قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله عن الرضا:من لزم ما يرضي الله من امتثال أوامره واجتناب نواهيه لا سيما إذا قام بواجبها ومستحبها فإن الله يرضى عنه ، كما أن من لزم محبوبات الحق أحبه الله قال تعالى :[ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد ]وقال تعالى [ أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ]وقال :[ والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم ] وعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله ص يقول { ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا} وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قال رسول الله ص :{ من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن إلتمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس }وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن رسول الله ص أنه قال :{ من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالإسلام ديناغفر له ذنبه } وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :{لما كان بين إبراهيم ويبن أهله ما كان ،خرج بإسماعيل وأم إسماعيل بشنة فيها ماء ،فجعلت أم إسماعيل تشرب من الشنة ، فيدر لبنها على صبيها حتى قدم مكة فوضعها تحت دوحة ثم رجع إبراهيم إلى أهله ،فاتبعته آم إسماعيل حتى لما بلغوا كداء نادته ، من ورائه ،يا إبراهيم إلى من تتركنا ؟ قال : إلى الله ،قالت : رضيت بالله ربا }الرضا من مظاهر صلاح العبد وتقواه ، وهو دليل حسن ظن العبد بربه ، والفوز برضوانه ، كما أنه يضفي على العبد المسلم راحة نفسية وروحية ، والرضا محصلة معالي الأمور ، ومن ثم فإنه يجعل صاحبه يشعر بحلاوة الإيمان ، وبرد اليقين ، وحسن التوكل ، ولذة الرجاء ، والقلب حينما تهب عليه نسائم الرضا والرضوان فإنه يمتلئ طمأنينة وراحة لا يعدلها شيئ من عرض الدنيا وزخرفها . الصفة التي تقابل الرضا هي صفة السخط وهو الغضب الشديد المقتضي للعقوبة ، وهو السخط من الله ،صفة فعل الله عزوجل حقيقة على ما يليق بجلاله ومن لوازمه إنزال العذاب . قال تعالى:[ أفمن إتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير] وقال :[ ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون] وعن عوف بن مالك رضي الله عنه أتيت النبي ص في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم فقال : {أعدد ستا بين يدي الساعة : موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كعقاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من بيوت العرب إلا دخلته ، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون، فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا} وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي ص قال :{ إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوما إبتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط}وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ص قال:{ تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه ،مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة ،إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع }* وقال لقمان لإبنه:" أوصيك بخصال تقربك إلى الله وتباعدك من سخطه : أن تعبد الله لا تشرك به شيئا ، وأن ترضى بقدر الله فيما أحببت وكرهت} لذلك فالسخط عقوبة معجلة، ونذير بعذاب شديد إلا من تاب وأناب ، ومن رحمة الله بنا أن نبهنا إلى ما يجلب سخطه حتى نبتعد عنه ، ونفر منه، وذلك في المعاصي والمنكرات ، وهي أمور معلومة وواضحة ،وما على المرء إلا أن يعتني ولو يسيرا بكتاب الله ، وبسنة نبيه وبكلام الراسخين في العلم المشهورين بحسن الفهم للكتاب والسنة ، لتتضح له الأمور الجالبة لسخط الله تعالى ، ،،اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك ونعوذ بعفوك من عقوبتك اللهم آمين . هنادي محمد عبد المجيد [email protected]