لولا الفول لكان أخوكم أبوالجعافر في ذمة الله، ولكان أهلي يذكرون محاسني طوال السنين الثلاثين الماضية على الأقل، فقد فطمتني أمي على الفول بل رضعت ماء الفول مع حليب أمي، والسوداني «قد ينسى المسيء المفتري والمحسنا/ والماء والحسناء والوتر المرنّح بالغنا/ ومرارة الفقر المذلّ، بلى، ولذات الغنى/ لكنه مهما سلا هيهات يسلو «الفولنا».. وهذه الكلمة الاخيرة المقصود بها «الفول» وقد اقتضت ضرورة عدم العبث بقافية البيت الشعري لإيليا ابو ماضي في رائعته «وطن النجوم»، إضافة «نا» في آخرها.. باختصار فقد ظل الفول عنصرا ثابتا في حياتي، على الرغم من انني اعرف انه مخدر حميد لأنه يسبب لي النعاس فور أكله، وياما ضربوني في المدرسة لأنني نمت خلال الحصة الثالثة لأنني فطرت بالفول في الفسحة التي تعقب الحصة الثانية، وأعرف أيضا أنه ينبغي لمن يأكل الفول أن يبتعد عن الناس طلبا للستر وحماية للبيئة، إلى أن يهدأ مصرانه الأعور الذي يصاب بحالة هيجان، ويتقمص دور شرطة مكافحة الشغب فيطلق الغازات على بقية أعضاء الجهاز الهضمي بل ويضغط على الرئة فيوهم المتفوّل، أي من أكل الفول، بأنه يعاني مرض القلب، وبالنسبة إلى أبناء جيلي من السودانيين فإن العدس يحتل المرتبة الثانية بعد الفول في قائمة الأطعمة المفضلة، لأن الحكومة كانت تطعمنا فولا وعدسا طوال مراحل الدراسة في الفطور والعشاء - عندما كانت لدينا حكومات قادرة على إعاشة المواطنين - والمعروف عن العدس انه من فصيلة الخرسانة، فإذا هبط في البطن تحس بأنك تحمل جنينا في شهره السابع، ويعني هذا أن من يأكل العدس لا يحس بالجوع مدة 18 ساعة!! وأذكر انني على عهد الدراسة في جامعة الخرطوم - وكانت على أيامنا توأم كيمبريدج فعلا لا مجازا - كنت على استعداد للتضحية بثلاث محاضرات حتى لا تفوتني وجبة الغداء يوم الأربعاء لأنه كان يوم الفاصوليا البيضاء تعقبه تحلية بالباسطة، وهي ما يسميها غيرنا «بقلاوة»، وبداهة فإن قولوني الذي نال به العديد من الأطباء درجات علمية رفيعة لا يتحمل الفاصوليا لأنها تسبب له أشياء أستحي أن أذكرها، ولكنني أتوكل على الله وأتعاطى الفاصوليا بنهم ثم أتناول بضعة اقراص من الدسبتالين او الأساكول لأطيب خاطر قولوني كي لا يفضحني! والفول والعدس والفاصوليا تنتمي إلى البقوليات، وقد أكدت بحوث علمية على نحو قاطع أن تناول البقوليات يكسب الانسان مناعة ضد مرض الزهايمر، ومن أخطر علامات هذا المرض الخرف والعته وفقدان الذاكرة، ولأنني اتعاطى البقوليات بكميات تجارية فإن هذا يفسر لماذا تخلو مقالاتي من التخاريف وتبدو في منتهى الرصانة والتعقل!! فعليكم بالفول وأخواته لأنه يقلل من تركيزات مادة الهوموسيستين في الجسم ويكفل بذلك الحصانة ضد الزهايمر! ويقال إن رجلا أمريكيا ذهب بزوجته الى الطبيب، لأنها تعاني أعراضا غريبة، وشك الطبيب في أنها مصابة إما بالإيدز وإما بالخرف وفقدان الذاكرة الناجم عن متلازمة الزهايمر، فانتحى بالزوج جانبا وقال له: خذها الى مكان يقع خارج المدينة واتركها هناك،.. وإذا تمكنت من العودة الى البيت فاهجرها في الفراش!! مساكين الغربيون لا يعرفون سر الفول ويطعمونه لحصينهم، ويفسر هذا لماذا لديهم حصين جميلة وتعرف واجباتها، بينما قادة بلد مثل أمريكا مصابون بالخرف واختلال الذاكرة ولا يتعلمون من أخطاء أسلافهم شيئا.. ويا ما نصحت الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش: عليك بالفول يا بشبش، لأن في اجتماع الفول ب«الفول» loof محصلة ايجابية، لأن «ناقص ناقص» يساوي «زائد».. ولكنه تجاهل الفول المدمس وبقي فولا كبيرا loof gib. [email protected]