هناك أكثر من دراسة طبية واحدة أثبتت، نظريا، أنني سأعمر كثيراً وطويلاً، فقد جاء فيه أن من لديهم معدلات ذكاء (آي كيو) عالية يعمرون طويلا، وقد جلست لاختبار ذكائي أكثر من مرة وسجلت معدلا قدره 130%، مما يعني أنني ذكي بدرجة تؤهلني لطلب اللجوء الثقافي في بلد أو قارة تنتج الثقافة ولا تستهلك إنتاج الآخرين ثم تسبّهم، (بصراحة جلست للاختبار قبل ثلاثين سنة، وربما تغير معدل ذكائي بسبب عوامل الجفاف والتصحر وسماع خطب الزعماء العرب، ورؤية فاروق الفيشاوي - عرضا وليس عمدا - مرة كل شهر)... وعندنا يقول الشاعر الحاقد «إن الكلاب طويلة الأعمار».. ورغم أن تلك الدارسة رفعت معنوياتي، فإنني لا أصدق ذلك الكلام الفارغ، فالرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان، فاز بولايتين رغم أنه أقل ذكاء من حبة الفاصوليا، وجورج بوش الابن حكم أمريكا 8 سنوات رغم أنه لم يكن يعرف كوعه من بوعه. ولكن مادة قرأتها مؤخراً في الصحف البريطانية أكدت مجدداً أن أبا الجعافر عبقري و«خسارة في العرب وإفريقيا». ففريق الباحثين الذين يقودهم البروفيسور جون جنكينز من جامعة لندن، توصل إلى ما يؤكد أن الاستماع إلى موسيقى موزارت أو موزار عشر دقائق فقط، كفيل برفع معدل الذكاء بنحو سبع نقاط، ورغم أنني - إلى عهد قريب - كنت أعتقد أن السيمفونية هي نظام الشفط الخاص بدورات المياه، فإنه كان لي عظيم الشرف بمشاهدة فيلم «أماديوس» الذي يحكي قصة حياة الموسيقار الموهوب موزار عشر مرات في سنة واحدة، ومعنى هذا أن معدل ذكائي الذي قيل لي من قبل انه يبلغ 130 نقطة، زاد بعد مشاهدة الفيلم الذي يحوي سيمفونيات وسوناتات موزار سبعين درجة، أي أن مجموع معدل ذكائي وصل إلى 200 نقطة، أي أعلى بخمسين نقطة من معدل ذكاء اينشتاين.. يعني أيها القارئ أنت تقرأ الآن لواحد من فلتات الزمان. كم كنت متواضعاً زيادة عن اللزوم طوال السنوات الماضية، ولكنني أقر في الوقت ذاته بأنني لست أفهم تجليات عبقريتي، كيف أكون صاحب أعلى معدل ذكاء في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وأنا لم أنجح قط في امتحان رياضيات أو كيمياء أو فيزياء؟ كيف أكون أذكى أهل السودان ولم أنجح طوال عقود في الحصول على مقعد وزاري في حين أن زملاء لي من النوع الذي إذا سمع نكتة يوم الأربعاء أضحكته يوم السبت، يحملون لقب وزير سابق منذ نحو 15 سنة، أو دخلوا عدة تشكيلات حكومية اشتراكية وإسلامية وماسونية (آخر إضافة سودانية في المجال السياسي هو الدولة «الإسلاعلمانية»، وهي نتاج زواج متعة بين حزب يطرح المشروع والشرع الإسلامي وتنظيم كان متمردا - الحركة الشعبية لتحرير السودان - وينادي بعلمانية الدولة) وأي ذكاء هذا الذي يجعلني أصفق لمن ظلوا يقولون لنا ان دولة فلسطين من البحر إلى النهر قادمة، بينما أفعالهم تؤكد أنهم مارسوا الضحك علينا معظم سنوات العمر.. (في ذات عام هنأ الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، رئيس الوزراء الإسرائيلي، أرييل شارون، بعيد الفصح اليهودي فردّ شارون التهنئة بأحسن منها، حيث قام بقصف مقرات حرس أبوعمار وبيوت رعايا أبوعمار... وأبوعمار أهدى لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة الحيزبون الدردبيس، مادلين أولبرايت، مجوهرات قيمتها نحو 8 آلاف دولار، وزوجته أهدت لحرم بلبل كلينتون عقداً قيمته 12 ألف دولار، بينما قدم شارون لكلينتون خريطة قديمة للقدس قيمتها مائة دولار).. انظروا البخل اليهودي الكلاسيكي والكرم العربي البلاستيكي. وتذكروا أن البلاستيك يكاد يكون عديم القيمة).. وللمقال بقية. . [email protected]