!! * تذكرت قصة الكاتب المصري الساخر (علي سالم) بنفس العنوان أعلاه، وأنا أرى شوارع الخرطوم تختفي تماما تحت مياه الامطار والناس يتفننون في العوم للانتقال من مكان الى آخر بينما ترتفع في شموخ لافتة كتب عليها .. (وزارة البنى التحتية)!! * وتحكي القصة عن أمير طيب القلب عطوف على شعبه، بلغه ذات يوم أن بعض رعاياه في حاجة الى (زير) يشربون منه الماء فأمر لهم بزير وعامل ينظفه ويملؤه ويحرسه، وأمر وزيره بمتابعة الموضوع. * مرت أعوام على الموضوع ودخل في عالم النسيان الى ان تذكره الامير بالصدفة وسأل منه الوزير، فأجابه بأن كل شئ على ما يرام وأن الناس يذكرونه بالخير ويثنون على سموه ويشكرونه صباح مساء على هذا المشروع الكبير، فبدت الدهشة على الامير وسأله .. (أي مشروع ؟!)، فأجاب الوزير بأن الناس تزاحموا على الشرب فاقتضت الحاجة تعيين مجموعة من العاملين لحمايته، وانشاء مبنى لإقامتهم، ومبنى آخر لسكنهم، ومبنى للزير نفسه، وكان لابد أن يتبع ذلك إنشاء جهاز إداري للزير، وآخر مالي لأن الدولة أصبح لها مبان وأثاثات و(عهدة) وعاملون ... إلخ. * وتمضي القصة الى إنشاء إدارة قائمة بذاتها للزير هى (إدارة عموم الزير) تضم بداخلها مجموعة من الادارات المتخصصة مثل (إدارة الفخار) التى تعنى بالزير نفسه، وإدارة الحديد وهى مختصة بحمالة الزير، وإدارة الخشب وهى مختصة بالغطاء، وإدارة الصفيح وهى مختصة بكوز الشرب، ولكل إدارة طاقم من العمال والموظفين وميزانية مكونة من فصل اول وثان وثالث، وعربات لكبار الموظفين !! * وبما أن إدارة الزير على اتصال دائم بدواوين الدولة كان لابد من إنشاء إدارة للتنسيق والعلاقات العامة مهمتها التنسيق مع وزارات الدولة المختلفة مثل الاشغال والمالية والداخلية والخارجية !! وهنا تشتد الحيرة بالامير فيتساءل ما شأن إدارة عموم الزير بالخارجية، فيجيبه الوزير بأن شهرة إدارة عموم الزير قد طبقت الآفاق ومديرها يحضر عشرات المؤتمرات الدولية بالخارج كل عام لينقل تجربتنا الفريدة الى العالم، فيقاطعه الامير ..( وهل في العالم إدارات عموم للأزيار مثل إدارتنا؟!)، فيجيب الوزير ..( لا يا سيدى إننا نفخر بأننا الدولة الوحيدة في العالم التي توجد بها مثل هذه الادارة بينما بقية دول العالم التي تديرها العقليات التقليدية ليس لديها سوى محطات للمياه)!! * المهم .. يقوم الامير بزيارة مفاجئة لإدارة عموم الزير فيجد كل شيء كما قاله الوزير ما عدا (الزير) نفسه الذي لم يكن له وجود، بينما يموت الناس بالعطش في ذلك الجزء من أمارته !! [email protected] جريدة السودانى، 27 أغسطس، 2009