أرجو صادقاً ألا يبعث اتصال الرئيس "عمر البشير" برئيس دولة جنوب السودان "سلفا كير" وحثه على تسريع عملية تنفيذ اتفاق التعاون المشترك رسالة خطأ، ويظن "سلفا" وأعوانه الموتورون أن الخرطوم (مزنوقة) وتستجدي السلام معهم، فيزدادوا غروراً على غرورهم وعناداً على عنادهم.. في الوقت الذي وعد فيه "سلفا" الرئيس "البشير" (خيراً) نقلت وكالة (رويترز) للأنباء أن "سلفا" رفض طلباً تقدمت به الخرطوم بنزع سلاح المتمردين الشماليين!!.. لا عتقد أن (رويترز) قد جاءت بجديد لأن رجوع رئيس الجانب السوداني في اللجنة السياسية الأمنية المشتركة، وزير الدفاع "عبد الرحيم محمد حسين" بخفي حنين قبل عدة أسابيع من جوبا وتعنت حكومة "سلفا" بشأن الملف الأمني وتلكؤها في فك ارتباطها العسكري والسياسي ب(قطاع الشمال) خير دليل على استهتار جوبا بذلك الاتفاق الذي وصفه "قطبي المهدي" القيادي بالمؤتمر الوطني بأنه داخل (غرفة الإنعاش).. اللجنة المشتركة فشلت حتى في تحديد موعد لانعقادها في الخرطوم وترك الأمر للظروف، حتى الاتصال بين الرئيسين شمل دعوة اللجنة للانعقاد بدون تحديد موعد.. الاجتماع الأول كان من المفترض عقده في الخرطوم لكن جماعة "سلفا" حردوا و(عصلجوا)، بل هددوا بنقل اجتماعاتها إلى أديس أبابا ولولا (المرونة) التي أبدتها الخرطوم ووافقت على عقدها أولاً في جوبا لانكشف الحال.. اليوم يزيد التلكؤ في تحديد مواعيد انعقاده الشكوك في جدية جماعة جوبا.. "سلفا" شكا ل(رويترز) قائلاً: (إن السودان رفض الموافقة على مرور صادرات النفط من الجنوب عبر أراضيه بعدما تقدم بطلبات مستحيلة)!! الطلبات المستحيلة هي فك ارتباطه ودعمه ل(قطاع الشمال) الذي يعيث فساداً في جنوب كردفان وأيضاً دعمه للجبهة الثورية التي رفعت علمها في سماحة وأقامت نقطة جباية فيها!!.. لن تحصلوا على سلام مع جوبا ما لم تكن لديكم قوة ردع لاستفزازات الجيش الشعبي وأعوانه.. بدون قوة عسكرية باطشة لن تنصاع جوبا وربائبها (قطاع الشمال) و(الجبهة الثورية) لصوت العقل.. سيكون اتفاق التعاون المشترك مثل البقر الذي زعم بنو إسرائيل أنه تشابه عليهم.. ستظل حكاية اللجنة المشتركة واجتماعاتها مثل حكاية (أم ضبيبينة).. في سورة (البقرة) حيث قصة بني إسرائيل والبقرة، لقد شرح القرآن كيف تعنتوا وعقدوا الأمور، وهم يماطلون في تنفيذ الأمر الرباني.. لقد مكث سيدنا (موسى) عليه السلام في قومه (بنو إسرائيل) يدعوهم إلى الله إلا أن لجاجتهم وعنادهم بدا ظاهراً في قصة البقرة، ولم يكن موضوعها يقتضي كل تلك المفاوضات بينهم وبين سيدنا (موسى) الذي قال لهم إن الله أمركم بذبح بقرة لكنهم طفقوا يسألونه أن يسأل ربه ما هي وما لونها، وكل مرة يوضح لهم ربهم صفات البقرة، فيتمادوا ويسألوا عن أمور أخرى.. فما دام أولئك المتحذلقون هم أجداد "نتينياهو" و"بيريز"، فإن حلفاء الأبناء من أمثال "باقان" و"سلفا" سيكونون مثلهم، أو شراً منهم في التعنت والخبث.. جوبا وهي تماطل وتتعنت؛ مطمئنة لأنها تجد الحماية من المجتمع الدولي الذي وفّر لها الحماية اللازمة من خلال قرار مجلس الأمن (2046).. ذلك القرار الذي قصد منه تحجيم القوات المسلحة ومنعها من أداء مهمتها المقدسة في حماية الوطن. • آخر الكلام: نحن نتكلم ونكتب لنعبر عن آلامنا وأحلامنا، فالكلام حاجة إنسانية، فمثلما نحتاج للطعام والهواء نحتاج للكلام.. (الأذكياء) من الحكام والمتسلطين يتركونا نتكلم ونتكلم لأن مستشاريهم يقولون لهم دعوهم ليخرجوا الهواء الساخن ثم يبقى الحال هو الحال.. أما الحكام الذين لا يتمتعون بأي قسط من الذكاء، فهم أولئك الذين يمنعون الطعام والكلام عن مواطنيهم في آن واحد، وهذه البلادة تقذف بهم وراء الشمس.. حتى (ذكاء) أولئك لا يبقيهم إلى الأبد في كراسيهم، ولكن إلى حين ميسرة.