{ المؤتمر الرابع لحزب (العدالة والتنمية) الحاكم في تركيا الذي انعقدت جلسته الافتتاحية (الأحد) كان مناسبة جيدة لتجديد نشاط و(نجومية) رئيس الحزب وكان فرصة طيبة لانطلاقة (دولية) جديدة للنائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ "علي عثمان محمد طه". { خاطب "شيخ علي" المؤتمر بعد الرئيس المصري "محمد مرسي"، وقبل نائب رئيس جمهورية العراق "طارق الهاشمي" ورئيس اقليم كردستان العراقي "مسعود البرزاني"، وزعيم حركة حماس "خالد مشعل".. وآخرين من زعماء وكبار الشرق الأوسط. { تجلى "علي عثمان" في كلمته وقاطعه المؤتمرون بالتصفيق عدة مرات، وبدا لي في هذه الرحلة بكامل لياقته (الذهنية) و(المعنوية). أشاد بالتجربة (التركية) في عهد حزب (العدالة والتنمية)، ووصفها بأنها (ملهمة)، و(رائدة) و(موجبة)، وقد تجاوزت الحدود الجغرافية لتركيا إلى رحاب الإقليم وأطراف العالم. وتحدث النائب الأول عن تطور العلاقات الثنائية بين السودان وتركيا، وأكد أن السودان وجد مناصرة قوية وتفهماً واسعاً لقضاياه من القيادة التركية مشيراً إلى مشروعات التنمية والخدمات والاستثمارات التركية. ونادى النائب الأول بضرورة عقد مؤتمر دعم السودان الذي كان مقرراً انعقاده قبل أشهر، وتعطل بسبب تدخلات غربية. وأثنى "علي عثمان" على (شخصية) "إردوغان" مستشهداً بموقفه الشجاع في مؤتمر "دافوس" عام 2009، عندما غادر منصة المؤتمر عقب ملاسنة حادة مع الرئيس الإسرائيلي "شيمون بيريز" حول العدوان على "غزة" واحتجاجاً على مقاطعته من قبل رئيس الجلسة، حيث خاطبه "إردوغان" بالقول: (لقد منحتني (12) دقيقة فقط للحديث، بينما تحدث "بيريز" (25) دقيقة، وانسحب "إردوغان" من الجلسة، بينما ظل "عمرو موسى" الأمين العام للجامعة العربية محتفظاً بمقعده في المنصة!! { قال "علي عثمان" إن "إردوغان" مفخرة لكل المسلمين، وأنه يستحق زعامة كل العالم الإسلامي وليس تركيا فحسب. { "إردوغان" حيا في خطابه المطول الذي ارتجله متحركاً على المسرح، "علي عثمان" في مقدمة ضيوف المؤتمر قائلاً: (اسمحوا لي أن أحيي نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه..). { مشاركة النائب الأول في المؤتمر الذي نقلته عشرات الفضائيات الدولية شكل إضاءة ساطعة لاسم السودان في المحافل الدولية وخطف الأضواء مع الرئيس "مرسي" و"خالد مشعل" و"الغنوشي". { قناة الجزيرة (القطرية) لم تنقل كلمة النائب الأول ولم تشر إليها في نشراتها الإخبارية، بينما بثت على الهواء جزءاً كبيراً من الكلمة المطولة للرئيس "مرسي"، بالإضافة إلى كلمة "خالد مشعل" وآخرين، وهذا ليس غريباً على (الجزيرة) التي فتحت برامجها يوم توقيع اتفاق "أديس أبابا" بين السودان والجنوب للناقدين للاتفاق، وظلت تعيد نشر عناوين على الشاشة أثناء استضافتها للزميلين "خالد التيجاني" من "الدوحة" والشيوعي "نيال بول" من "جوبا"، عناوين من شاكلة: (البشير قال بعد الاعتداء على هجليج لن نسمح بمرور نفط الجنوب بأي ثمن)!! و(البشير وصف الحركة الشعبية بالحشرة الشعبية)!! { وبالتأكيد فإن (الجزيرة) لا يسرها اهتمام الأتراك بنائب الرئيس السوداني، رغم أن موفدتها إلى "أنقرة" "شيرين أبو عاقلة"، قالت للدسك في في الدوحة: (في هذه اللحظات يتحدث نائب الرئيس السوداني)!! { "شيخ علي" أجرى لقاءات ثنائية على هامش المؤتمر مع الرئيس المصري الدكتور "محمد مرسي"، والشيخ "راشد الغنوشي" زعيم حركة النهضة في "تونس" الذي زار النائب الأول بمقر إقامته بفندق "ماريوت" بحضور السفير التونسي، وسفيرنا في أنقرة "عمر حيدر"، بالإضافة إلى الوزير الدكتور "مصطفى عثمان إسماعيل" والبروفيسور "إبراهيم غندور" رئيس قطاع العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني. { شارك "علي عثمان" في دعوة العشاء الرسمية التي أقامها رئيس وزراء تركيا رئيس العدالة والتنمية عشية المؤتمر. { الرئيس "مرسي" وبقية الوفود كانت تقيم بفندق "ماريوت" فائق الفخامة، وقد صادفناه في (بهو) الفندق وهو في طريقه إلى المطار يسير وتحيط به حاشية من عشرات المصريين. "مرسي" الذي حيانا بالسلام بدا لي وهو يمر