسل، وضرب أركانها بإشاعة الفاحشة والتعايش معها و(التطبيع) مع كل الوسائل المفضية إلى هذا التعايش، فالأمر عند أولئك صراع حضارات لا أكثر. سبق لعضو البرلمان السوداني دفع الله حسب الرسول الذي أثار هذه القضية أن تمكن من منع قيام حفل للفنانة المصرية شرين عبدالوهاب في الخرطوم إبان احتلال منطقة هجليج وقتها من قبل دولة الجنوب، هذا النائب قال: (إن وزارة الصحة وافقت على إدخال 4 ملايين واق وزعت بين الطلاب والقوات المسلحة والشباب، وأضاف أن لديه مستندات وأسماء متورطة في توزيع العازل وسط الطلاب).. في عالم السياسة نجد أن كلمة (التطبيع) كلمة بغيضة تعني الانكسار والقبول بالأمر الواقع والتعايش مع ظلم الاحتلال وأي ظلم مثل الاحتلال الإسرائيلي.. هذه الكلمة وجدت لها متكأً في المجال الاجتماعي والأخلاقي والمشهد الإعلامي.. حلقة مثيرة من ذلك البرنامج حقاً، لكن ليست كل الإثارة حميدة.. الخطورة أن (سحر) وجبروت الفضائيات أوقع شيوخاً مثل (يوسف الكودة) و(دفع الله حسب الرسول) في حبائل (التطبيع) مع (الكندوم) أحد إفرازات تلك الحضارة، حضارة الجنس والشذوذ.. مثل تلك الحلقة ومنهج تناول ذلك الموضوع يصب في محاولات أن يصبح المجتمع المحافظ متقبلاً ومتعايشاً مع هكذا مواضيع.. مشاهدة تلك الحلقة بالطبع لم تقتصر على الكبار، الكل كانت متاحة لهم شيباً وشباباً، رجالاً ونساءً، أطفالاً ومراهقين.. أخشى أن ينزلق الإعلام يوماً ويناقش حقوق الشاذين جنسياً!! ويجد من الشيوخ والعلماء ممن يسحره التلفزيون فيقعون جميعاً في الإثم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.. (الكندوم) ومهما تم تبريره صحياً فهو من (أوساخ) الحضارة الغربية وهي حضارة من لدن الأسلاف الذي يحتفي بهم بعض مثقفينا.. مستنقع الإباحية الذي يغوص فيه الغرب لم يكن وليد اليوم بأي حال من الأحوال فهو متوارث أبا عن جد ويحدثنا الشاعر (هوميروس) في الإلياذة عن الحب الذي يحمله البطل (أخيل) للغلام باتروكلوس.. ويحدثنا (أفلاطون) عن عشق (سقراط) للغلام (اليسباديس)، ويذكر (ديوجنيس) أنّ (سقراط) عندما كان غلاماً كان معشوقاً لمعلمه.. مجلة (ادفوكات) التي تصدر في سان فرانسيسكو نشرت قبل أعوام قائمة بأسماء بعض المشاهير ممن يمارس الشذوذ ومنهم على سبيل المثال: (سقراط) الفيلسوف اليوناني و(أرسطو) المعلم الأول عند الإغريق و(الإسكندر الأكبر) و(يوليوس قيصر)، والإمبراطور الروماني الشهير الملك ريتشارد قلب الأسد بطل الحروب الصليبية و(ليوناردو دافنشي) الرسام العالمي صاحب لوحة الموناليزا و(بطرس الأكبر) ملك روسيا. نذكّر أن يوم (26) أبريل من كل عام يصادف اعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بالشذوذ الجنسي، وتعتبر ولاية فرمونت الأمريكية، أول ولاية أمريكية تعطي للشواذ جنسياً حق الحصول على قسيمة شبيهة بقسيمة الزواج، تعطيهم نفس حقوق وواجبات الزواج التقليدي! عندما دقت نائبة أمريكية ناقوس الخطر تلقت تهديدات بالقتل عبر سيل من الرسائل الصوتية والإلكترونية الحادة التي احتجاجا على تصريح لها قالت فيه إن الشذوذ الجنسي أشد خطرا على الولاياتالمتحدة من (الإرهاب) الإسلامي.. وحذرت تلك النائبة من مخاطر صمت المجتمع الأمريكي إزاء انتشار الشذوذ الجنسي في جنباته، واصفة هذا الانتشار بأنه (نقرة الموت) بالنسبة للدولة كاملة.. في ألمانيا تخطّت ظاهرة الشذوذ الجنسي الوسط الفني التقليدي، وانتشرت علانية في الوسط السياسي، وبدا لافتا أن تهافت السياسيين على الاعتراف بشذوذهم الجنسي بات مطلباً انتخابياً بعد أن كشفت التجربة بأن السياسيين الذين اعترفوا بشذوذهم الجنسي فازوا بأعلى نسبة من أصوات الناخبين.. هذه هي الأفكار