* وافق الرئيس سلفاكير ميارديت رئيس دولة جنوب السودان على دعوة الرئيس عمر البشير للجلوس مع نائبه السابق رياك مشار في الخرطوم، من أجل التوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة بينهما. * إن أزمة جنوب السودان لم يتأثر بها الجنوب وحده، بل كان التأثير الأكبر على الشمال، خاصة بعد أن ذهب كل البترول إلى الجنوب، ولكن حتى البترول الذي ذهب إلى الجنوب لم يستفد منه الجنوبيون، فأصبح الشمال والجنوب سيان فى المعاناة، بعد أن شهد الشمال والجنوب نوعاً من الاستقرار والرفاهية بعد استخراج البترول، ولكن لعنة الحرب كانت الطامة الكبرى والتي مازلنا نعاني منها حتى الآن، لذا فإن الرئيس سلفاكير يجب أن ينظر إلى مصلحة شعبه الذي هام في دول الجوار يوغندا وكينيا وعاد عدد كبير من هذا الشعب، الذي كان يمني النفس بحياة زاهية ودرجة مواطن من الدرجة الأولى، عاد إلى الشمال من جديد بعد أن ظن أن الاستفتاء سوف يحقق له كل طموحاته، ولكن الانفصال كان وبالاً عليهم، وبدأ صراع السلطة بين الأطراف الطامعة في حكم الجنوب، خاصة قبيلة الدينكا التي تعتقد أنها الأحق بالحكم، ولكن القبائل الأخرى تعتقد أيضاً أنها من حقها أن تحكم، إلا أن الصراع اشتد بين كل الأطراف، وفقد المواطن المسكين العيش الكريم، وهرب من جحيم الحرب محتمياً بدول الجوار، ولم يتعظ الحكام الجدد من الحرب الطويلة التي امتدت لخمسين عاماً مع الشمال، قضت على الأخضر واليابس وأدت إلى هجرة الإنسان والحيوان معاً، اليوم لابد أن يعيد الرئيس سلفاكير ورياك مشار حساباتهم من جديد، فلم يبق في العمر بقية للتناحر والتخاصم والصراع .. فإنسان الجنوب مسؤولية الطرفين، والاتفاق بينهما قد يعيد الأمور إلى وضعها الطبيعي، فالبترول الموجود الآن يمكن أن يجعل من دولتهم أكثر أمناً واستقراراً، بل يعيد إلى الشمال أمنه الاقتصادي الذي فقده بتلك الحرب بين طرفى النزاع الدينكا والشلك أو الدينكا والنوير أو الدينكا وبقية القبائل الأخرى، فنأمل أن يكون لقاء الخرطوم بين سلفا ورياك بداية لطي صفحة سوداء من الدمار والخراب الذي عاشه الجنوب طوال السنوات الماضية، فالحرب في الجنوب لاتقل عن الحرب التي وقعت بين الهوتو والتوتسي، وهاهم القبيلتان قد عادتا إلى رشدهما وتناستا القبلية، وبدأتا فى إعادة بناء الدولة من جديد يداً بيد، وليس ببعيد أن يتفق سلفا ورياك من أجل البسطاء والمحرومين والحالمين بدولة يسودها الأمن والأمان والاستقرار، فلقاء الخرطوم هو ضربة البداية لإعادة الاوضاع إلى نصابها بين الطرفين، ومن ثم يمكن أن تنشط الاتفاقيات بين البلدين وفتح المعابر لدخول البضائع إلى دولة الجنوب، ونعلم أن الجنوب مازال دولة بكر، بها كل المقومات التى تجعل منها دولة لاتقل مكانة أو رفعة أو شأناً من الدول العربية أو الأوربية، فاستقرار الجنوب هو استقرار لكثير من دول الجوار الأفريقي، لذا لا بد أن يعرف سلفا أن الجنوب والجنوبيين كان ينتظرونه بفارق الصبر إبان الاستفتاء الذي جرى في العام 2011، لينعموا بوطن يضمهم بعد فرقة وشتات، وما زال الكثيرون يحدوهم الأمل – من أبناء الجنوب المنتشرين فى البقاع المختلفة- للاستقرار. * فدخول الطرفين سلفا ورياك لقاء الخرطوم المرتقب يجب أن يكون من أجل مصلحة الإنسان الجنوبى أولاً، قبل أن يكون صراعاً على كراسي السلطة.