«عبدو» عندما يتلبس حالة معينة أو يدخل في تبني شخصية تمليها عليه ظروف وطبيعة عملها يكون فيها النموذج الأمثل «تبكلي».. وهذه الأيام «عبدو» يجسد شخصية الرجل الصنديد الذي لا يشق له غبار ولا يستطيع أن يأخذ عليه أحد أي مآخذ.. فقد تقلد مسؤولية وظيفة مرموقة بالمدينة تحتم عليه أن يكون جاد الملامح صارم القسمات لا يبدي أي إحساس مهما غلبه وبينما هو في ذلك «النيو لوك»، دائماً ما تمور دواخله عكس ما يظهره.. فإن جاءت كلماته قائلة بصوت جهور «نعدكم بتنفيذ خطة طموحة لترقية وتطوير خدمات المنطقة، لأن ذلك أبسط ما يجب أن نقوم به خلال الستة شهور القادمة ولكم أن تتخيلوا ما ستكون عليه المنطقة بعد ستة شهور ويوم».. في ذات اللحظات يخاطب دواخله بصوت خفي «يا حليلكم يا راجيني أعمر ليكم مدينتكم في ست شهور.. غيري كان أشطر انتو مواهيم ولا شنو.. غايتو أقعدوا اسمعوا الكلام دا وأدوه البحر كان لقيتو ليهو فرقة في البحر».. ليواصل خطابه بالصوت الجهور «الإخوة المواطنون الأعزاء.. نعدكم بأن تكون الأيام المقبلة كتلة نشاط تنتظم المدينة وتجعلها خلية نحل والشواهد على ذلك ستكون بليغة بمعية أخوانا في التخصصات الأخرى سنعمل سوياً حتى تكون مدينتكم مدينة عالمية ونصل بها مرحلة التوأمة مع العواصم والمدن الكبرى..» ليصفق الحضور في حالة أشبه بهستيريا التصديق والتكذيب و «عبدو» يواصل مخاطبته لنفسه سراً «عاين ديل بالله مصدقين الكلام قال.. مدن شنو وعواصم شنو الدايرين يعملوا كتفهم بكتفها غايتو.. لكن.. عيا شديد.. شديد.. حليلكم زي القرعة في وش الموية.. هوا يوديها وهوا يجيبها..». بعد ذلك يعود إلى المنزل وعندما يخلد للراحة واللحظات الحميمة يخاطب «المدام» بذات الطريقة هامساً «عزيزتي الغالية كل لحظة انتي في بالي ومتين أقول الشغل يخلص وأرجع ليك ولمؤانستك الظريفة» والمدام تمارس التبسم والسعادة بينما «عبدو» يوانس دواخله بصوت كاتم «شوف العويرة دي.. أنا طاشي من البيت دا من منو؟.. ما منها هي.. قال متين أرجع البيت قال.. الواحد ما بيصدق يفكوه ويقول يا فكيك.. ينطط زي القرد يباري الاجتماعات دي عشان ما يرجع قوام للمدام».. فتجد المدام نفسها في موضع الاهتمام ومركز الكون وتظن أنها المحور الذي يدور حوله فلك «عبدو» فتتجرأ قائلة «يا عبدو.. عايزة أعمل عدسات وميج وحنة.. يعني نيو لوك.. عشان يقول مرة عبدو حلوة خالص» وليخارج عبدو نفسه من تكاليف هذه الطلبات يجد سريعاً المخرج والحيلة «يا حبيبة انتي كده أحلى مره في الكون في نظري.. انتي النيو لوك عاملة لي أنا ولا للناس.. أكان لي أنا.. انتي عاجبني كده..» فتحمر وتخضر خدودها وتتلون وجناتها ويعود لمحادثة نفسه «شوف بالله كمان دايرة تودر لي قروشي الجاري النهار كلو في لمها في عدشات وميج وحنة.. والله أكان ركبوهن ليك جد جد ياكي الزينبية لا زايدة ولا ناقصة انتي قايلة نفسك سحر ولا نانسي ولا ميمان.. شوف المرة الأذية دي».. آخر الكلام: المسكين عبدو مطالب بأن لا يبدي أي إحساس حقيقي فقط عليه أن يكبت صوت «عبدو» الداخلي ليتكلم «عبدو» المسؤول عبدو زوج الزينبية.. ويا حليلك يا عبدو حاذر انفصام الشخصية وخليك مع الإحساس الظاهر.. مع محبتي للجميع.. سياج - آخر لحظة [email protected]