بجانبنا أقصر مما توقعت، وربما أقصر مني ومن الزميل الأستاذ "أحمد عبد الوهاب" نائب رئيس تحرير "ألوان" وذراع أستاذنا "حسين خوجلي" الأيمن!! { في (لوبي) الفندق التقينا بعدد من نجوم السياسة والإعلام في العالم العربي والإسلامي، فقد جمعتنا (وقفة حوار) مع نائب الرئيس العراقي الدكتور "صالح المطلق"، والأستاذ "عبد الباري عطوان" صاحب ورئيس تحرير (القدس العربي) اللندنية، والأستاذة الصحفية والمناضلة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام في العام 2001 "توكل كرمان" التي أطلقت عليها الصحافة المصرية لقب (سيدة الربيع العربي). "توكل كرمان" جاءت إلى تركيا لحضور مؤتمر حزب العدالة تصطحب زوجها وابنتها (حوالي أربعة عشر عاماً)، وطفلها، وكنت أقابلهم في المطعم عند تناول وجبة الإفطار. زوجها يبدو مبتهجاً، وفخوراً بزوجته (النجمة). "توكل" ترتدي عباءة فضفاضة، وتضع الحجاب الكامل، وكل هذا لم يقلل من نجوميتها، ولم يأخذ من جمالها البائن!! { "عبد الباري عطوان" المقيم في "لندن" قال لي والزميل "أحمد": قابلت قبل قليل الدكتور "مصطفى عثمان" ودعاني لزيارة السودان ولكني قلت لدكتور "مصطفى" : (أيش أسوي في السودان؟) وأضاف مخاطبنا: (يعني ايش استفاد السودان.. لا حصَّل البترول اللي استخرجه.. ولا حافظ على الوحدة)!! قلت له متى زرت السودان؟ قال: عام 1994، للمشاركة في المؤتمر العربي والإسلامي أيام "الترابي". { في الحوار المشترك بجوار (الأسانسير) مع نائب رئيس وزراء العراقي "صالح المطلق" الذي كان مستاء في حديثه من تفشي (الطائفية) في العراق، قال عبد الباري له: (يجب أن تعترفوا أنكم فرطتم في "صدام حسين".. العراق الآن انتهى والسعودية التي شاركت في القضاء على "صدام" ومهدت للطائرات الأمريكية تبكي الآن على العراق القديم وسيطرة إيران عليه)!! { سألت "عبد الباري" لماذا تهاجم السعودية باستمرار عبر قناة (الجزيرة)؟! قال لي: (منذ سنة ونصف لم أظهر في "الجزيرة")!! قلت له: إذن هناك صفقة بين (قطر) و(السعودية) انتهت بحجبك عن القناة.. خاصة وأن الدولتين توافقتا وتوحدتا مؤخراً ضد النظام السوري!! أومأ موافقاً على إشارتي ومتعجباً من غيابه عن (الجزيرة)!! { الدكتور "مصطفى عثمان" وزير الاستثمار معروف في أوساط كثيرة بين قيادات العرب والمسلمين، وكانوا يصافحونه بقبول ومعرفة. { بروفيسور "غندور" كان (ملح) الرحلة الطويلة (4) ساعات ذهاباً ومثلها إياباً خلال (72) ساعة. وكانت قفشاته مع "شيخ علي" و"مصطفى عثمان" تجلجل. "غندور" مدير جامعة الخرطوم الأسبق، من أكثر قيادات (الإنقاذ) اطلاعاً على الكتب والصحف والدوريات مع أنه متزوج من (أربعة نسوان). "البروف" يعتقد أنها تجربة ناجحة وسعيدة، حيث رزق ب(8) أحفاد!! الرجل أب لحشد من (البنات).. قلت له: (يعني جنتك مضمونة)؟! رد ضاحكاً: (والله لو ختينا السياسة ما عندنا عوجة).. ولم يقل المؤتمر الوطني!! { من أعضاء الوفد د."أبوبكر الصديق" أمين الدول العربية بالقطاع الخارجي، و"أسامة فيصل" مسؤول الدول الغربية. { التجربة التركية جديرة بالاحترام والتقدير، فقبل أيام من المؤتمر العام لحزب العدالة، أعلن "نعمان كورتولموش" وهو من رفقاء "إردوغان" و"غول" عندما كانوا تلاميذ الراحل المؤسس "نجم الدين أربكان"، أعلن حل حزبه وانضمامه لحزب العدالة، القصة تشبه (وطني) و(شعبي). المراقبون يتوقعون بعد انتهاء هذه الدورة الأخيرة ل"إردوغان" على رئاسة الحزب، أن يفسح القيادة للسيد "نعمان". هل يمكن أن يفعلها (الوطنيون) و(الشعبيون) في السودان متجاوزين الصراع المحموم لمصلحة الوطن الكبير، كما فعل "إردوغان" و"نعمان"؟! { في طريق العودة إلى الخرطوم وعلى متن الطائرة أتيحت لي فرصة ذهبية لحوار ليس (للنشر) مع النائب الأول لرئيس الجمهورية. أنا دائماً أفضل الحوارات (غير المنشورة) مع كبار القيادات لأنها تعينني في قراءة اتجاهات القراء، ورؤية القيادة لمجمل القضايا. أما السبق الصحفي فأعرف مواقيته وضروراته بقدر حاجة الصحيفة له. الحوارات (غير المنشورة) مع "شيخ علي" أكثر أريحية وأثرى بالمعلومات!! ولن أزيد. { وكل رحلة وأنتم بخير.