ما بين ثقافة الاوتوستوب الغربية وهي وسيلة التنقل متطفلا أو بالمجان مستعملا المركبات الخاصة للسفر والترحال، وما بين فضيلة فضل الظهر في مجتمعاتنا الاسلامية، ازدهرت ونمت عندنا ظاهرة (التمليح) أو ما تعارف عليه بالملح وهو استغلال مركبات الخاصة عند الضرورة للتنقل داخل المدن وللسفر احيانا في (زنقات) ازدحام المركبات السفرية ايام الوقفة والاعياد، ومع انتفاء الحرج عند استعمالها من الجنس الخشن ولكن ميزان الامور عند الجنس الناعم يخضع لمعاييرشديد الحساسية والفهم فيه يكتنفه الريب والشك وتغطيه الظنون، فضرورة استعمال الملح في هذه الحالة خشم بيوت فقد تلجأ اليه المستعجلات من الطالبات والموظفات عند مجابهة صعوبة المواصلات بعذر اللحاق بمواعيدهن وتلجأ اليه بعضهن مخافة بشتنت المواصلات و(تبويظ القشرة والقيافة)، أو ببساطة لمجرد ضواقة الراحات وركوب ليلى علوي وغيرها من الفارهات متجاهلات أو ناسيات لخطورة ما يقتضيه التمليح من التعامل مع غريب لا تعرف عنه شيئا برا كان أو فاجرا. تستطيع تماضر أن تقسم بأنها لم تستعمل المركبات العامة في تنقلها منذ وصولها للخرطوم من كوستي لتقيم مع عمتها اثناء دراستها الجامعية ولاحقا بعد التحاقها بوظيفة في احد مراكز البحوث العلمية فهي من اشد المتعصبات لسياسة الملح ولا تكلف نفسها جهد المكابسة في المواصلات و(الشرة) في الشمس (البتسلخ الوشوش الاصلا مسلوخة) بالكريمات، كانت ذات شخصية مرحة وحضور آثر تقتحم القلوب بضحكاتها الصافية في غير إستئذان ورغم عدم امكانية حشرها في زمرة الجميلات إلا انها كانت مقبولة الشكل وتستعيض عن الجمال بروحها الحلوة. بس عيبك الوحيد هو حكاية الملح الماعاوزة تبطليهو ده. قالت صديقتها المقربة آمال وهي تناقشها في تلك العادة ولكن تماضر ظلت تدافع عن منطقها قائلة: أنا واثقة من نفسي وما قاعدة أعمل حاجة غلط .. كل الحكاية اني ما بحب عذاب و(تلتلت) المواصلات. افحمتها آمال قائلة: طيب ما دام انتي واثقة من انك ما قاعدة تعملي حاجة غلط .. ليه بتدسي من مصطفى خطيبك وناس عمتك في البيت إنك بتركبي ملح؟ قالت تماضر متهربة من المواجهة: ياخ مصطفى ده زول تقليدي ما حا يفهم وجهة نظري .. وناس عمتي اكيد بخافوا علي من المشاكل. ختمت آمال النقاش كعادتها معها قائلة: انتي حرة .. لكن انا حذرتك .. الملح ده يوم بشُقِك يبدو ان دعوة آمال قد أمنت ففي اليوم التالي وبينما كانت تسير بالقرب في احد الشوارع المتفرعة من حديقة القرشي بحثا عن موضع مناسب لتمارس منه هواية التمليح في الذهاب لمركز البحوث اذا بها ترى شابة تقف على جنب الشارع على بعد مسافة منها وتشير بيدها للعربات المارة طلبا للتمليح، وقبل ان تصل لمكانها اذ بعربة تقف للشابة لتحملها وتنطلق، وقفت تنظر في ذهول فمن توقف واقل الشابة لم يكن سوى مصطفى خطيبها، اسرعت بركوب اول عربة تاكسي مرت بها وجلست في الخلف تبكي حتى وصلت لعملها في المركز. فوجئت آمال برؤية تماضر تدخل وعيناها قد تورمت من كثرة البكاء ، سألتها في فزع : مالك بتبكي .. في شنو والمات منو؟ اجابت وسط شهقاتها: اريتو كان مات .. مصطفى الخاين. سألتها آمال : بسم الله .. مالو مصطفى عمل ليك شنو؟ اجابت: الخاين شفتو جنب حديقة القرشي ماشي بي عربيتو .. قامت واحدة اشرت ليهو ملح .. صدقي الما عندو اصل وقف ليها وساقا معاهو. سألتها آمال في حيرة بعد ان بتدأت الصورة تتبين لها: طيب من اصلو انتي الوداك جنب حديقة القرشي شنو؟ اجابت في بساطة: ما مشيت هناك عشان اركب ملح!!!!!!!! لطائف - صحيفة حكايات [email protected]