قال الإمام القرطبي رحمه الله:الإيثار هو تقديم الغير على النفس وحظوظها الدنيوية ،رغبة في الحظوظ الدينية، وذلك ينشأ عن قوة اليقين وتوكيد المحبة، والصبر على المشقة. قال تعالى [والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون]وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فبعث إلى نسائه فقلن:مامعنا إلا الماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {من يضيف هذا؟}فقال رجل من الأنصار:أنا، فانطلق به إلى امرأته فقال:أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت:ما عندنا إلا قوت صبياني، فقال:هيئي طعامك وأصبحي سراجك ونومي صبيانكأي علليهم بشيءإذا أرادوا عشاءا، فهيأت طعاما وأصبحت سراجها ونومت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما أصبح غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال {ضحك الله الليلة -أو عجب من فعالكما-فأنزل الله تعالى [ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون]وقال الغزالي رحمه الله في الإحياء:"والإيثار أعلى درجات السخاء" ،،والإيثار طريق موصل إلى محبة الله ورضوانه ،به حصول الألفة والمحبة بين الناس والإيثار دليل علو الهمة، وصدق العزيمة، وأعلى درجاته تقديم محبوب الله على محبوب النفس والغير، وإذا بلغ العبد ذلك المبلغ هان عليه ما سواه، ولقد أحسن من قال:فليتك تحلو والحياة مريرة/وليتك ترضى والأنام غضاب،،،،وليت الذي بيني وبينك عامر/وبيني وبين العالمين خراب إذا صح منك الود فالكل هين/وكل الذي فوق التراب تراب . الأثرةقال النووي رحمه الله : "الأثرة هي الإنفراد بالشيء عمن له فيه حق "،وقال ابن القيم رحمه الله في تعريفها:"هي استئثاره عن أخيه بما هو محتاج إليه"، وقال أيضا:الفرق بين الإيثار والأثرة ، أن الإيثار تخصيص الغير بما تريده لنفسك، والأثرة اختصاصك به على الغير".قال الله تعالى في إيثار الحياة الدنيا على الآخرة [فأما من طغى، وءاثر الحياة الدنيا، فإن الجحيم هي المأوى] وعن أسيد بن حضير رضي الله عنه أن رجلا خلا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:ألا تستعملني أي تولينيكما استعملت فلانا؟فقال {إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض} وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {ستكون أثرة وأمور تنكرونها}قالوا:يا رسول الله فما تأمرنا؟قال {تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم}وعن كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه} الأثرة خلق مذموم يبعث على الإتصاف بدنيء الأقوال والأفعال وسائر التصرفات ،والحامل عليه إنما هو حب الذات والإلتفاف حول مطالبها فقط، ولقد أساء صاحب هذا الخلق الصنيع وخانته التقديرات، فهو وإن حاز لنفسه شيئا فقد فاتته أشياء ،وإن حقق لها مطلبا فقد فاتته أسمى المطالب، فهو في دنياه بين الناس مذموم ، وفي الآخرة من الجنة محروم ، اللهم حلنا وجملنا بجميل الخصال والصفات ،،اللهم آمين. هنادي محمد عبد المجيد [email protected]