** قبل أسبوعين تقريبا .. عرضت النصف المظلم لمشروع التاكسي التكافلي ..نعم كان للمشروع نصفان ، أحدهما مشرق وهو تجميل مظهر العاصمة بتحديث تاكسي الخرطوم عبر تمليك السائقين موديلات حديثة بأقساط مريحة ، وهذا إنجاز يحسب لحكومة الولاية وواليها السابق المتعافي ..ولكن النصف المظلم للمشروع وجد حيزا هنا ، حيث فيه سردت حجم الضرر المادي الذي وقع على السواد الأعظم من السائقين من قبل الجهات التي أشرفت على هذا المشروع قبل ثلاث سنوات .. فالظلم الذي تجرعوه كان مريرا ، استمعت إليهم ذات يوم ساخن ، وهم بعرق صاب يقفون على الأسفلت الساخن أمام صالة الوصول بمطار الخرطوم ، كان فيهم الشيخ الستيني والشاب المكافح ..عيونهم قبل ألسنتهم كانت تحكي ظلما وتبكي أسفا على حقوقهم المهضومة بدهاليز الولاية وخزائن اتحاد العمال وبنك العمال .. تألمت لحالهم وتذوقت تظلمهم ، ولذا عرضت قضيتهم بتلك اللغة الحادة مخاطبا ولاة أمر الولاية والاتحاد والبنك وسائلا إياهم : كيف ينام أحدكم مطمئنا ..؟.. هكذا كان عنوان الزاوية قبل أسبوعين ..!! ** البارحة ، وظهيرتها كانت ساخنة أيضا ، زارني ذاك النفر الكريم من سائقي التاكسي ، بذات ملابس الكد ، بيد أن عيونهم ، كما ألسنتهم ، تنطق فرحا .. فأقرأ رسالتهم ، صديقي القارئ ، لتشاركهم فرح اليوم كما شاطرهم الحزن سابقا .. إليكم : نص الرسالة .. * « الأخ : الطاهر ..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. الشكر لله أولا وأخيرا ، ثم التحية لكم لتناولكم قضية أصحاب التاكسي التكافلي ومناشدتكم لوالي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر والنقابة العامة لحل قضية هذه الفئة ورد حقوقهم .. لقد شاء الله ، أخي الطاهر، بأن تجد دعوتك ومناشدتك آذانا صاغية .. فقد استجاب ، مشكورا ومأجورا باذن الله ، الأخ الوالي عبد الرحمن الخضر لمناشدتكم التي حملت مطالبنا ووجه الاخوة بالاتحاد العام لنقابات عمال السودان « النقابة العامة » بتنفيذ مطلبنا و صرف الحقوق للجميع دون استثناء .. * وبالأمس ، الثلاثاء 11 أغسطس 2009 ، بدأ بنك العمال بتنفيذ توجيهات الأخ الوالي .. وتمت تسوية حسابات كل المتضررين بتسليمهم المبالغ حسب القيمة المدفوعة ..والحمد لله أولا وأخيرا ، ثم عظيم شكرنا وتقديرنا للأخ الوالي على استجابته الكريمة ، وحفظه الله نصيرا للضعفاء والمظلومين وأصلح به أحوال الولاية وأهلها ، ونعده بان نظل عبر عملنا في المطار والمحطات عنوانا مشرفا للولاية ، ولن يسمع عنا إلا كل الخير إن شاء الله ..ونبشرك ، أخى الطاهر ، بأن الاخوة في النقابة أيضا وعدونا بمعالجة مشكلتي التكييف وصرف الوقود بواسطة إحدى الشركات في القريب العاجل ..ونحن على ثقة بانهم سوف يوفون بوعدهم إن شاء الله ..وهنا لايسعنا الا أن نحمد الله الذي سخر لنا صحيفتكم التي ارسلت تظلمنا الي الاخ الوالي، والي الخرطوم الذي نعجز عن شكره ، ونسأل الله له خير الجزاء ..فلكم الشكر والتقدير ووفقكم الله وسدد خطاكم .. وما التوفيق إلا من عند الله ..أصحاب التاكسي التكافلي / عنهم : عادل عطا المنان ، علي عمر ، أحمد وداعة ..».. ** من إليكم ..تلك رسالتهم ، صديقي القارئ ..تأمل في أسطرها مقدار الفرح الذي ينتاب المظلوم حين يسترد حقا ظل ضائعا منذ ثلاث سنوات..وحين سألتهم : هل المبالغ التى صرفت لكم هي كل المطلوب ..؟..أجابوا بنعم ..فداعبتهم : يعني السنة إن شاء الله رمضانكم باسطة .؟..فرد أحدهم : رمضان براهو ؟ وكمان العيد إن شاء الله .. وضحكنا وافترقنا ..وليس لي أمام سعادتهم هذه إلا بأن أقول لمن أحسن : أحسنت..نعم لقد أحسن والي الخرطوم في حق هؤلاء البسطاء ..فلهم ولواليهم ولك - صديقي القارئ هذه الخاطرة : * ما أجمل فيك الاحساس حين تحاول فعل الخير وتحسن حين يسيئ الغير ، وحين تعيش لأجل الناس فسر لا ضير و جد في السير وكن كالشجر الأخضر يعطي حين يصيب الأرض يباس .... !! إليكم - الصحافة –الخميس 132/08/2009 العدد 5795 [email protected]