يشعر بالحنين إليها، يقطع كعكة قلبه، يوزعها للريح، تأتيه إجابات من خلف سديم الزمن أنه لا تلاقي، تضحك في مساراته ريح صرصر، يعرف إنه افتقدها ولن تعود تتكئ على شجرة أيامه، لن تعود كفانوس يرشح دمعه في مدى الأيام، أووووووووووه، يسأل نفسه مثل غراب تطارده الأعاصير، لماذا تكتب الأيام على كراسة قلبه سيناريوهات افتقاد الأحبة، لماذا كل ما روَّض قلبه مع بساتين العطر، تهرب البساتين وتتركه على قارعة الأيام يبكي حظه، يتذكر كيف أنه في تلك العشية وقعَّ على دفتر يومياتها نصاً لأغنية ما زالت طازجة كغيمة تحمل البشارة، نص رقص على إيقاعه المحبون والعشاق في زمن هرب من نفاج العمر، أغنية مكوناتها تتسرب إلى القلب كعصير الحياة . افتقدتك يا صبا عمري وشبابي افتقدتك لما زاد الشوق عذابي افتقدتك في أسايا وفي شقايا وفي اغترابي يستعيد من شباك الزمن أول مرة سمع فيها (الأغنية)، نعم سمعها بعد أن راجت وتفتت وأصبحت كعبق المسك في قلوب المحبين، مرت سنوات والأغنية يتصاعد مدها وتمسك كلماتها بعصب القلوب، يقسم الرجل أنه لم يسمع بأغنية (افتقدتك) إلا بعد سنوات طويلة من انتشارها، سنوات انصرمت من العمر، وتم تتويج الأغنية في قمة تخصها وحدها، وفرش المتلقون لها السجادة الحمراء، وأصبحت نغمة في حناجر عشرات المطربين، يتذكر في ذلك الضحى، كان منهمكاً في عمله، فجأة يرن جرس الهاتف، يأتيه من الطرف الآخر صوت "مختار دفع الله"، يا الله سنوات طويلة لم يلتقيا، هو واحد من صحبة الزمن الجميل، زمن لا أظنه يعود، المهم أبلغه "مختار" فيما إذا كان سمع بأغنية (افتقدتك)، ضحك الرجل وتمددت ضحكته في المدى، وأبلغ صديقه أنه لم يسمع بها، ولا يعرف عنها شيئاً بعد أن أودعها في عهدة صديقه "التيجاني الحاج موسى"، في تلك اللحظة فقط عرف الرجل أن إحدى خصوصياته العامة وقعت اسمها في قلب الزمن، لم يكن في حالة تسمح له بالبحث عن الأغنية ليسمعها، تعبر الأيام رتيبة كقمر ناعس في آخر الصيف، في أمسية ليس لها تاريخ يهديه واحد من أصدقائه المنتجين ألبوماً به الأغنية بأصوات عدة مطربين، يسافر مع كل نغمة فيها، يدندن باللحن وما زال يدندن بسيناريو (افتقدتك يا صبا عمري وشبابي).