* لم يجف المداد الذي كتبت به متسائلا عن من ستدور عليه الدائرة بعد الترابي، حتى جاءت الاجابة بأسرع مما توقعت واعتقل بعد ظهر امس من منزله الاستاذ فاروق ابوعيسى المحامي والامين العام لاتحاد المحامين العرب السابق والسياسى المعروف، ولم تكشف السلطات كعادتها عن اسباب الاعتقال ولم يتضح حتى لحظة كتابة هذا المقال (الساعة التاسعة والنصف مساء أمس) المكان الذى اقتيد إليه، ولا تعرف اسرته عن مصيره شيئا وهى قلقة عليه لاصابته بعدة امراض تتطلب عناية خاصة!! * وما حدث يجعلنى فى حقيقة الامر أتشكك فى الدوافع والاسباب الحقيقية لهذه الاعتقالات وأتساءل هل هى تصفية حسابات سابقة ضد السياسيين المعارضين لم تكن ممكنة قبل الانتخابات وحان اوانها الآن أم ماذا، خاصة ان الاستاذ ابوعيسى كان قد واجه تهديدات مباشرة وصريحة فى وقت سابق من احد المسؤولين النافذين (لم يكشف عن اسمه) نشرت بعدد من الصحف السياسية اليومية من بينها الزميلة (الرأي العام)، بأن يكف عن تصريحاته الناقدة للحكومة وذلك خلال أزمة انسحاب نواب التجمع الوطنى والحركة الشعبية من البرلمان بسبب (قانون الأمن الوطني)، والا ستتخذ ضده اجراءات صارمة تليق بتصريحاته ومواقفه السابقة ضد الحكومة عندما كان معارضا بالقاهرة ضمن صفوف التجمع الوطنى الديمقراطى... وها هو ابوعيسى يواجه الاعتقال!! * مرة أخرى اقول كما قلت عند اعتقال الدكتور الترابى وصحافيى صحيفة (رأي الشعب) واغلاقها واحتجاز ممتلكاتها.. إن الدستور السوداني (المادة 34، 2) والمواثيق العالمية والمبادئ الدينية والاخلاقية تحتم إخطار الشخص لحظة القبض عليه بالاسباب وابلاغه بالتهمة الموجهة اليه فى اسرع وقت ممكن، وإذا كان قانون الأمن او اي قانون آخر يجيز القبض بدون ابداء اسباب فهو قانون باطل تماما ويتناقض مع الدستور والمواثيق والدين والاخلاق، وكذلك كل ما يترتب عليه من اجراءات، إلا إذا كانت هنالك حالة طوارئ غير معلنة لا يعرف عنها الشعب شيئا.. وحتى لو كانت هنالك حالة طوارئ فإن الاعتقال أو أي اجراء استثنائي آخر يجب أن يتم وفق قانون طوارئ يحتم وجود اسباب معقولة واتباع اجراءات معينة.. وليس بالطريقة التي اعتقل بها الترابي وصحافيو (رأي الشعب) وفاروق ابوعيسى.. ولا يعلم احد الا الله وحده على من سيأتي الدور بعد ذلك؟! * لو كان ابوعيسى او غيره ارتكب ما يستدعي اعتقاله.. فليكن ذلك حسبما ينص عليه االدستور، وإلا ارجو أن تعتقلونا من هذا الدستور العاجز الذى لا يلبي رغبة الحاكم ولا يحمي المحكوم!! مناظير - صحيفة السوداني [email protected] 21 مايو 2010