** زاوية منتصف يوليو الفائت كانت تحت عنوان : المهندس مكاوي ، كفاية..حيث فيها ناشدت بإقالة أو استقالة المهندس مكاوي محمد عوض ..ليس فقط لخلاف هيئة الكهرباء مع وحدة السدود في : كيف ومن يدير تشغيل وتوليد كهرباء سد مروي ..؟..بل لعجزه عن إدارة واستغلال الكهرباء التي تنتجها توربينات السد وهي لاتزال في مرحلة التجريب..نعم ، للأسف شبكة الهيئة حتى يومنا هذا ليست بالجاهزية التي تستقبل وتوزع تلك الطاقة الناتجة عن سد مروي ، وهي معلومة اعترف بها وزير الطاقة أخيرا في مؤتمر صحفي قبل أسبوعين ، حيث وصف الشبكة بالمتهالكة وبحاجة إلي تطوير وتحديث ..فالهيئة إما لم تكن تعلم بأن سد مروي سينتج الكهرباء ، أو كانت تعلم ذلك ولكنها تعمدت أن تبدو للناس والبلد بأنها لا تعلم ..وطبعاً ليس من المنطق أن نظن بأن شبكة الهيئة تفاجأت بكهرباء مروي ..وعدم المواكبة هذا كان يكفي بأن يذهب المهندس مكاوي قبل تجريب توربينات السد ، وليس البارحة ..!! ** ثم الهيئة - بنهج عهد المهندس مكاوي - لم تخاصم وحدة السدود فقط ، فليتها اكتفت بخصام تلك ، فهذا النوع من الخصام شأن يغنيهما..ولكنها خاصمت المواطن خصاما لايعلم بمدى فجوره إلا الله ثم هذا المواطن المسكين..والخصام لم يكن بقطع التيار عنه بين الحين والآخر ، لا ، فهذا قطع متوارث في السودان منذ زمن أجدادنا القدماء ووسائل إشعالهم وتوليدهم للنار والكهرباء ..قطع التيار فقط لم يكن خصاما ، ولكن النهج الذي اتبعته إدارة المهندس مكاوي مع المواطن كان - ولايزال - هو الخصام الذي يستهلك المستهلك .. تأمل فقط في سعر الكهرباء قبل وبعد مكاوي ، ثم تأمل في الطريقة الذكية التي تحايل بها نهج مكاوي على التوجيه الرئاسي الصادر بشأن تخفيض السعر ..نعم تحايل علي التوجيه الرئاسي بحيث أوقف حد التخفيض عن حد كمية الكهرباء المدعومة ، وهى كمية تستهلكها الأسر في أسبوع أو أقل ، ثم تشتري - مكرهة - بسعر مكاوى الفلكي بقية الاستهلاك ، وهكذا لم يستفد السواد الأعظم من ذاك التوجيه الرئاسي الذي بشرهم خيراً يوم الاحتفال بمروي .. !! ** ثم تحايل نهج مكاوي على التوجيه الرئاسي أيضا بإخراج كل القطاع التجاري منه ، وكأن التجارة في البلد لاتتأثر بأسعاره الفلكية أو كأن العاملين فيها أجانب بحيث لايحق لهم ولتجارتهم بأن تزدهر وتنمو بفضل ذاك التوجيه ..وليت مستشارا في القصر الرئاسي ذهب ضحى اليوم إلي منطقة اللاماب وأعد للرئاسة قائمة بعدد المصانع التي توقفت عن العمل والإنتاج وتشرد عمالها - في العامين الأخيرين فقط - بسبب قسوة نهج المهندس مكاوي ..ويا لهذا النهج الذي يرغم المواطن على دفع قيمة العمود والسلك والعداد ثم يرغمه على توقيع عقد يتنازل فيه عن كل هذا للهيئة ، إن لم يكن هذا نهجا نيرونيا فكيف كان نهج نيرون تجاه رعيته ..؟..فالكهرباء - في عهد الشهيد محمود شريف - لم تسع المستهلك بوفرتها وخلوها من القطع ، ولكنها كانت تسعهم بنهج إنساني رسخه الشهيد في إدارته التي استغلته في خدمة المستهلك بلا من أو أذى وبلا إرهاقه بما لايستطيع ، وكان المستهلك عهدئذ سعيدا ومستمتعا بالنهج قبل التيار ..وللأسف ذاك النهج هو المفقود اليوم ، ولهذا لا أسف على ذهاب نهج إصطلى الناس بسعيره ..!! ** وبالله عليكم دعونا من التباكي على الأفراد عندما يغادرون مناصب العامة حين يفشلون ، ووصفهم بأوصاف من شاكلة ترجل الفارس وكان وكان وكان وغيرها من الأوصاف التي لاتزد واقع الحال إلا فشلا وبؤسا ..وما أقعدنا في محطة محلك سر إلا عدم تعريف المقالين بأسباب إقالتهم بكل شفافية ووضوح ، وبدلا عن ذاك التعريف نتباكى ونرثى وكأنه غادر الدنيا إلي الآخرة وليس منصبا هو في الأصل ملك للمواطن، والذي يتبوأه يجب أن يخدم مالكه ..وما لم نمارس في حياتنا فضيلة النقد المباشر ومواجهة المخطئ بأخطائه فان الإقالة أوالاستقالة تظل بلا معنى وبلا فائدة .. والعظة من هذه وتلك هي عدم تكرار الأخطاء وعوامل الفشل ، وحتما تتكرر حين تجد « تربة المجاملة » و« سماد المطايبة »..ولهذا قصدت تناول حدث إقالة مكاوي بشكل - عسى ولعل - يصلح بأن يكون درسا لرؤوس أخرى مبتلة بالماء والصابون ولا تنقصها غير أمواس الحلاقة ، فليحسنوا أعمالهم بخدمة هذا الشعب الطيب الصابر كما يجب أو يغادروا مواقعهم باقالة أو استقالة ، ورحم الشعب حبلى بذوي الكفاءة والعطاء ...!! إليكم - الصحافة –الاربعاء 14/10/2009 العدد 5856 [email protected]