بفضل من الله استطعت وأسرتي أداء فريضة العمرة خلال الشهر الفضيل دون مشقة وعنت ,وذلك يرجع لسبب واحد فقط هو أننا لم نكن ضمن الفوج المعتمر القادم من الخرطوم ضمن الرحلات التي تنظمها الجهة الحكومية المسؤولة عن الحج والعمرة في السودان.ما جعلني أستشعر متعة العبادة واستخلاص الحكمة من أداء فريضة العمرة خلال رمضان, الا أن غيري من أهل السودان ممن تكبد المشاق المادية والمعنوية للحصول على هذه المنحة الربانية لم يكد يستشعر هذه النعمة ,لأن القادمين من السودان للأراضي المقدسة وصلوا منهكين وكان جل أملهم أن يجدوا بعض الراحة المستحقة المدفوعة الأجر مسبقا, الا أن آمالهم ضاعت أدراج الرياح ,بعد أن عبروا البحر الأحمر بأمياله الطويلة وجدوا أن عليهم أن يقطعوا أميالا أخرى من والى الحرمين الشريفين (سيرا على الأقدام)نعم سيرا على الأقدام!تكررت ملاحظتي للسيدات السودانيات داخل الحرمين وهن منهكات تعبات لدرجة أن الواحدة منهن لا تستطيع أن تكمل الركعات وهي وافقة, بل أن بعضهن يتركن الصلاة بأكملها وينطرحن أرضا من الانهاك ثم يغطون في نوم عميق(أثناء أداء الصلوات)وكنت أتعجب من هذا المنظر!الى أن قادني الله لأرى بأم عيني مقر سكن البعثة السودانية للحج والعمرة,حيث يقع خارج نطاق الحرمين الشريفين في مكة والمدينة على السواء على بعد ما يقارب العشرة كيلو متر,يقطعها الحاج أو المعتمر السوداني مشيا على الأقدام,وذلك لضيق ذات اليد,لأن أقل مبلغ يمكن أن تستأجر به تاكسي للوصول للحرم لا تقل أجرته لهذا المشوار عن أربعين ريال وبالذات في موسم رمضان أو الحج, ومن المستحيل أن يدفع مثل هذا المبلغ مقيما في البلد فما حال الغلابة المنهكين الذين يدفعون دماء قلوبهم في السودان لأداء الفريضة!ثم بعد أن يتكبد المعتمر كل هذه المشاق للوصول الى الحرم ومن الحرم لمقر البعثة وتنتهي رحلته ويحين موعد العودة,يحين موعد تجرعه للذل بافتراش أرض مدينة الحجاج بجدة عدة ليالي يمكن أن تمتد الى أسبوع انتظارا للرحلات المتأخرة عن موعدها المضروب ,ومن يحالفه الحظ تقلع طائرته بعد انتظار اثنتا عشر ساعة بالتمام والكمال وأيضا مفترشا الأرض! الى متى هذا الذل ؟ متى سنحصل على أشياءنا بعزة الأنفس؟ ألا توجد ذرة تقدير لكبار السن والمرضى والأطفال والنساء؟ حتى متى يظل الانسان السوداني بلا قيمة؟ هنادي محمد عبد المجيد [email protected]