(1) هل بدأ شتاء الانتكاسات يطرد الربيع العربي؟.. ربيع تونس يفشل في إثناء سلفيين ماتا بسبب إصرارهما على الإضراب عن الطعام احتجاجاً على أوضاع سياسية.. الثورة التونسية التي جاءت بالإسلاميين إلى الحكم تفشل في استيعاب السلفيين ودمجهم في الحياة السياسية.. قبيل اندلاع ثورة تونس انتحر الشاب "محمد البو عزيزي" حرقاً احتجاجاً على نظام "زين العابدين بن علي" البائد، وعلى إثر ذلك اشتعلت الثورة، لكن اليوم شابان ماتا جوعاً احتجاجاً على النظام الذي جاء على أكتاف الثورة؟!.. في مصر شهد ميدان التحرير أحداثاً مؤسفة (الجمعة) الماضية، وأعلنت قوى سياسية معارضة للرئيس "محمد مرسي" دخولها في اعتصام اعتراضاً على قرارات للرئيس ترى أنها وسعت من سلطاته وقوضت السلطة القضائية.. في المقابل فإن قيام مجموعات مماثلة من المتظاهرين بالاعتصام بجانب القصر الرئاسي تعبيراً عن وقوفهم بجانب "مرسي" تزيد من التوتر في الشارع المصري.. لا شك أن "مرسي" لديه شرعية شعبية جاءت به رئيساً للبلاد، ومن حقه أن يصدر القرارات التي قال إنها (لحماية الثورة).. قواعد اللعبة الديمقراطية تقضي إتاحة الفرصة للرئيس المنتخب لتنفيذ برنامجه وعلى البقية الاستعداد للجولة القادمة بتنقيح برامجهم التي لم تجد قبولاً من الناخب.. المدهش أن رئيس حزب المؤتمر "عمرو موسى" كان من ضمن المحتشدين بميدان التحرير الرافضين لقرارات "مرسي".. في أحسن الأحوال فإن "عمرو موسى" صاحب السيجار الكوبي الفخم، يتميز بالغموض، ويصعب معرفة موقفه بالضبط من قضية ما، فهو شخصية مثل الحرباء تجيد التلون بكل الألوان.. العديد من المصريين لا يعتقدون أن "عمرو" بعيد عن أفكار النظام البائد، و(10) سنوات وزيراً للخارجية تكفي.. فقد نزل الرجل إلى ميدان التحرير إبان اشتعال الثورة بأمر من أمن الدولة لتهدئة الثوار وحثهم على الرجوع وإتاحة فرصة للرئيس مبارك!!.. وقد ظهرت وثيقة تدين تورط الرجل فى عملية تصدير الغاز المصري لإسرائيل ونشرتها صحيفة (اليوم السابع) المصرية ولم يستطع إنكارها ورد قائلاً: طالما أن وثائق الحكومة يتم تسريبها فسوف نطالب بفتح الملف بالكامل)؟!.. (2) تداعى نفر كريم من أهل الوفاء لإنشاء مؤسسة دعوية باسم الراحل البروفيسور "أحمد علي الإمام" مستشار رئيس الجمهورية والداعية والعالم المعروف.. على رأس هؤلاء النفر البروفيسور "عبد الرحيم علي"، والشيخ "الطيب الجد" شيخ خلاوي أم ضواً بان، والبروفيسور "يوسف الخليفة أبوبكر"، والبروفيسور "مبارك محمد علي المجذوب"، والبروفيسور "حسن أبو عائشة" وعدد كبير من الأسماء اللامعة والمحبة للفقيد.. المؤسسة المراد قيامها تُعنى بمجالات اهتمام البروفيسور "الإمام"، ويراد لها أن تضم مدارس قرآنية ومكتبة فضلاً عن مجمع إسلامي يضم مشاريع الفقيد بدنقلا.. أقل ما يمكن تقديمه للشيخ "أحمد الإمام" أن ترعى الدولة بجانب هذه الثلة المؤسسة المزمع تأسيسها باسم الراحل. • آخر الكلام: يقول الفيلسوف الإنجليزي "توماس هوبز": (إن الإنسان ذئبٌ لأخيه الإنسان" فالناسُ تتقاتل فيما بينها لأن كل واحدٍ يبحث عن مصلحته دون سلطة تكبح جِماحه. لكن "جان جاك روسو" وهو فيلسوف فرنسي انتقد "هوبز" في فكرته تلك وقدم بدلاً منها فكرةً أخرى وهي "إن الإنسان طيب بطبعه ولكن المجتمع هو الذي يُفسده". سواء اتفقنا مع "هوبز" أو مع "روسو"، فإن الإنسان الأناني يمثل حالةً مرضيةً في حياتنا الاجتماعية.. ولذا عملت التربية الإسلامية على تحرير الإنسان من الأنانية وعبادة الذات، وتصحيح سلوكه على أساس توازن العلاقة بين الأنا وذات الآخرين، لتتوازن الحياة الاجتماعية.. وكم هو بديعٌ ما أوصانا به الرسول صلى الله عليه وسلم كأساسٍ لبناء السلوك.. في قوله:(لايؤمن أحدكُم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).. الإيمان الحقيقي لا يتحقق إلا إذا أحبننا للآخرين ما نحبه لأنفسنا، وكرهنا لهم ما نكرهه لها، عندئذ نتحرر من الأنا وعبادة الذات، ونفكر في مصلحة الجماعة.. ولا تقف التربية الإسلامية الى حد الموازنة بين مصالح الذات ومصالح الآخرين، بل تتسامى دعوتها الأخلاقية إلى أن تُربي الإنسان على الإيثار.