إن شريحة الأئمة والدعاة تعد واحدة من الشرائح التي لا يلتفت إليها المجتمع كثيراً، أما التفات الدولة لها تكون بعين واحدة. فشريحة الأئمة والدعاة معنية بأداء الصلاة وتقديم دروس العبادات مرة أو اثنين أو ثلاثة في الأسبوع، مع إمامة المصلين يومياً عند صلاة الصبح وبقية الصلوات الراتبة في جماعة، لكن لا أحد يعرف كثيراً عنها، هل شريحة الأئمة والدعاة يتزوجون وينجبون؟ هل يمارسون حياتهم الطبيعية؟ هل يشاركون الناس أفراحهم وأتراحهم؟ هل يذهبون إلى الأسواق لشراء حوائجهم؟ هل تجب عليهم الأضحية كما تجب على بقية الناس؟ كل هذه الأسئلة تداعت إليَّ وأنا استمع وأنصت إلى جيل جديد من الأئمة والدعاة تلقوا تعليمهم الجامعي، وربما تكون لهم شهادات أرفع من الشهادات الجامعية، ولكن حظهم العاثر جعلهم يقومون بواجب الدعوة في معظم المساجد بالمركز والولايات، ولم أصدق أن الأئمة والدعاة المنسوبين إلى الشؤون الدينية أو الرعاية الاجتماعية أن ما يتقاضونه من مال نظير هذه الدعوة لا يفِ احتياجات اليوم ناهيك عن الشهر، لم أصدق أن بعض الأئمة يتقاضون مرتباً شهرياً يبلغ (مائة وثلاثون) جنيهاً، أما الكبار منهم فيتجاوز الثلاثمائة جنيهاً، والبعض حسب ما سمعت أن راتبه (خمسون) جنيهاً، مبلغ زهيد لو قدر لهذا الإمام أن يذهب إلى الطبيب لا يعينه على الكشف ناهيك عن أسعار الدواء التي طارت في السماء، أما إذا كان له أطفال والأئمة يكثرون من الإنجاب، فلن يكفي المبلغ تعليم تلميذ واحد ناهيك ستة أو سبعة أطفال وفي مدارس مختلفة. حدثني أحد الأئمة أن زوجته طلبت الطلاق لأنه لم يفِ باحتياجاتها المادية، فهل يستطيع هذا الإمام صاحب (المائة وثلاثين) جنيهاً أن يدق ذهب لزوجته أو يلبي بقية طلباتها، وهل يلبي احتياجات الأولاد، فماذا يفعل إذا طلب الطفل تفاحاً أو عنباً أو حتى فراخ، ماذا يفعل؟ إن أوضاع أئمة المساجد والدعاة تحتاج إلى مراجعة من الجهات المسؤولة بالشؤون الدينية أو الرعاية الاجتماعية التي ينتسبون إليها حتى لا يكثر لدينا دعاة السلطان. في كثير من المحافل التي تقام خاصة وإن الافتتاحات التي يشرفها رئيس الجمهورية أو أحد نوابه أو الوزراء دائماً تفتتح تلك المناسبات بآيات من الذكر الحكيم، ويدعى الشيخ فلان الفلاني إلى مكان الحفل، وأولى فقرات الاحتفال قراءة القرآن، فينصت الجميع في خشوع تام ويتابعون في سرهم الآيات القرآنية التي انتقاها هذا الشيخ بعناية فائقة تتناسب مع الاحتفال، ولكن بعد أن ينفض الحفل وتكون لجنة الاحتفال قد صرفت في قارورة مياه الصحة فقط ملايين الجنيهات ناهيك عن البلح والفول والعنب والتفاح وبقية الطيبات التي خصصت لضيوف الاحتفال، كم المبلغ الذي تقدمه لجنة الاحتفال لهذا الشيخ مقارنة ما تقدمه إلى فرقة (الصحوة) أو أي فنان مصاحب للاحتفال، فإن مبلغ قارئ القرآن في أحسن حالاته لن يتجاوز (المائة جنيه) تقريباً!! فكم صرف هذا الشيخ من مواصلات وجلباب وشال وعمة حتى يكون مشرفاً للجهة التي دعته ليكون فاتحاً لبرنامجها. قال الفنان( كمال ترباس) إن الحفلة الواحدة تكلفه لبس ب(مليون) جنيه عمة جديدة وجلباب وملفحة وشال وغيرها من الملابس التي يرتديها (ترباس) في الحفل، فإذا كان (ترباس) تكلفه اللبسة الواحدة (مليون) جنيه لبضع ساعات غناء مشكوك في حلاله وحرمته، فكم يكلف هذا الشيخ صاحب (المائة وثلاثين) جنيه التي يتقاضاها شهرياً نظير ما يقوم به من عمل؟ ملحوظة: نعتذر لمتابعي حلقات (هل فشلت صحافة الحكومة)؟.. وسنواصل.