(1) معارضة ضعيفة أو فاشلة؛ يعني كذلك حكومة ضعيفة أو فاشلة.. الاتهامات بضعف وفشل المعارضة لم تأت هذه المرة من الحكومة، ولكنها جاءت من الإمام "الصادق المهدي" رئيس حزب الأمة القومي.. الملاحظة الجديرة بالاهتمام أن "المهدي" صعّد بشكل ملفت من حدة انتقاداته لقوى تحالف المعارضة ووصفها بالضعف والترهل، وقال إنه ينأى بحزبه أن يلتقي بأحزاب وصف بعضها ب"الحطب الميت والطرور"، وقال لابد من التمييز بين "الطرور والصندل"، وزاد بأن التحالف حالياً غير فاعل ويعاني من التسيب التام والترهل.. الدكتور "حسن الترابي" زعيم حزب المؤتمر الشعبي، قال في آخر تصريحات صحفية له إنهم لا يريدون إسقاط النظام (فجأة) لأنهم يخشون الفوضى التي تعقب سقوطه في حال عدم اتفاق أحزاب التحالف على كيفية حكم البلاد في مرحلة ما بعد الإسقاط، وقال ليس المهم إسقاط النظام بقدر ما هو مهم أن تخطط المعارضة لتلك المرحلة وتتفق حولها.. كلام "الترابي" فيه كذلك إشارة إلى ضعف المعارضة التي يخشى أن تفشل في قيادة البلاد في حال سقوط النظام.. الخلافات في المعارضة ليست بسبب ضعف بنية الأحزاب فحسب، بل أيضاً بسبب التنازع حول قيادة التحالف.. يقود التحالف الآن "فاروق أبو عيسى" الذي يقدم نفسه اليوم كشخصية مستقلة، ولكنه رجل صاحب ميول يسارية وقد كان في مرحلة تاريخية سابقة جزءاً من الحزب الشيوعي، في نفس الوقت يرى فيه "الصادق المهدي" رجلاً غير كفؤ لشغل هذا المنصب، وربما حديثه عن الحطب الميت عنى به الأحزاب والشخصيات (خفيفة الوزن) التي ربما من بينها "أبو عيسى".. و"الصادق المهدي" له قناعة كبيرة بأنه جدير برئاسة تحالف المعارضة لا "فاروق أبو عيسى" الذي رصيده السياسي بوزن الطرور.. "المهدي" يرى أن حزبه، حزب كبير ولا يفتأ يتذكر أنه فاز بأعلى الأصوات وتبوأ رئاسة الوزراء إبان ما عرف بالديمقراطية الثالثة (1985 – 1989)، فضلاً عن الكاريزما التي يتمتع بها.. بيد أن حلم "المهدي" برئاسة التحالف يجد معارضة شديدة من "الترابي" الذي يرى في "أبو عيسى" شخصاً لا يشكل خطورة وليست لديه أجندة ليسخر التحالف لها مثل "المهدي" الذي يتمتع بشخصية قوية وعلاقات خارجية ممتدة، ويخشى "الترابي" أن يسيطر الرجل على التحالف ويجعل من الأحزاب والقيادات الأخرى مجرد (كومبارس). (2) يقيني أن الحكومة اليوم غير سعيدة بضعف المعارضة ولابد أنها نادمة على النهج الذي سلكته في السابق وعملت من خلاله على (تكسير) وإضعاف أحزاب المعارضة بشتى الطرق والأساليب.. فالبرلمان اليوم يسيطر عليه المؤتمر الوطني بنسبة تصل إلى (95%)، في حين نجد أن المعارضة مثل الحمل خارج الرحم، حيث تمارس نشاطها المعارض خارج إطار البرلمان مما يضعف النظام السياسي ويسبب له مغصاً مُبرحاً.. البرلمان بصورته الحالية يعكس صورة ترسخ هيمنة نظام قابض على الحياة السياسية بالقوة الجبرية.. حاول المؤتمر الوطني في الانتخابات الأخيرة في أبريل 2010 إرسال رسائل للعالم الخارجي بأن هناك انفتاحاً وديمقراطية، وأن النظام تحوّل من الشمولية إلى الديمقراطية، بيد أن هذه الديمقراطية ينظر إليها المتفائلون باعتبارها ديمقراطية منقوصة، أما المتشائمون فلا يرون فيها أي بصيص من الديمقراطية، وبالتالي لم يستطع النظام أن يحصل حتى الآن على (صك براءة) من المجتمع الدولي. (3) من يخلف رؤساء الأحزاب الذين شابهوا "القذافي" في البقاء (40) عاماً؟.. إنه أمر مجهول، فالتداول السلمي لكراسي القيادة في هذه الأحزاب معدوم.. فاليوم لا يعرف الناس من سيخلف "الصادق المهدي" الذي مضت على رئاسته للحزب مدة تجاوزت أربعين عاماً.. وكذلك الحال بالنسبة لمن يخلف "محمد عثمان الميرغني" رئيس الحزب الاتحادي الأصل الذي قضى مدة مماثلة لمدة "المهدي".. كذلك ظل "محمد إبراهيم نقد" زعيماً للحزب الشيوعي مدة مماثلة حتى وافاه الأجل قبل أشهر مضت.. ولا يعرف أيضاً من سيخلف الرئيس "البشير" الذي يكون قد مكث في السلطة (25) عاماً بنهاية فترته الحالية في أبريل 2015، ومع ذلك يدور حديث جهير داخل المؤتمر حول ترشحه لفترة رئاسية جديدة. • آخر الكلام: علماء زمن التصاغر والغفلة العرب يفتون بجواز إجهاض المغتصبات في سوريا، ولكن لا يجرؤون في فتوى الجهاد.. بل في إحدى الدول الخليجية أفتى أحدهم بعدم جواز الجهاد في سوريا إلا بإذن السلطان!!