** زيادة في فاتورة مياه الخرطوم بنسبة تقترب الي الثمانين في المائة ، ومع ذلك تتمادى الهيئة الولائية في لي عنق الحقيقة وتسعى الي تكذيب واقع تلك الزيادة .. فأقرا التبرير الآتي : ليست هناك أية زيادة في التعريفة ، بل أجرينا مسحا وترتيبا لفئات السكن ، وذلك لتحديث شبكة المياه .. هكذا تحدث نزار بابكر ، مدير اعلام الهيئة ، لصحف البارحة ، وهو من نوع الحديث المسمى عند العامة بال « خارم بارم » .. أي الذي يفتقر الي المنطق والحقيقة ، ولايقنع حتى المتحدث به ..!! ** فالحقيقة هي أن مواطنا كان يستلم فاتورة قيمتها « 16 جنيهاً » صار يستلم فاتورة بقيمة «26 جنيهاً » ..ثم مواطنا كان يستلم فاتورة بقيمة « 26 جنيهاً » صار يستلم فاتورة بقيمة « 46 جنيهاً »..وثالثا كان يدفع لفاتورة بقيمة « 46 جنيهاً » صار يدفع لفاتورة بقيمة « 96 جنيهاً » ..هكذا كانت قيمة الفواتير ، ثم صارت كتلك ، حسب الفئات الثلاث .. وما حدث للفواتير من احلال وابدال للقيمة يسمى في قاموس اللغة العربية بالزيادة ، ولكن ذات الحدث يسمى في قاموس نزار بابكر باللف والدوران الذي من شاكلة : لا مافي زيادة ولاحاجة ، نحن بس رتبنا الفئات ومسحناها كويس ، عشان نعمل شبكة حديثة .. !! ** حديث الهيئة أو قل حدثها ، يذكرني بحادثة شهدتها احدى قرى الصعيد المصري قبل أسبوع تقريبا ..غرقت معدية بنيل تلك القرية ، وكان على متنها حوالي خمسين مواطنا ، عناية السماء ثم شرطة محافظتهم أنقذت منهم حوالي الثلاثين ، ولم يجدوا الآخرين ، بمعنى أنهم غرقوا ، ولكن المحافظ هناك ظل يقسم غليظا في الصحف على مدار الأسبوع بأن الحادثة لم تسفر عن وقوع ضحايا ، وعندما تسأله الصحف : بماذا نسمي المفقودين ؟..يرد عليها : أنا ما أعرفش ، سموهم زى ما انتو عايزين تسموهم ، بس على فكرك مافيش حد منهم غرق ..هكذا كان الحال هناك .. سجال بين المحافظ وذوي الضحايا حول « مافيش ضحايا ، لا في ضحايا » ..والحقيقة التي على مرمى حجر من الطرفين هي أن العدد الذي أنقذته الشرطة من الغرق أقل من عدد ركاب المعدية قبل أن تغرق ..!! ** وهكذا حال الناس مع هيئة المياه عاصمة البلد ، يدفعون فاتورة جديدة قيمتها تزيد بثمانين في المائة عن الفاتورة الجديدة ، ومع ذلك يخرج لهم أحدهم - من نوع نزار- ليخبر الصحف بأن تلك الزيادة التي يدفعها المواطن ليست بالحقيقة ، ولكن الحقيقة هي : نحن رتبنا ومسحنا وشبكة جديدة وموش عارف ايه .. كلامك عجيب يا نزار ..المواطن يقول وكذلك الواقع : زيادة غير معقولة في فاتورة المياه ، وأنت شابك الصحف : نحن مسحنا ونحن رتبنا .؟.. حسنا ، قل انك رتبت ومسحت ، ولكن لا هذا ولا ذاك ينفيان بأن « فاتورة الموية زادت تمانين في المية » ..وقل انكم بصدد تحديث الشبكة ، ما عندنا مانع ، ولكن هذا لايعنى عدم وجود زيادة في فاتورة المياه ..يعني باختصار كدة : كل ترتيبك ومسحك وشبكتك الحديثة في واد و الفاتورة الجديدة في واد آخر يسمى ب « زيادة تمانين في المية » ..كان عليك أن تأتي بتبرير مقنع لهذه الزيادة أو « كان تسكت » ..!! ** ولأن الشئ بالشئ يذكر ، أذكركم بأن هذه الهيئة هي الهيئة التي سار بفسادها وتجاوزاتها الركبان قبل شهرين ، وذلك عندما عرض المراجع العام تقريره السنوي لنواب البرلمان ..ولأن حجم المال العام المعتدى عليه في هذه الهيئة كان ضخما ، عرضت في فبراير الفائت تفاصيل التقرير في حلقات تحت عنوان : المواجع في التفاصيل ..وأغرب ما في تلك التفاصيل أن الهيئة استلمت أموالا من مواطنين بحجة تحديث شبكات مناطقهم ، ولكنها صرفتها في إنشاء شبكات أخرى بمناطق أخرى ، بالبلدي كدة : غشتهم ..والمخيف في الأمر أن ذاك الغش الموثق في تقرير المراجع العام قد تم تحت غطاء تحديث الشبكات ، كما هذه الزيادة التي تتم أيضا تحت غطاء : دايرين نعمل شبكات حديثة .. تتعدد المآسي ولكن « الغطاء واحد » .. وهنا نسأل : هل نواب المجلس التشريعي بولاية الخرطوم ، بخير وعافية ؟؟؟؟؟..... الله أعلم ...!! الصحافة –الاثنين 21/12/2009 العدد 5924 [email protected]