حملت (سهام) البشكير وقنينة الشامبو وتوجهت صوب الحمّام، ولكن في منتصف الطريق توقفت وعدلت من وجهتها وسارت عبر البرندا نحو الحوش الورا، أطلت عبر بوابة البرندا الكبيرة على مجموعة الأطفال من بنات وأولاد الجيران المنهمكين في اللعب مع شقيقتيها (سعاد) و (سامية) وقالت: هوي يا شفع .. ألعبوا رايقين في الواطة .. ما عايزة لي تنطط وشعبطة فوق الحيط زي القرود .. أنا داخلة أستحمّا وما عايزة اي مشاكل فاهمين؟؟ رفعت (سعاد) رأسها وقالت بلثغتها المحببة: يحتي أنحنا زاتنا ما قاعدين ليك عشان تتأمري فينا .. حانمشي نلعب مع ناس (نوال) و(آمال) في بيتم. قالت (سهام ) منذرة: هووووي .. ما تتجننوا فيني .. إنتوا عارفين أماتكم كلهم مشوا البكا وحرّسوني ليكم .. عشان كدة عليكم الله أقعدوا في حتة واحدة لمن كل قرد فيكم أُمو تجي تسوقو. إحتج العيال بشدة وطالبوها بالسماح لهم بالذهاب لمواصلة اللعب في بيت ناس (نوال)، بينما جلست بت الجيران الصغيرة (منى) على الأرض، وإنشغلت عن ما يدور حولها من جدل بمحاولة تفكيك دمية صغيرة و(نكت) أحشائها .. إستجابت (سهام) تحت ضغط وإلحاح العيال وسمحت لهم بالخروج ولكن بشرط: خلاص أمشوا .. لكن ما تعملوا دوشة هناك للناس وما تتأخروا .. تعالوا راجعين بعد شوية كدي.. ثم توجهت نحو الحمام وقبل أن تدخله صاحت فيهم منبهة: ما تنسوا تقفلوا وراكم باب الشارع .. عشان أنا قاعدة براي !! إغلقت عليها باب الحمام وتعالى بعد قليل صوت إنهمار الماء من الدُش فمنعها عن سماع ما يدور في الخارج .. بينما تنادى العيال أن (أرحكاكم النمشي) وترافقوا عبر البرندا وسار ركبهم نحو باب الشارع، وفي المؤخرة كانت (منى) تسير على مهل وهي تحمل جثة دميتها (منكوتة) الأحشاء في يدها وتجرها خلفها. حانت منها إلتفاته نحو باب الحمام المغلق وبرقت عينيها ببريق (غريب وعجيب)، ولسبب ما .. لا تدريه حتى هي نفسها، تباطأت خطواتها حتى تأخرت عن المجموعة، إقتربت من باب الحمام ومدت يدها نحو الترباس الخارجي، سحبته بخفة وأغلقت الحمام من الخارج ثم أسرعت باللحاق بالباقين الذين غادروا البيت جميعا وأحكموا إغلاق باب الشارع خلفهم كما أوصتهم (سهام). إنشغلت (منى) باللعب بقية النهار ثم عادت مع إخوتها لبيتهم بعد عودة أمها من بيت (البكا)، وقد غاب عن بالها ونسيت تماما ما صنعته ب(سهام)، ولذلك وفي غاية الأريحية إنطلقت في مساء اليوم التالي لبيت ناس سهام عندما أرسلتها أمها ل (مرسال) ما لتجلبه من عندهم، دخلت عليهم الغرفة وألقت بالتحية على الجميع ثم وجهت كلامها لوالدتهم: أمي قالت ليك ..... وقبل أن تكمل جملتها حانت منها إلتفاته لتسقط عينيها على عيني (سهام)، برقت خاطرة الذكرى في عقلها وقالت لنفسها في حيرة: هاآآ .. الزولة دي أنا ما حبستها أمبارح في الحمام .. الطلّعا منو يا ربي؟؟؟ قالت (سهام) بإبتسامة خبيثة: تعالي يا (المنينة) .. النقول ليك حاجة!! ردت (منى) في ريبة شديدة: أبيت ما بجي .. دايرة مني شنو؟؟؟ تقدمت (سهام) بخفة نحوها وعلى نحو مفاجئ إنقضت عليها وأمسكت بها قائلة: دي عملة تعمليها فيني؟؟ قفلتي علي باب الحمام أمبارح مالك؟؟ .. أنا عملتا ليك شنو ؟؟؟ لم تحاول الإنكار بل جاهدت في تخليص نفسها من بين يدي (سهام)، التي كانت تعلم أن الدغدغة هي أسوأ عقوبة تنزلها ب (منى)، فهجمت على كليتيها وأعملت فيهن (كلكلتا)، حتى تدحرجت هربا من يديها ولاذت وسط صرخاتها وضحكاتها تحتمي ب(تحت السرير). لاحقا علمت أن (سهام) بعد إنتهائها من الحمام حاولت فتح الباب والخروج ولكنها لم تستطيع فظلت تصرخ وتنادي طلبا للنجدة وتضرب بقبضتيها على باب الحمام حتى سمعها الجيران فتسوروا عليها الحائط وقاموا بفك أسرها .. من تحت السرير الذي هربت إليه ظلت (منى) تسأل نفسها في حيرة: الشافني منو وفتني وقوّل لي؟ وبعدين ما دام شافني ليه ما فتح ليها الباب وطلّعا؟؟ حاشية: القصة حقيقية لكن غايتو (منى) دي ماآآآ أنا!!! لطائف - صحيفة حكايات [email protected]