(1) (ذهاب الريح) هي النتيجة والخلاصة لما يدور الآن من جدل وعراك بشأن مؤتمر الحركة الإسلامية الثامن، يقول الله تعالى: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) الأنفال 46.. ليت المشكلة كانت اختيار الأمين العام الجديد للحركة، فهذه هينة ومقدور عليها.. قيل إن البعض يريدها حركة بهياكل صورية، بلا طعم ولا رائحة، بل تذوب تماماً في الوعاء الجامع؟!.. أتدرون ما هو الوعاء الجامع؟ إنه المؤتمر الوطني بشكله الحالي.. لا بأس أن يكون وعاءً جامعاً بشرط ألا يترك حبل الاستيعاب على الغارب بدون (فرمطة) للقادمين الجدد كما هو.. لابد أن يكون القادم الجديد على استعداد تام لكي يلبس ثوباً جديداً بعد أن يخضع نفسه لعملية (Format) أو (فرمطة).. الأصل أن يستوعبه نظام و(System) حزبه الجديد وليس العكس.. المدهش يريدون أن تذوب الحركة بكل تاريخها وكسبها وأخلاقها ولا يفعلون شيئاً ليذوب القادمون الجدد في الوعاء الجامع!!، أليست هذه مفارقة بينة ومثيرة؟.. إذن المنطق السائد الآن هو منطق (البصل الفاسد ودجاجة الخلا).. لذا أصبحت عملية الاستيعاب وبالاً على الحزب فأصبح كياناً موبوءاً بأمراض الأحزاب الأخرى.. عندما لا يهتم تاجر البصل بوجود بصلة فاسدة في مخزن البصل الذي هو في عمومه بصلٌ سليمٌ، سرعان ما يسري الفساد حتى يصبح كل البصل فاسداً، وعندما يضم صاحب دجاج دجاجة غريبة رعناء إلى دجاجه سرعان ما تحاول الدجاجة الغريبة طرد الدجاج الأصل، وتظن أنها صاحبة الحق ويصاب سرب الدجاج بالاضطراب وتختل الموازين في القفص.. البصل الفاسد يكاد أن يقضي على البصل السليم والدجاج الغريب يوشك أن يقول (كر) لما سواه.. أناس بذلوا الغالي والنفيس لأجل الفكرة وينظرون اليوم بدهشة لموقعهم على حواف الحزب وهوامشه لما يجري داخل الأروقة والدهاليز.. ما يؤلم أن روحاً مغايرة تسري في الأوصال، روحاً كادت تحذف جل المرتكزات الفكرية.. مواعين الشورى حتى في الجهاز التنفيذي عجزت تماماً عن استيعاب الصرخات و(الاستغاثات)؟!.. لا أقول صرخات من منسوبي الحزب العاديين بل من قيادات يشار إليها بالبنان.. الغاضبون اختاروا الإعلام لبث همومهم وآلامهم.. الأمر تعدى مربع وجهات النظر المغايرة إلى أبعد وأعمق من ذلك كما فعل سيدنا يعقوب عليه السلام عندما غدر أبناؤه بأخيهم يوسف عليه السلام وأصبح حاله قرآناً يُتلى إلى يوم الدين في قوله تعالى: (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) يوسف 86.. ليست المشكلة في وجود الاختلاف ولكن المشكلة في انقطاع أدوات التواصل.. حواجز معنوية ونفسية تحول دون التواصل حتى في ظل توافر أدوات التواصل التقليدية مثل التنوير العلاني واللقاء الفلاني والاجتماع الفرتكاني. (2) عراك وملاسنات بين جناحي الحركة المكلومة، (الشعبي) من جهة و(الوطني) من جهة أخرى.. تهديد (شعبي) بتنفيذ انقلاب أبيض ووعيد وتهديد (وطني) بالويل والثبور وعظائم الأمور.. يبدو أن رموز الحركات الإسلامية الذين دُعوا لحضور المؤتمر تنتظرهم عروض فريدة على خشبة مسرح الصراع بين الجناحين.. رئيس اللجنة العليا للمؤتمر قال إن (الشعبي) ليس مرحباً به في المؤتمر ورئيسة اللجنة الإعلامية تقول إن الدكتور "حسن الترابي" وقيادات أخرى من حزبه مدعوة للمؤتمر؟!.. أعتقد أن أكبر إخفاق يمكن أن يصيب المؤتمر عدم طرحه لمبادرة لرأب الصدع.. لا يجب أن يكون فشل المبادرات السابقة وما أكثرها سبباً للنأي عن التقدم بطرح بهذا الخصوص.. أكبر مصيبة أصابت الحركة الإسلامية في السودان ذلك الانشقاق المدوي الذي سمي بالمفاصلة.. مفاصلة لم يلتزم طرفاها بأدب الخلاف بل إن فجور الخصومة بلغ شأواً عظيماً قدم نموذجاً سيئاً للإسلاميين في السودان. • آخر الكلام: العطش يجتاح مربعات (51، 52، 53) بالطائف، والسبب الجمرة الخبيثة المتحكمة في كهرباء بئر المياه.. مسؤول اللجنة الشعبية يقول إن المهندس المسؤول وهو تابع لهيئة مياه الخرطوم يقول إن عليهم مديونية كبيرة لدى شركة الكهرباء.. يبدو أن الرجل يقوم بتغذية الجمرة الخبيثة بمبالغ ضئيلة سرعان ما تنتهي الكهرباء الشحيحة وريثما يجد مبلغاً متواضعاً آخر يُبعد العطش على تلك المربعات.. السؤال ما دخل المواطنين في تلك المديونية؟ أليس المواطن اليوم مجبراً على دفع فاتورة الكهرباء والماء مقدماً؟.. لا حول ولا قوة إلا بالله.