كنت قد تابعت لقاء تلفزيوني مع الممثلة المصرية (شيرين)، سألتها مقدمة البرنامج في نهايته عن موقف حدث معها ولا تنساه، فحكت أنها كانت تقوم بتصور أحد الأفلام في أمريكا حين تعرضت للسقوط وكسرت ساقها، وذات يوم أحست بالملل من الوحدة والحبسة داخل الفندق فجازفت بدفع الكرسي المدولب الذي كانت تستعمله للحركة، وخرجت للشوارع لتتمشى وتتفرج على واجهات المحلات .. حركات نسوان وكده ! وما حدث أنها لم تحسب حساب الجهد العضلي الذي يحتاجه دفع الكرسي من عجلاته، وأصابها أرهاق شديد فقررت العودة للفندق ولكن في منتصف الطريق (إيدينا ماتو)، ولم تستطيع ان تحرك الكرسي (شبر القط) فوقفت تبكي في عجز وتيار الناس من حولها يتدفق (ماشين جايين) دون أن يشعر بورطتها أحد، وفجأة توقفت شابة قوية البنيان ودودة القسّمات وسألتها عن سبب بكائها وعندما علمت بالسبب دفعت الكرسي حتى أوصلتها للفندق وإطمأنت على سلامتها !! قد يسألني متلقي حجج .. وطيب دي ما موقف مرؤة عادي ؟ ولكن ما جعله غير عادي في نظري ودفعني لأورده في صدر الموضوع، أن (شيرين) سألت تلك الشابة عن هويتها، وعندما علمت بأنها ألمانية قالت: (ماحدش غير الألمان ممكن يعمل كده) فهي بحكم كثرة أسفارها في الغرب فمن المؤكد أنها خبرت شعوبهم، وعلمت بأنه إذا كان البرود انجليزي والأناقة فرنسية والبشتنة ورقاد الواطة محمّدا الأمريكان، فإن المرؤة والنجدة صفة حصرية على الألمان. ما أعاد لذاكرتي هذا اللقاء متابعاتي بدموع معبوباتية وحرقة غبن وغيظ على هواننا كمسلمين، خبر تعرّض سيدة شابة مصرية محجّبة للقتل وإصابة زوجها بجروح خطيرة، على يد شاب عنصري مهاجر من روسيا ويحمل الجنسية الألمانية .. السيدة وتُدعى (مروة الشربيني -٣٢ عاماً) .. شفتا صورتها سماحة البنات وصغرة الخلا إلا ما تغلى على ربّها .. وشمار القصة المؤلمة بدأ بمشادة كلامية بين زوجة مبعوث مصري لإلمانيا والمواطن في حديقة للأطفال قبل حوالي العام، وذلك لمجرد أن المسكينة قد تجرأت وطلبت من جناب حضرتو أن يقوم عن المرجيحة لإبنها الطفل، فما كان منه إلا أن قام بسبّها واتهامها بأنها (إرهابية) بسبب لبسها للحجاب .. لم ينتهي الموقف على كده فقد تعود ال (منّو لله) أن يربّط ليها كلما خرجت من بيتها ويغافلها لينزع الحجاب عن رأسها !!! فاضطرت المسكينة لتقديم شكوى ضده، فحكمت المحكمة لصالحها بتغريم المتهم سبعمائة وخمسون يورو (وبس .. لا أكتر ولا أقل)، إلا أن المتهم لم يعجبه الحكم فتربص بالسيدة داخل المحكمة حيث أخرج سكيناً كان بحوزته وقام بطعنها (سبعة عشر) طعنة فماتت على الفور، مش كده وبس، زوجها أيضا تعرض للطعن عدة مرات عندما حاول أن يدافع عنها !! المضحك المبكي في الموضوع أن قاعة المحكمة المليانة، مافيها زول حاول يقرّب منّهم (حضارة وكده) وحتى البوليس النادوهو عشان يفض المشكلة أول ما دخل ولقى قدامو معركة أحد أطرافها مصريّان وكمان فيها حجاب ! حتى بادر بإطلاق النار على الزوج وتمّا الناقصة طبعا بإفتراض إنو الخاين دايما لازم يكون إرهابي مسلم!! صباح الأمس بعد خروج العيال للمدرسة تابعت إعادة لبرنامج معتز الدمرداش (تسعين دقيقة)، حيث إستضاف شقيق الشهيدة - ولا أزكّيها على الله – عبر الهاتف من مدينة دريسدن، فحكى عن مأساة شقيقته وأنها كانت حامل في شهرها الثالث، وعن الوضع الصحي الحرج لزوجها في العناية المكثفة، والحالة النفسية السيئة لإبنها ذو الأربع سنوات والذي – للأسف – كان شاهدا للحادثة بكل تفاصيلها المروّعة، فقال الخال أن الصغير لا يزال في صدمة نفسية ويكرر: (دول موّتو ماما وأتلو بابا) ! أحسب أنني أعرف الشعب الألماني عن قرب فقد إستضافني – ساعة ضيق – مرتين .. لم أذهب سياحة ولم أقم في الفنادق ذات النجوم والأقمار، ولكن عاشرت (محمد أحمد) الألماني البسيط وأسرته، فقد ضمتني بهم وجعة بشتنة رقاد الواطة في المستشفيات، وكربة مرض فلذات الأكباد .. وخبرت رحمة ملائكة الرحمة وكفاءة أطبائهم مع تواضع العلماء، وساكنتهم في سكن المستشفى فلم أجد منهم غير ما ذكرته (شيرين) أخلاق مسلمين ولا إسلام .. مرؤة ونجدة وكرم أخلاق يفوق الوصف .. أنزل أو أصعد من المترو أو الترام فتمتد عشرات الأيدي لمساعدتي على حمل أطفالي ومناولة (هتشي) .. عاد بنقدر نحوم بلا هتش ؟ العنصرية البغيضة وضيق مساحة التسامح وكراهية كل ما يمت للإسلام بصلة، داء وبيل إجتاح الغرب، وليس قاصرا على هرطقات (ساركوزي) عن النقاب ولا سكين ذلك الروسي المتألمن .. نحتاج للمئات النسخ من عمرو خالد ليغسل من قلوب الغربيين ما حملته من أضغان ضد الإسلام والمسلمين. تخريمة جوة الموضوع: ما دفعني ل تزمير تلك الشكرة للألمان، هي (لله في لله) .. لا حارية منهم فيزا ولا إقامة ولا لجوء انساني .. لكن ان لقيتو ما باباهو .. بس ما يسمعني سيد الإسم !! لطائف - صحيفة حكايات [email protected]