لو كان لهم مثقال ذرة من فضيلته، لإعتذر صناع نيفاشا للشعب السوداني ثم لغادروا سوح العمل العام يوم توقيعهم على تلك الإتفاقية، ولكن للأسف فضيلة الإعتذار عن الخطأ أندر من لبن الطير في السياسة السودانية..فالإتفاقية أيها الأفاضل لم تفصل الجنوب عن الشمال فحسب، وليتها إكتفت بذلك وقررت هذا الفصل في ذاك المنتجع الكيني بلا أية فترة تشاكس أو إستفتاء.. ولكنها بجانب ذلك، حملت الإتفاقية من النصوص ما هي أخطر من القنابل التي قد تؤدي الى فصل جزء من الشمال عن الجزء الآخر من الشمال ذاته، هذا ما لم تنتبه النخب السياسية بمختلف ألوان طيفها السياسي لمخاطر تلك النصوص المغلفة بالقنابل..نعم الإنتباه لتلك المخاطر مسؤولية كل النخب، الحاكمة والمعارضة،فالوطن حين يمر بمنعطف كهذا ليست من الحكمة ولا الوطنية تصنيف ساسته إلى (هذا حاكم ويجب أن يتحمل مسؤولية ما يحدث) و( ذاك معارض لايتحمل مسؤولية ما يحدث)، إذ سواسية - الحاكم بنهجه الخاطئ والمعارض بعجزه عن التغيير أوالإصلاح - أمام حكم التاريخ والأجيال القادمة حين يتبعثر الوطن..!! ** لم يسأل نائب الرئيس والوفد الإستشاري - المرافق له بنيفاشا - أنفسهم أسئلة من شاكلة : ماذا يعني قرنق بإلزام الحكومة بمنح حق المشورة الشعبية لولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ؟..ماعلاقة النيل الأزرق وجنوب كردفان بالجنوب وزعيم حركته، لتجدا حيزا خطيرا كهذا في هذه الإتفاقية؟..فالنيل الأزرق ليست بولاية جنوبية، ولاجنوب كردفان، فكيف نجح قرنق في إقناع نائب الرئيس ووفده الإستشاري، بحيث يمنحوا النيل الأزرق وجنوب كردفان نصا لايختلف كثيرا عن نص حق تقرير المصير الذي منحوه للجنوب؟..ثم ماذا يعني مصطلح (المشورة الشعبية)؟..وهب أن أهل ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان قالوا بالإجماع ( ما تم تنفيذه لم يرضنا)، ماذا لو أجمعوا على ذلك؟..أي ثم ماذا بعد ؟، في حال أن يرفض الاهل بجنوب كردفان والنيل الأزرق نتائج وحصاد هذه الإتفاقية ؟..ليست هناك إجابة واضحة في دفتر نيفاشا على هذا السؤال، وكذلك ليست هناك إجابة قاطعة على ألسنة صناع نيفاشا غير ( الصمت أو الهمهمة)..!! ** وهكذا كل نصوص نيفاشا ذات الصلة بالشمال، بحيث غموضها أعمق من الغموض ذاته، والقنابل لا تتفجر إلا من غموض النصوص..ولاننسى نص أبيي الذي فوضوا أمر حسم قضيته لخبراء أجانب، ثم وقعوا على ورقة بيضاء محتواها (الحسم الأجنبي المرتقب)، وحين حسم الخبراء أمر أبيي، قلب صناع نيفاشا لتوقيعاتهم تلك ظهر المجن بتبرير فحواه ( الخبراء اتجاوزا صلاحياتهم)، أوهكذا فجروا قنبلة أبيي التي وضعوها بأنفسهم في لحظة لم يستشعروا فيها مخاطر أن تسلم أجنبيا (شيك على بياض)..والمشورة الشعبية - ومآلاتها المرتقبة - أيضا بمثابة (نص فضفاض ) يقرأه أي عقل كما يشاء ويشتهي، ولذلك ترأءت تلك المشورة لمالك عقار في ثياب (الحكم الذاتي)، ولعبد العزيز الحلو في (ثوب الإنفصال)، وللسواد الأعظم في ثوب مشورة قد تفضي إلى أية قنبلة قابلة للإنفجار، وهذا مايحدث حاليا.. رضخ النائب ووفده - وحكومتهم - لرغبة قرنق في أهمية مكأفأة عقار والحلو وتلفون كوكو، ولا أدري كيف فات على قرنق عدم إدراج ولايتي (الجزيرة ونهر النيل ) في برتكول المشورة الشعبية ؟، أى لماذا لم يكافئ ياسر عرمان والواثق كمير ومنصور خالد، كما كافأ الحلو وعقار وتلفون؟..ولو فعل ذلك، لما إعترض صناع نيفاشا الذين كانوا يفصلون النصوص في مقاس (الحكم الثنائي)، ويفاوضون تحت وطأة هم ( بقاء سلطتهم)، وماضرهم بعد ذلك أن يتمزق الوطن أويحترق المواطن..إنها اللامسؤولية وقصر النظر وإختزال قضايا البلاد الكبرى في الأجندة السلطوية..ومع ذلك، لايزال مندور المهدي يختزل كل الأزمة في شخوص عقار وعرمان والحلو، ويصفهم برؤوس الفنتة..حسنا، فليكن هؤلاء رؤوس الفتنة، ولكن ماذا عن رؤوسكم التي وضعت البنية التحتية للفتنة، والمسماة - زورا وبهتانا - بإتفاقية سلام، وما هي إلا بإتفاقية حرب تلو الأخرى.. كل صناع نيفاشا - وليس عقار وعرمان والحلو فقط - هم (أس الفتنة)، فليعتذروا ويعتزلوا ..!! إليكم - السوداني [email protected]